الغناء على مواقع التواصل.. إستغناء عن لجان التحكيم والإنتاج
المنافسة في مجال الغناء لم تعد تقتصر على إصدار الألبومات، أو تصوير الكليبات، أو التعاقد مع شركات إنتاج، أو المشاركة في برامج الهواة، أو الدفع لوسائل الإعلام بكلفة عالية لبث وإذاعة الأعمال الغنائية، والسبب أنّ سوق الموسيقى أصبح في عوالم إفتراضية. وبالتوازي مع ذلك يبدو لافتاً الإقبال على مواقع التواصل لتحقيق النجاح التجاري وليس الإبداعي. طرحنا هذا السؤال: هل أصبح الغناء على مواقع التواصل أهم من المشاركة في برامج الهواة، خصوصاً لناحية تحقيق شهرة سريعة، بالإضافة إلى الغناء بشكل مباشر ومن دون وسيط؟، وكانت الآراء صائبة لأنّنا استطلعناها من أصحاب الخبرة في مجالي الفن والإعلام.
*سمير صفير فنّان ومؤلّف موسيقي: مشكلة برامج الهواة أنّها كانت تهتم بأرباحها من التصويت، ولم تكن تهتم بالمواهب الناجحة بعد انتهاء كل موسم من هذه البرامج، يعني لم يكن هناك مطبخاً فنياً يتابع المواهب ويكمل مسيرتها الفنية. وحتى شركات الإنتاج أصبحت في خبر كان بسبب أنّ من كان يديرها ويشرف عليها، لم يكن لديه الحسّ الفني. أيضاً وسائل الإعلام من تلفزيونات وإذاعات أصبحت مكلفة كثيراً لناحية نشر عمل غنائي، واليوم بوجود اليوتيوب والتيكتوك والسوشيال ميديا أصبح الأمر أسهل وأكثر إنتشاراً، وأكثر ربحا، وكل المطلوب هو عمل فني ناجح ويعجب الناس. زمن الـ CD والأسطوانة قد ذهب، واليوم نحن في عصر السوشيال ميديا، منها الجيّد ومنها العاطل! الجيّد ينتشر ويحقّق أرباحاً، والعاطل يذهب مع الريح، وأهم ما في الأمر أنّ حقوق الملكية الفكرية محفوظة أكثر على السوشيال ميديا وخصوصاً في العالم العربي.
*زافين قيومجيان إعلامي وكاتب وأستاذ جامعي: الرائج اليوم هو الغناء المستقل على شبكات التواصل، ومن دون الحاجة إلى لجنة تحكيم أو ميزانية إنتاج. يقتصر الأمر على وضع الموسيقى من خلال الكومبيوتر ومن ثم الغناء، وممكن تحقيق النجاح وجني الأموال ولفت أنظار شركات الإنتاج. وأعتبر أنّ التطوّر الأبرز هو عدم وجود تكامل، بمعنى أنّه صار لدينا عالمين مستقلين لا يلتقيان وهما: مواقع التواصل، والتلفزيون التقليدي، حيث صار يمكن تحقيق الشهرة في كل عالم منهما ومن خلالهما.
*ألين لحود فنّانة وممثّلة: مواقع التواصل أسهل للإنتشار وأسرع، ولكنّها ليست أهم. البعض يغنّون «شو ما كان، وعم يوصلوا»، لا أصوات ولا محتوى جيّد. وبالنسبة إليّ أعتبر أنّ الغناء بشكل مباشر ومن دون وسيط هو الأهم، ولكن مع الأسف ربما تراجع هذا الأمر بسبب عدم توفّر المواهب، ومن لديه صوت جميل لا يملك أساساً الأمل بالدخول إلى هذا المجال.
*بونيتا سعادة فنّانة ونجمة كوميدية: حالياً هناك موجة التيك توك ويوتيوب، وهي رائجة أكثر من برامج الهواة التي تعتمد على لجان التحكيم. مثلاً أنا سمعت عن برنامج الهواة الذي تشارك الفنانة أحلام في لجنة تحكيمه مع زميلتها أصالة، وتابعت التعليقات على أزيائهما وتصريحاتهما حول المشتركين من خلال تيك توك فقط. وبالمقابل لم نهتم بسماع أصوات المشتركين أو التعرّف على مواهبهم. وبرأيي أيضاً أنّ بعض البرامج التلفزيونية في لبنان خفتت رهجتها، ويتوجّب إعتماد تغيير، أو تقديم أنواع أخرى من البرامج حتى تحظى بالمتابعة.
*رنا أسطيح صحافية ومقدّمة برامج: طبعاً هناك فوضى كبيرة على مواقع التواصل، حيث نتابع مضموناً دون المستوى في كثير من الأحيان لأنّ هذه المواقع مُتاحة للجميع سواء كانوا موهوبين أم دخلاء. ولكن في المقابل لا شك أنّ هذه المواقع وفّرت فرصاً ثمينة جداً للموهوبين، حيث أغلقت شركات الإنتاج أو البرامج الأبواب في وجوههم، وباتوا من خلال فيديو صغير وبتكلفة شبه معدومة، قادرين على مخاطبة جمهور واسع. أما برامج المواهب فقد انحسر تأثيرها في السنوات الأخيرة بشكل يهدّد وجودها والغاية منها، وذلك بوجود منصّات مثل تيك توك وغيرها، والتي أثبتت أنّها باتت الرافعة الجديدة لعدد كبير من المواهب، لاسيما أنّ برامج الهواة فشلت في صناعة نجوم يستطيعون خرق الصفوف الأمامية في المشهد الغنائي العربي مع بعض الإستثناءات، وذلك رغم روعة وعدد الأصوات الإستثنائية التي تابعناها في هذه البرامج وإمكانياتها الكبيرة. أما الإستثناءات فجاءت على صعيد المواهب التي وجدت جهة إنتاجية حاضنة، وكان لديها الاصرار على الإستمرارية، كما هي الحال مع جوزيف عطية وملحم زين وناصيف زيتون الذين أثبتوا أنّ النجومية هي معادلة تتحقّق بالموهبة، وتقترن بالإستمرارية والخيارات الفنية الصائبة.
فدوى الرفاعي