«لو كان عندي أمل لبقيت».. أطباء لبنان يتركونه ويغادرون بالعشرات
لا يخسر لبنان قيمة عملته ولا ميزانه التجاري أو حتى سمعته في المنطقة فحسب، بل بات يخسر الكثير من أبنائه من أصحاب الكفاءات، خصوصاً الأطباء الذين صاروا يرحلون بالعشرات في الأشهر الأخيرة.
عاد فؤاد بولس إلى بيروت في 2007 قادماً من الولايات المتحدة، حيث درس علم الأمراض والطب المخبري. كان شديد الثقة بأن لبنان هو مكانه الصحيح، لدرجة أنه تخلى عن إقامته في الولايات المتحدة (غرين كارد).
لكنه بعد 14 عاماً بدأ يستعد للرحيل عن وطنه مع زوجته وأطفاله الخمسة للعودة إلى الولايات المتحدة، ليجرب حظه ويبدأ من الصفر من جديد.
خلال العام الأخير شهد لبنان حركة احتجاج شعبية على القيادات السياسية للاعتراض على إفلاس الدولة والنظام المصرفي، ولاحقاً على سوء إدارة جائحة كوفيد-19 والانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس/ آب وخلف دماراً كبيراً في العاصمة ومئات الضحايا.
بعض من في استطاعتهم الرحيل عن البلاد رحلوا، كثيرون منهم أطباء وجراحون، ونسبة كبيرة منهم من الأسماء المشهورة في المهنة. برحيلهم تتبدد سمعة بيروت كعاصمة طبية للشرق الأوسط.
وقال فؤاد بولس، الاستاذ المساعد في علم الأمراض السريري والطب المخبري بالجامعة الأمريكية في بيروت: “هذا نزوح جماعي سيستمر.. لو كان عندي أمل لبقيت. لكن لا أمل عندي للبنان، لا في المستقبل القريب ولا في المدى المتوسط”.
وكان عدد كبير من الأطباء الذين تلقوا تعليماً عالياً وكانوا مطلوبين للعمل في الولايات المتحدة وأوروبا قد عادوا إلى لبنان بعد الحرب الأهلية (1975- 1990). لكنهم بدأوا يستسلمون للواقع بعد أن فقدوا الأمل في المستقبل، إذ لم يشهد الأطباء انخفاض مرتباتهم فحسب، بل واجهوا نقصاً في المعدات وأطقم العاملين وبعض الإمدادات الأساسية في مستشفياتهم أيضاً، مع نفاد العملة الصعبة اللازمة لتغطية الواردات في لبنان.
من جهته، قال شرف أبو شرف، رئيس نقابة الأطباء اللبنانيين، إن رحيل 400 طبيب حتى الآن هذا العام يخلق مشكلة كبرى، لاسيما للمستشفيات الجامعية التي يمارسون فيها المهنة ويتولون تدريس طلبة الطب.
وأضاف: “نزيف الكفاءات هذا لا يبشر بخير خاصة إذا استمر الوضع لفترة طويلة. وهناك آخرون يتأهبون للرحيل”.
واتفق معه في الرأي حمد حسن، وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، الذي صرح لوكالة رويترز: “هذه الخبرة بنيت على مدى سنوات كثيرة وفقدانها بين عشية وضحاها في غاية الصعوبة. سنحتاج إلى سنوات عديدة لإعادة القطاع الطبي إلى سابق مجده”.
Reuters