شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – طلاسم الاستحقاق
في هذا الزمن اللبناني الرديء يتحول الاستحقاق الرئاسي الى أحجية مستعصية على الفهم محوطة بكثير من الطلاسم والغموض والأسرار. ولنعترف بأن هذه الحال لا مثيل لها في أي بلدان من بلدان العالم التي تمارس الديموقراطية أو تزعم أنها تمارسها.
وهذه «الفرادة» اللبنانية هي تشويه للديموقراطية. وهذا يتمثل في الخطوة الأولى، إذ لا نصّاً دستورياً على حتمية التقدم بالترشح العلني، إذ ليس ثمة ما يمنع النائب من أن يضع في صندوق الاقتراع اسماً لشخصٍ ليس فقط أنه لم يعلن ترشحه أبداً، بل أيضاً قد لا يكون متدَاولاً على الإطلاق في «البازار الرئاسي». وفي تقديرنا وفهمنا للممارسة الديموقراطية، فهذا يشكّل عيباً موصوفاً.
ثم إن من عيوب الديموقراطية في الاستحقاق الرئاسي عندنا، أن النواب قد يكونون أمام مرشّحين لا يعرفون عنهم شيئاً… فلا سُمع أحدهم يتحدّث، ولا عُرف عنه موقف من مسألة مصيرية، ولا تبيّنت ملامح وخطوط مشروعه السياسي في بلد مثل لبنان يعاني أزمة اقتصادية حادة جداً.
وعيب آخر لا يمكن تجاوزه هو عدم إقامة مناظرات بين المرشحين ليتبين الرأي العام مواقف كل منهم في المجالات الداخلية وفي الصراعات الإقليمية، وكذلك في علاقات لبنان الخارجية.
قد يقول قائل إن هذا كله ليس مطلوباً، وعلى الأقل ليس ضرورياً، لأن دستور الطائف اجتزأ الكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي بات حَكَماً ولم يعد حاكماً… ولكن حتى مع هذا الواقع ألا يُفترض في الحَكَم أن يكون خبيراً بـ «اللعبة» شؤوناً وشجوناً، وفي أصولها وفصولها، وفي خفاياها وخباياها؟!.
وحتى الأدوار الخارجية في الاستحقاق الرئاسي اللبناني عندنا هي أيضاً تحوطها الطلاسم والأسرار وتتحول الى أحاجي تستعصي على الحل، ولا سيما في هذه المرحلة الى درجة أنه يتعذر الجواب عن الكَمّ الهائل من الأسئلة، وهنا قليلٌ من كثيرها:
هل تنطلق المبادرة الفرنسية من طموحات الرئيس إيمانويل ماكرون ومصلحته، أو من شعار الحرص التاريخي على مصلحة لبنان؟ وهل صحيح ما صدر عن «الكي دورسيه» من أن باريس على الحياد بين الأطراف كافة؟
ثم ما مدى صوابية «النقزة» الفرنسية من الذهاب الى سوء الظن بالموقف الأميركي من مبادرة قصر الإليزيه؟ والى أي مدى تريد الإدارة الأميركية أن «تفتح» على حزب الله من الباب الرئاسي مباشرة وليس عبر الفرنسي؟
من ثَمَّ هل ترتاح المملكة العربية السعودية الى ذهاب كل فريق لبناني في تفسير موقفها بأنه الى جانبه أو أقله يخدم مساره الرئاسي؟.