«وثيقة استسلام» «مؤلمة».. وقف إطلاق نار بين أرمينيا وأذربيجان وروسيا تنشر قواتها لحفظ السلام
روسيا تنشر قواتها في ناغورني كاراباخ عقب اتفاق لوقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان، وصفه الرئيس الأذربيجاني بأنه “استسلاماً” ونظيره الأرميني “مؤلماً”، واحتجاجات في يريفان لما اعتبر “تكريس لمكاسب أذربيجان”.
وصف رئيس أذربيجان إلهام علييف فجر الثلاثاء (10 فبراير/ تشرين الثاني 2020)، الاتفاق الذي أبرمته بلاده مع أرمينيا بوساطة روسية لوقف إطلاق النار في إقليم ناغورني كاراباخ هو “وثيقة استسلام” أُرغمت يريفان على توقيعها بعد ستّة أسابيع من المعارك.
وقال علييف في خطاب عبر التلفزيون “لقد أجبرناه (رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان) على توقيع الوثيقة، إنها بالأساس وثيقة استسلام”.
وأضاف “لقد قلت إنّنا سنطردهم (الأرمينيين) من أراضينا طرد الكلاب، وقد فعلنا”. ونعت علييف رئيس الوزراء الأرميني بـ”الجبان” لأنّه لم يوقّع الاتّفاق أمام عدسات وسائل الإعلام.
وقال باشينيان في بيان على صفحته في موقع فيسبوك “لقد وقّعت إعلاناً مع الرئيسين الروسي والأذربيجاني لإنهاء الحرب في كاراباخ”، واصفاً هذه الخطوة بأنّها “مؤلمة بشكل لا يوصف، لي شخصياً كما لشعبنا”.
رعاية روسية
وقبل أن يعلق كل من رئيسي أرمينيا وأذربيجان، الموقعين عن الاتفاق، كان نظيرهما الروسي فلاديمير بوتين قد صرّح بالتوصل إلى اتّفاق على “وقف إطلاق نار شامل” في إقليم ناغورني كاراباخ دخل حيّز التنفيذ في الساعة 21:00 بتوقيت غرينتش من ليل الإثنين، من شأنه “تمهيد الطريق لتسوية سياسية دائمة للصراع هناك”.
وانتشرت بالفعل قوات حفظ السلام الروسية في منطقة ناغورني كاراباخ في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، بينما قالت وزارة الدفاع الروسية إنها بدأت إرسال 1960 جندياً في طريقهم إلى قاعدة جوية لم تذكر اسمها ليتم نقلهم جوا مع معداتهم وعرباتهم.
وعلى ضوء الاتفاق سيتم تبادل الأسرى والسماح بعودة النازحين من مناطق القتال. وأفادت وكالة الأسوشياتد برس ان هذا الاتفاق الذي تم توقيعه مع روسيا يدعو إلى نشر ما يقرب من 2000 جندي حفظ سلام روسي وتقديم تنازلات إقليمية.
وعطفاً على ذلك، ستصبح المنطقة ذات الغالبية الأرمينية والمعترف بها دولياً جزء من أذربيجان، رغم أنها، ولوقت قريب، كانت تخضع للسيطرة الكاملة للأرمن الذين صدّتهم القوات المسلحة الأذربيجانية في معارك عنيفة مستمرة منذ ستة أسابيع.
ويدعو الاتفاق القوات الأرمينية إلى تسليم السيطرة على بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها خارج حدود ناغورني كاراباخ ، بما في ذلك منطقة أغدام الشرقية. تحمل هذه المنطقة وزنًا رمزيًا قويًا لأذربيجان لأنها مدينة رئيسية، وتسمى أيضًا أغدام Agdam، والتي تعرضت للنهب التام، والمبنى الوحيد الذي بقي على حاله هو مسجد المدينة.
وسيقوم الأرمن بتسليم منطقة لاتشين Lachin التي تضم الطريق الرئيسي المؤدي إلى أرمينيا من ناغورنو كاراباخ. ويدعو الاتفاق إلى أن يظل الطريق، المعروف بإسم ممر لاتشين، مفتوحًا وأن تحميه قوات حفظ السلام الروسية.
وتنص الاتفاقية على إقامة خطوط نقل عبر أرمينيا تربط بين أذربيجان وناختشيفان Nakhcivan الذي تحيط به أرمينيا وإيران وتركيا.
أذربيجان تحافظ على مكاسبها
أثار وقف إطلاق النار احتفالات في باكو Baku، عاصمة أذربيجان ، حيث أطلقت السيارات والحافلات أبواقها فرحا وهتف الناس ولوحوا بعلم أذربيجان الوطني.
بالمقابل، عمّت احتجاجات عنيفة في يريفان عاصمة أرمينيا بعد إعلان رئيس الوزراء الأرميني توقيع الاتفاق الـ”مؤلم”.
وتقاطر آلاف من المتظاهرين الغاضبين إلى المقرّ الحكومي في يريفان، حيث تظاهر القسم الأكبر منهم خارج المقرّ في حين اقتحمه بضع مئات منهم وعاثوا خراباً في مكاتبه، ولا سيّما في إحدى قاعات مجلس الوزراء، وحطّموا زجاج عدد من نوافذه، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
وقامت الحشود المقتحمة للمباني الحكومية بنهبها طوال الليل بحسب ما أفادت وكالة رويترز. وصرخ الكثيرون ، “لن نتخلى عن أرضنا!” وقال المقتحمون للمبنى الحكومي الرئيسي إنهم يبحثون عن الباشيني الذي غادر بالفعل على ما يبدو.. بحسب ما أفادت الأسوشياتد برس.
وأطلق المتظاهرون هتافات مندّدة برئيس الوزراء من بينها “نيكول خائن”، معتبرين أن هذا الاتفاق “ما” هو إلا تكريس للمكاسب العسكرية التي حققتها أذربيجان خلال القتال.
وطالب البعض من المتظاهرين بإستقالة رئيس الوزراء.
وأتى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بُعيد إعلان القوات الأذربيجانية سيطرتها على مدينة شوشا الواقعة على بُعد 15 كيلومتراً من عاصمة الإقليم الانفصالي ستيباناكرت Stepanakert. يعتبر سقوط هذه المدينة الاستراتيجية نقطة تحوّل في الحرب كونها على الطريق الرابط بين الإقليم الانفصالي وراعيته أرمينيا.
وبموجب الاتفاق، ستحافظ أذربيجان على جميع مكاسبها من الأراضي، بما في ذلك شوشا، التي يسميها الأرمن شوشي، ويجب على قوات الأرمن تسليم السيطرة على عدد كبير من الأراضي الأخرى من الآن وحتى أول ديسمبر/ كانون الأول. وستبقى قوات حفظ السلام الروسية هناك لمدة خمس سنوات على الأقل.
وتقول أرمينيا إن أكثر من 1200 جندي أرمني قتلوا في الحرب ولم تعلن أذربيجان عن خسائرها.
منذ اندلاع القتال في 27 سبتمبر، تقول أذربيجان إنها استعادت الكثير من الأراضي في ناغورنو كاراباخ وحولها التي فقدتها في حرب 1991- 1994 والتي قُتل فيها ما يقدر بنحو 30 ألف شخص.
ومن المرجح أن يُنظر إلى الاتفاق على أنه مؤشر على أن روسيا لا تزال الحكَم الرئيسي في المنطقة التي تعتبرها ساحتها الخلفية، على الرغم من أن حجم التدخل التركي ظلّ غير واضح وأن اهتمام أنقرة بالمنطقة ازداد بشكل حاد. ودعمت تركيا أذربيجان بقوة بينما لدى روسيا اتفاق دفاعي مع أرمينيا وقاعدة عسكرية هناك.
AFP | Reuters | DPA | DW | AP