تدهور العقل والحكمة عند الزعماء
كتب عوني الكعكي:
لم أصدّق عندما قرأت تصريحاً للدكتور سمير جعجع يدعو فيه الحكومة الى العودة عن قرار إبقاء الساعة كما هي اليوم وعدم تقديمها يوم السبت أي اليوم حيث جرت العادة أن يكون هناك توقيت صيفي وتوقيت شتوي.
اما بالنسبة للتوقيت الصيفي فإنّ موعد التغيير يكون في آخر سبت من آذار… وبعد التداول بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب تم الاتفاق إكراماً لهذا الشهر الفضيل، وإكراماً للصائمين أن يمدّد موعد التوقيت الصيفي شهراً واحداً.
وهكذا حصل، إذ بعد تداول الرئيسين بري وميقاتي، اجتمع رئيس الحكومة مع بعض الوزراء وجرى الاتفاق على إبقاء التوقيت على حاله حتى انتهاء شهر رمضان.
بالعودة الى التحذير الذي وجهه قائد «القوات اللبنانية» كي تتراجع الحكومة عن قرارها، أرى ان هناك انحداراً كبيراً عند مسؤول كبير، كنت أظن يوماً ان ما يشغل باله هو إسرائيل وسلاح المقاومة الذي يقوّض أركان الدولة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعدما مضى 156 يوماً بدون رئيس وتشكيل حكومة جديدة، والاهتمام بالوضعين الاقتصادي والمالي.. وهناك الكثير الكثير من الأولويات التي يحتاجها الوطن في هذه الظروف.
أظن ان د. جعجع يعلم أين أصبح المستوى المعيشي عند اللبنانيين ويعلم أيضاً ان الجامعات والمدارس تعاني الأمرين، ويعرف أيضاً ان المستشفيات أيضاً تختنق وأنّ عدداً كبيراً من الطاقم الطبّي أصبح خارج الوطن.
كنت أظن ان الدكتور جعجع عنده حل لتدهور وانهيار العملة اللبنانية.. وأسأل د. جعجع كم أصبح ثمن صفيحة البنزين، وكم هو سعر صرف الدولار؟ والكثير الكثير من الاسئلة عن الحياة المعيشية وعن وضع الشعب اللبناني ومعاناته.
لا أقول هذا الكلام فقط للدكتور جعجع، بل هناك من هو أسوأ في المواقف من جعجع.. أعني هنا «الطفل المعجزة» الذي دمّر البلاد والعباد، والذي أهدر 65 مليار دولار على الكهرباء، حيث وصلنا في عهده الميمون الى «صفر كهرباء». والأنكى ان طموحه في السيطرة على القطاع المصرفي هو الذي دفعه لاتخاذ قرار بالامتناع عن سداد «اليورو بوند» الذي أدّى الى انهيار سمعة لبنان وصدقيّة البنوك اللبنانية، عن طريق أفشل رئيس حكومة بتاريخ لبنان يومذاك حسان دياب، وكانت الخطة القضاء على القطاع المصرفي وإنشاء قطاع جديد من 5 بنوك برأسمال 5 مليارات دولار، ما يعني شراء القطاع المصرفي بـ5 مليارات، الذي كان مجموع ودائعه 200 مليار دولار.
وللأسف الشديد فإنّ حزب الكتائب أيضاً التقى مع «حزب القوات» ومع التيار الوطني الحر على معارضة تمديد العمل بالتوقيت الصيفي وكأنه موضوع طائفي ديني محض.
على كل حال، القافلة تسير ولا عودة عن قرار الحكومة.. والأهم، ما زلت مستغرباً كيف يمكن أن تُدار البلاد بهذه العقلية السخيفة.
ويبدو أنّ هذه العدوى قد أصابت الفريق الآخر، إذ ان إضافة اسم «ليسيه» الى جانب اسم «ام المؤمنين خديجة»، زوجة الرسول الأولى أقامت الدنيا ولم تقعدها، بالرغم من ان رئيس جمعية المقاصد الدكتور فيصل سنو ومعه مجلس الأمناء قد أوضح في بيان رسمي تصحيح الخطأ الاداري في الواقعة وجلب كتاباً من وزير التعليم بهذا الخصوص، ولكن يبدو ان نجاح رئيس الجمعية والارتقاء بمدارس المقاصد من مستوى عادي الى مستوى تنافسي… هذا النجاح أصاب الكثيرين من الطامحين والفاشلين الذين اعتادوا على الفشل ودفعهم للانتقام من نجاح رئيس الجمعية ونجاح المقاصد لا في المدارس فقط، بل في أن يصبح مستشفى المقاصد منافساً لمستشفى الجامعة الاميركية الذي تدعمه أميركا… هذا النجاح الثاني أصاب غرور وعقل الذين لم يستطيعوا أن ينجحوا في أمكنة أقل من ذلك.
أقول للدكتور فيصل سنو إنّ أعمالك ونجاحاتك دخلت التاريخ، ولا يمكن لأحد أن يصل الى ما وصلت إليه.
أخيراً، كنت أتمنى أن تكون تلك الأصوات التي ترتفع ضد الناجحين لديها الجرأة للتصدّي للسلاح الذي دمّر البلد ولا يزال، ولا أحد يتجرّأ حتى على الانتقاد.. وآسف أن نكون قد وصلنا الى هذا الدرك.