عواقبها كارثية… أزمة «سقف الدين» في أميركا تمرّ في أخطر مراحلها ويلين تحذّر
لا زالت أزمة «سقف الديون» الأميركية تشكل عبئا كبيرا على الإدارة الأميركية، حيث تتعرض الحكومة الفيدرالية لتحذيرات متجددة من أن عدم القدرة على سداد الديون المستحقة عليها. وعلى الإدارة الأميركية العمل بجدية لإيجاد حلول لهذه الأزمة، وذلك من خلال إعادة تقييم الإنفاق الحكومي وتحسين إدارته، وزيادة العوائد الحكومية. ويرى الاقتصاديون أن ذلك يجب أن يكون وفق إجراءات مدروسة جيدًا ومتوازنة، حتى لا تؤثر على الخدمات الحكومية الأساسية ولا تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية. وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والجمهوريين في الكونغرس في خلاف منذ أسابيع حول رفع حد الاقتراض للحكومة الفيدرالية البالغ 31.4 تريليون دولار، إذ طالب قادة الحزب الجمهوري بوعود بتخفيضات في الإنفاق في المستقبل قبل الموافقة على سقف أعلى. ما هي أزمة سقف الديون؟
تم وضع سقف الدين في عام 1917 لتمويل الحرب العالمية الأولى من خلال تجميع السندات المختلفة، وفي عام 1939، مع اقتراب الحرب العالمية الثانية، أنشأ الكونغرس أول سقف إجمالي للديون. و «الكونغرس» هو الذي يحدد سقف الدين، وتم رفع السقف 78 مرة منذ عام 1960، بما في ذلك 20 مرة منذ عام 2001. وعادة ما يرفع الكونغرس (أو يعلق) سقف الدين قبل الوصول إليه، وعادة يقوم الحزب الذي خرج من السلطة بإلقاء اللوم على الطرف الآخر في تبذيره. وتم رفع حد السقف في 2021 ليصل إلى 31 تريليون دولار، وهو ما يعني أنه لا يجب أن يزيد إجمالي قروض الحكومة الأميركية عن هذا الحد. وفي حال بلوغ سقف الدين الحد الأقصى، فإن ذلك يعني أن الحكومة الفيدرالية لن تستطيع الحصول على قروض جديدة وهو ما يجعلها تتخلف عن تنفيذ التزاماتها التي تتضمن سداد الديون السابقة. وبحسب تقرير لمعهد «بروكينغز» الأميركي، بلغت الحكومة الأميركية سقف الدين في يناير/ كانون الثاني الماضي، واضطرت للتخلي عن بعض الالتزامات التي كان يجب تنفيذها، مقابل توفير المال اللازم لسداد الديون حتى لا تتخلف عن السداد. وبلغت ديون الولايات المتحدة الأميركية 31.4 تريليون دولار في يناير 2023 الماضي، متجاوزة سقف الدين الذي تم تحديده في 2021، ومنذ هذا العام أصبح إنفاق أميركا يسجل عجزا سنويا لأسباب مختلفة بعضها مرتبط بالقرارات السياسية التي يتم اتخاذها.
أزمة اقتصادية أم سياسية
بحسب تقرير نشره موقع «البيت الأبيض» عن أبعاد أزمة سقف الدين، أكد أن «الأزمة سياسية وليست اقتصادية في المقام الأول»، لافتا إلى أنه مع استمرار الأزمة ستؤدي إلى عرقلة الأسواق المالية، «إذ إن الفشل في رفع سقف الدين قد يؤدي في النهاية إلى تعثر في السداد لأول مرة على الإطلاق في بعض التزامات الحكومة الأميركية». وأضاف التقرير أن اليوم الذي تفقد فيه أميركا قدرتها على الوفاء بجميع التزامات السداد (ويعرف باسم يوم إكس (date-X) يمكن أن يكون بحلول الأول من يونيو/حزيران المقبل. وأشار التقرير إلى أن فكرة إلغاء سقف الديون واردة، لأن معارك الكونغرس المتكررة حوله تزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي. ويرى الاقتصاديون أن هناك أفكارا باتت مطروحة للتحايل على هذا السقف من بينها سك عملات بلاتينية بقيمة تريليون دولار ووضعها في خزائن الاحتياطي الفدرالي، أو الإعلان أن سقف الدين يمثل انتهاكا للتعديل الـ14 الذي يحظر التشكيك في الديون الفدرالية، وكذلك يمكن أن تصدر وزارة الخزانة سندات مميزة من خلال تقديم أسعار فائدة أعلى بكثير، ومن ثم يقبل المستثمرون على شرائها، وبذلك يوفرون السيولة النقدية اللازمة للحكومة، لكن مع تقليص القيمة الإسمية للدين بغرض الإفلات من تجاوز السقف.
تداعيات الأزمة على الاقتصاد الأميركي
في وقت سابق من هذا الشهر، حذّرت وزيرة الخزانة الاميركية جانيت يلين من أن الحكومة الأميركية قد تواجه صعوبة في سداد جميع فواتيرها في الوقت المحدد بعد الأول من شهر حزيران يونيو المقبل، إذا لم يتخذ الكونغرس إجراء. «الأسبوعان المقبلان حاسمان في تخلف واشنطن عن سداد التزاماتها المالية من عدمه»، هكذا أكدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، مشيرة في تصريحات لها، إلى أن واشنطن ستضطر إلى التخلف عن بعض مدفوعاتها، إذا لم يرفع الكونغرس سقف الدين، وأضافت: «إذا فشل الكونغرس في القيام بذلك، فإنه يضعف حقا تصنيفنا الائتماني». وتابعت: «سيكون علينا التقصير في الوفاء ببعض الالتزامات، سواء كانت سندات الخزانة أو مدفوعات متلقي الضمان الاجتماعي. هذا شيء لم تفعله أميركا منذ عام 1789، ولا ينبغي لنا أن فعله الآن». وقال الرئيس الأميركي في تصريحات له الأسبوع الماضي إن عدم رفع حد سقف الدين سيحدث «تعثر، وسينزلق اقتصاد البلاد إلى الركود، وستتأثر سمعة واشنطن الدولية بشكل كبير».