الراعي في قداس على نية فرنسا: نحن على حافة الهاوية
غريو: لبنان على مفترق طريق بين النور والظلمة
ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعين، في الصرح البطريركي في بكركي، القداس السنوي التقليدي الذي يقام على نية فرنسا يوم اثنين الفصح، في حضور السفيرة الفرنسية آن غريو والبعثة الديبلوماسية في السفارة.
وألقى الراعي بعد قراءة نص من الإنجيل عظة ، مما قال فيها : كونوا على ثقة بان الإقتصاد ليس هو من سينقذ العالم وانما خلاص العالم يأتي من قيم الحب والتضامن والعدالة التي وحدها تعطي القيمة لحياتنا. ونحن نعلم جيدا كم ان فرنسا تعمل من اجل السلام في اوروبا وفي منطقتنا الممزقة وكيف انها تستجيب لعهد معموديتها. نحن نصلي على نيتها لكي تبقى رأس حربة في كل معركة من اجل الحرية وحقوق الإنسان والشعوب على الأرض. ولنصلي من اجل لبنان سائلين الله نعمة ان ينبعث وطننا من جديد من تحت الرماد وان يجد دوره في المنطقة وفي العالم».
وبعد القداس أقام البطريرك مأدبة غداء على شرف السفيرة الفرنسية وأركان السفارة، وألقى كلمة ، كرر فيها» شكرنا وامتناننا لما تبذلونه من جهود متواصلة في مهمتكم التي اولاكم اياها فخامة الرئيس ايمانويل ماكرون للوقوف الى جانب لبنان في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها ودعمه له حتى يستعيد حياته الطبيعية ويجد مكانه الخاص في المحافل الدولية (…)».
أضاف :(…) لبنان الذي هو استثناء في المنطقة عاش حياة صعبة في محيط غلبت فيه الديكتاتوريات العسكرية والأصولية التي نبتت في الدول المجاورة. ان غياب حل للمشكلة الفلسطينية ووجود خمسمائة الف لاجئ فلسطيني على ارضه وعدم عودة نحو مليوني وثلاثمائة الف نازح سوري الى بلده هددوا امله بالعيش بسلام وتطور نموذجه الانساني في الحوار والمصالحة. حتى انه لم يعد يحكم بسبب عدم تطبيق اتفاق الطائف(1989) نصا وروحا. شعبه ادرك ان الوحدة الداخلية تسير نحو الإنقسام. فبلد غير محكوم يتحول وبسهولة الى بلد غير مضبوط وبالتالي الى بلد مسلوب مهدد بالانهيار».
وقال: «اليوم نحن على حافة الهاوية وحتى اننا في عمق بئر يطلب فيه الشعب الخلاص. وعلى الرغم من ذلك فاننا لا نفقد الأمل. نحلم ببناء هذا الوطن وعلينا ان نبقى كما قال Saint Exupery اصحاب عزيمة لنكون من الرابحين. فنحن لسنا لوحدنا في مواجهة هذا التحدي فاصدقاؤنا معنا وفي المقام الاول فرنسا الصديقة الى الأبد. ويجب الإعتراف ايضا بان المشكلة اللبنانية مرتبطة بالمنطقة. فالصراعات في الشرق الأوسط تؤثر بقوة على لبنان. اولها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يظهر وكأنه قد وجد حلا في عدد من دول المنطقة بينما يشهد تصعيدا في باقي الدول ولبنان عالق بين هذين الإتجاهين (…)».
أضاف: (…) «واذا اردنا ايجاد حل مستديم للبنان علينا العمل من اجل شرق اوسط متصالح ينظر الى المستقبل. وهكذا نقرأ جهود فرنسا في هذا الإطار فهي تعمل على مساعدة لبنان والمنطقة لإيجاد ركائز سلام قوية ودائمة (…). لبنان اعتمد تجربة الإنفتاح منذ قرون والمسؤولون الروحيون المسلمون ابدوا رغبتهم بتقدم الحوار مع المسيحيين وبملء الثقة بالنجاح. وهنا نرى في هذا التقارب التزاما بمستقبل افضل للمنطقة (…)».
غريو: وردت غريو بكلمة عبرت فيها عن شكرها لتقديم الذبيحة الإلهية على نية فرنسا ونقلت الى البطريرك تحية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وقالت: «على اللبنانيين ان يتمسكوا بالأمل وعدم الخوف على غرار رسل المسيح حتى يصلوا الى الخلاص، والخوف الذي يشعرون به جراء عدم تحمل المسؤولين فيه لمسؤولياتهم الوطنية في ايجاد حل للازمة الإقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان والتي لا نهاية لها ووسط تعطيل عمل المؤسسات، يضعف لبنان اكثر واكثر ويفقده دوره الأساسي في المنطقة (…)».
وختمت غريو: «نحن فخورون بتعاوننا هذا مع لبنان (…)لطالما كان لبنان مصدر نور لهذا الشرق وهو على غرار الملح ان فسد فاي شيء يملحه. انه على مفترق طريق بين النور والظلمة وانتم روح ومصدر هذا النور الذي تدعون اليه بالحوار الذي يشكل هوية لبنان الأولى (…)».