بو عاصي: منطق الثنائي الشيعي “ابتزازي” لجهة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية
أكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي ان “لقاءات السفير السعودي وليد البخاري مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وأطراف سياسية أخرى لا تحتمل التأويل، فهو لم يقم بجولة استطلاع او استماع لآراء، لأنه يدركها جيدا، بل أتى لنقل رسالة شفهية من “المملكة” للأطراف اللبنانيين مفادها، ما نكرره دائما، ان الشأن الرئاسي اللبناني امر سيادي يتعلق بالطبقة السياسية، وبالتالي “المملكة” لم ولن تتدخل فيه لا سلبا ولا إيجابا، وهذا تكريس لموقف حيادها في هذا الشأن، وقد اتخذت صفة المراقب والمحايد للعملية السياسية”.
وتمنّى بو عاصي، عبر “لبنان الحر”، لو ان “كل القوى الإقليمية والدولية تتخذ موقفا مماثلا”، أشار الى ان “التأثير الخارجي يتطلب القدرة والنية، و”السعودية” لها القدرة، ولكن لا نية لديها، اما ايران فتملك الأمرين معا، وزيارات عبداللهيان خير دليل، والجميع يعلم مدى قوة تأثير بلاده على حزب الله”.
أضاف: “الثنائي صوت بورقة بيضاء وعطل العملية الدستورية المؤسساتية لأشهر، ولو ارادت ايران فعلا تسهيل الاستحقاق الرئاسي، لكان انعكس ذلك إيجابا على “حزب الله”، فالموقف الأفضل عندها يتمثل باتخاذها الحياد، الا ان المواقف الأخيرة للنائب محمد رعد مؤشر واضح على عدم رغبتها بذلك، باعتبار ان “الحزب” لا يمكنه التصعيد الى هذا الحد من دون الغطاء الإيراني، ندرك جيدا أهمية لبنان و”حزب الله” بالنسبة اليها، فهي تستثمر استراتيجيا فيه ولن تدعم أي موقف الا اذا عزز “حزب الله” وضعه وساهم في سيطرته على اللعبة السياسية اللبنانية”.
كما شدد على أن “منطق الثنائي الشيعي ابتزازي لجهة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية فهو يعتمد سياسة: اما السير بمرشحه مهما طال الوقت او التعطيل من خلال عدم الدعوة الى جلسات انتخابية او الانسحاب منها، الثنائي يصنف فرنجية على انه المرشح الجدي الوحيد، ولكن هذه المقاربة لا تنتج حلا لأنها تنحاز الى طرف دون آخر”.
ولفت الى ان “حزب الله يزعم بأن كل مرشح مطروح من المعارضة هو مرشح تحد فيما ينفي هذا المفهوم عن مرشحه فقط”.
وجدد التأكيد أن “اللعبة الديمقراطية تقتضي بترشيح كل فريق لشخص معين او أكثر، ليبتَّ الموضوع بعدها في صناديق الاقتراع، من هنا رأى بو عاصي انه في السباق الرئاسي يعد “كل مرشح هو “مرشح تحدي” في وجه آخر”.
تابع: “فريق الممانعة يقفل الصناديق طالما نحن نرفض مرشحه، وهذا بحد ذاته التحدي الأكبر للسياسيين وللثقافة الديمقراطية، أما نحن فلا وسيلة لدينا لتأمين الـ65 صوتا لمرشحنا الا الإقناع، لذا سنستمر بالمحاولة والتواصل مع القوى المعارضة، ولا سيما كتلة “الاعتدال الوطني” و”التغييريين” لتعزيز حظوظ النائب ميشال معوض، او الوصول الى مرشح آخر لديه المواصفات نفسها، ويمكنه تأمين الأصوات المطلوبة، والحل يكمن فقط في احترام اللعبة الديمقراطية الدستورية، عدم تصنيف المرشحين بين توافقي واستفزازي، سعي كل فريق لتأمين الأصوات المطلوبة لمرشحه وعدم خنق مساحة الحرية التي تختنق اليوم وللأسف بفعل أداء “حزب الله” وحلفائه”.
وإذ أشار الى ان “لبنان اليوم في خطر، ونحن أمام تحد دستوري يتطلب رئيسا للجمهورية وليس “مديرا في الجمهورية”، شدد بو عاصي على أن “هذا الرئيس يجب ان يتحلى بنظرة اقتصادية وقدرة على تحريك الأمور لمعالجة الموضوع الاجتماعي والمعيشي، كي ينجح في اتخاذ المواقف الصارمة والواضحة و”بيعرف يقول نعم ولا”.
وأكد أن “وجهة السير التي يحددها “حزب الله” معاكسة تماما لوجهة سير “القوات” التي من المستحيل أن تسير برئيس لا يتماهى مع وجهتها ووجهة المعارضة”، وبالتالي المواصفات المطلوبة للرئيس العتيد لا تنطبق على فرنجية الذي اتخذ خياره منذ سنوات لمصلحة “حزب الله” والدعم المطلق لسياسة بشار الأسد”.
أردف: “فرنجية نفى أن يكون قد أعطى ضمانات، فيما فرنسا أكدت ذلك، ولكن مع احترامنا لصداقتنا التاريخية والقائمة مع باريس، لكن نرى أن مقاربتها للموضوع الرئاسي لا تتناسب وقراءتنا، اذ انها تعتبر فرنجية “الحل المتاح” بسبب وجود من يبتز الجمهورية اللبنانية وعلينا الاستسلام له”.
وبالنسبة للتقارب السعودي – الايراني، أوضح بو عاصي انه “حصل لتنفيس الاحتقان في منطقة تعبت من المواجهات ولخلق جسور تواصل تتظهر بشكل أساسي من خلال فتح سفارات بين الدولتين، وبالتالي يجب الا يحمل اكثر من حجمه”، مستبعدا الذهاب الى تسوية اقليمية كبرى باعتبار ان ايران لم تغير يوما استراتيجيتها وسياستها”. ولفت الى ان “هذا التقارب لن يصبح نوعا من الاتفاق الا عندما تطرح مواضيع شائكة تخص امن المملكة، وهي الاتفاق النووي الايراني، الصواريخ البالستية والأذرع الإيرانية في المنطقة، وهذه مواضيع لم يتم التطرق لها في اتفاق بكين ولم تذكر في اي بيان”.
اما عن عودة الأسد الى الحضن العربي، فاعتبر بو عاصي ان دعوته بعد 10 سنوات من الغياب “ليست لإعفائه على كل ما ارتكبه، بل لأن العالم تعب من الوضع في سوريا ولا سيما السياسي والاقتصادي والانساني، كما باتت غالبية الاراضي السورية في حالة سلم مقبولة وغير معرضة لعمليات عسكرية”. ولفت الى ان “زيارة الاسد الى بعض الدول العربية محاولة لاستجلاب السوري من جديد الى الحضن العربي، وستتظهر امكانية حدوث ذلك ام لا، فلو لم يكن النظام السوري “عم يختنق” لما كنا شهدنا على ذلك”.
وردا على سؤال عن سبب تفاؤل الرئيس نبيه بري بعد المتغيرات الإقليمية، أجاب: “هو دائما في حالة تفاؤل، ولكن هذا لا يغير شيئا في المعطيات ولا يؤدي الى اي نتيجة، لأن الافرقاء اللبنانيين لم يبدلوا مواقفهم”.
ولفت بو عاصي الى أن “فرنسا تتواصل مع كل الأطراف، ولكن من دون أي نتيجة”، وقال: “استذكر حين دعمت فرنجية سابقا، ونظِّم على أثر ذلك لقاء في باريس جمع الأخير بالرئيس سعد الحريري لمحاولة اقناع “المستقبل” بالسير به رئيساً، وحصل من دون علم “القوات” الا اننا علمنا به صدفة حين كنت في الخارجية الفرنسية. ولكن انخراط فرنسا آنذاك لم يؤدِ الى نتيجة. من هنا نجدد التأكيد أن السياسة اللبنانية شأن داخلي ولا يمكن لقوى إقليمية التأثير عليها من خلال تحريك عدد كبير من النواب، ولا يُكلّمنا أحد على ضمانات خارجية، فكل الاتفاقات التي وُقّعت سابقاً لم تُطبق”.
كذلك تطرّق الى علاقة “القوات اللبنانية” بفرنسا بعد الكلام عن عقدها صفقة مع “حزب الله”، ليؤكد ان “القوات” لا توافق بتاتا على المقاربة الفرنسية بأن المتاح هو الذي يريده “الحزب”، ولكن اشار الى ان “العلاقة التاريخية مع فرنسا ليست مرتبطة بموقف معين، على الرغم من أهميته، وهذا لا يعني كسر العلاقة معها”.
اما عن الدخول المستجدّ للولايات المتحدة على الخط الرئاسي، فتوقّف عند “التباين الواضح بين الموقف الفرنسي والاميركي في هذا الشأن، اذ فيما فرنسا تدعم فرنجية وما زالت تربط بين الرئاستين الأولى والثانية، يأتي الموقف الاميركي واضح ولا يحتمل التأويل، وهو قريب من موقفنا، لأنه يقتضي اولا على تحديد اهمية انتخاب رئيس من دون تدخل خارجي وايجاد حل للوضع الاقتصادي والاجتماعي.” وكشف ان هذه الامور تُعدّ من المحاور الاساسية في كل اللقاءات مع القوى الاقليمية والخارجية كما في اجتماعاته الاميركية، فضلا عن موضوع النازحين وجريمة تفجير مرفأ بيروت، وذلك بطلب من رئيس حزب “القوات اللبنانية”.
وفي ما يخص حاكمية مصرف لبنان، ذكّر بو عاصي ان “الحاكم الحالي ارتكب جريمة بحق الاقتصاد فموّل الدولة من أموال الناس وهو مدرك انها “مكسورة”، من هنا شدد على اهمية الإتيان بحاكم جدّي لديه الرؤية والكفاءة وقادر القول “لاء” عندما يتطلّب ذلك، وبالتالي نحن بحاجة الى “قبضاي” هاجسه حماية القدرة الشرائية والنقد على المدى الطويل”.
وعما اذا كان الوزير السابق كميل ابو سليمان صاحب هذه المواصفات، فأجاب: “قد يكون أكيد، حاكمية مصرف لبنان موضوع لم يطرح بعد على الهيئة التنفيذية ولكن طبعا له منا كل التقدير والاحترام، ولا نستغرب الـ”فيتو” عليه من الطرف الآخر لانه مرشح تحدٍ بالنسبة له اذ انه لن يوافق الا على مرشحه”.
وعن الموافقة على تعيين حاكم من دون انتخاب رئيس جديد، لفت الى “اننا لا يمكن ان نقدم هدية للمتسبب بالشلل إلا إذا اعتبر انه حجز رهينة وعلينا دفع فدية لاستعادتها، و”حزب الله” أخذ لبنان وخصوصاً موقع رئاسة الجمهورية كرهينة، ولكن لن نقبل بأن تكون حاكمية مصرف لبنان الفدية، فهو من غطى الفساد ليحمي سلاحه، وعزل لبنان عن العالم العربي”.
ورأى بو عاصي أن “رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لا يريد السير بفرنجية لأسباب مختلفة عن أسباب “القوات” فهو يرغب بالوصول شخصيا او “حدا على ايدو”، مجددا التأكيد ان “هناك أزمة ثقة معه هائلة، فهو قطع علاقات لبنان مع معظم الدول وكلّف الدولة اللبنانية مليارات في ملف الطاقة ووقّع على 10 بنود كانت حينها شروط “القوات” للتصويت للرئيس السابق ميشال عون ولم يلتزم بها، وبالتالي لا يمكن الوثوق به”.
كما ردّ على الكلام حول رفض تصويت “القوات اللبنانية” للوزير السابق جهاد أزعور لأنه مقبول من باسيل، في حال طرح كمرشح، بالقول: “القوات” لا تعتمد مقاربة الـ”نكايات”، لأنها تضع مصلحة البلد العليا فوق كل اعتبار”.
وحول القواسم المشتركة بين الدكتور جعجع والنائب محمد رعد والتي تحدث عنها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، علّق بو عاصي: “لنسأل بو صعب عنها لأن تصريحات رعد وفريقه عموما لا تدل على أي قواسم مشتركة”.
وتعليقا على ما ورد في بعض المواقع عن استبعاد النائب ملحم الرياشي عن الملف السعودي، نفى بو عاصي هذه المعلومات، موضحا ان “رياشي غاب بداعي السفر ومسألة توزيع الأدوار داخل الحزب يتميز بها “رئيس القوات” الذي لا يعقد إجمالا أي اجتماع من دون حضور أحد أعضاء التكتل او المسؤولين الحزبيين، وهذا يدل على استمرار عمل المؤسسات والتواصل القواتي وبأن القرار غير فردي في الحزب”.