التنكيل بالحريات يتواصل.. سجن صادق سنة بدعوى باسيل
«محرري الصحافة» ترفض العقوبات السالبة للحرية والعفو الدولية: تصعيد قضائي
مرة جديدة يضرب القضاء عرض الحائط مبادىء ومفاهيم الحريات التي يتمتع بها الصحافيون اللبنانيون كما والقوانين الواضحة التي توجب ملاحقتهم امام محكمة المطبوعات حصراً. ففي سابقة ليست الاولى ولن تكون الأخيرة، أصدرت القاضية المنفردة الجزائية في بيروت، روزين حجيلي، حكماً قضائياً بسجن الإعلامية الزميلة ديما صادق لمدة سنة كاملة، نتيجة الدعوى المقدمة ضدها من حزب التيار الوطني الحر، المتمثل برئيسه جبران باسيل، بجرم إثارة النعرات الطائفية والقدح والذم.
صادق: سأستأنف
ونشرت الزميلة صادق عبر تويتر فيديو قالت فيه: «جبران باسيل انتزع قرار قضائي بسجني سنة دون ايقاف التنفيذ من محكمة الجزاء من خلال القاضية روزين حجيلي في سابقة استثنائية». أضافت: «نعم، في لبنان صارو الصحافيين بيبسجنو بدعاوى القدح والذم. طبعا سأستأنف والنضال مكفي».
وأفادت وكيلة صادق، المحامية ديالا شحادة بأن هذا القرار كان مجحفاً، وهو اتهام واضح لموكلتي بالعنصرية، في حين أن مضمون تغريدتها هو انتقاد صريح للعنصرية. وتابعت شحادة بأن هذا الحكم سيكون ضربة غير مسبوقة لكل من يحارب العنصرية والطائفية في لبنان، لذلك نحن في صدد التجهيز لاستئناف هذا القرار، فما حصل في عام 2020 هو تعرض شابين للاعتداء من مجموعات تابعة للتيار الوطني الحر.
وهنا يجب أن نلفت إلى أن القرار القضائي لم يصدر من محكمة المطبوعات لأن التغريدة نشرت على الصفحة الرسمية الخاصة لصادق، وهو الأمر الذي دفع بالتيار الوطني الحر إلى اللجوء للقضاء الجزائي.
بيان «الوطني الحر»
توازيًا، صدر عن لجنة الاعلام والتواصل في التيار الوطني الحر البيان الاتي:»أنصف القضاء اللبناني اليوم التيار الوطني الحر وأدان الإعلامية ديما صادق بجرائم القدح والذم وإثارة النعرات الطائفية. وجاء في الحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بيروت روزين حجيلي بتاريخ 10-07-2023 بحق ديما صادق أنّه قضى بسجنها لمدة سنة وتجريدها من حقوقها المدنية وتدفيعها غرامة بقيمة مئة وعشرة ملايين ليرة لبنانية، وذلك على خلفية الشكوى المقدمة بحقها من المحامي ماجد البويز بالوكالة عن التيار الوطني الحر لتلفيقها الاكاذيب واتهامها شباب التيار الوطني الحر زورًا بأنّهم عنصريون وبأنّ التيار حزب نازي الحكمة من هذا الحكم أنّ الحق يظهر مهما طال الزمن.»
تغريدة النزاع
وكانت صادق نشرت في 07/02/ 2020، تغريدة وصفت فيها التيار الوطني الحر بالنازي، قائلةً: «صباح حزب لبنان النازي.. اعتداء جديد من قبل التيار النازي على الشاب زكريا المصري من طرابلس في جونية بضربه على رأسه ورميه في المجارير. وقالوا له عون تاج راسك وراس طرابلس».
هذه التغريدة أتت بعدما تعرض الشاب زكريا المصري لاعتداء من مجموعة عناصر تنتمي للتيار الوطني الحر في منطقة جونية. ووفقاً لما ذكرته وكيلة صادق، المحامية ديالا شحادة، أفادت بأن عناصر تابعة للتيار الوطني الحر اعتدت على شابين في شباط 2020 من منطقة طرابلس وهما زكريا المصري ووليد رعد وذلك خلال مشاركتهما في انتفاضة 17 تشرين.
وإزاء هذه التغريدة، تقدم التيار الوطني الحر بدعوى قضائية ضد صادق بجرم إثارة النعرات الطائفية بين منطقة جونية وطرابلس، وبالقدح والذم، معتبرين أنها اتهمت عناصر تابعة للتيار الوطني الحر بالاعتداء على الشاب، في حين أن التحقيقات وفقاً لما أفاد وكيل باسيل القانوني، المحامي ماجد بويز، «أكدت أن المصري وقع داخل فتحة الصرف الصحي ولم يتم الاعتداء عليه من قبل عناصر التيار الوطني الحر نهائياً».
وذكر في محضر التحقيق وتقرير الطبيب الشرعي، بأن المصري كان مصاباً بخدوش في وجهه وحالته الصحية غير مستقرة، ولكنه ردد واعترف بتعرضه للضرب من قبل مجموعة تابعة للتيار الوطني الحر. وقد جاء في إفادته أنه تعرض للضرب تحت جسر فؤاد شهاب. ووفقاً لأقواله فقد اعتدوا عليه بالضرب القوي فارتطم رأسه بالحائط وقالوا له :»ميشال عون هو ربك ورب طرابلس»، و»ميشال عون هو تاج راسك وراس طرابلس». وقد اتخذ صفة الادعاء الشخصي عليهم بجرم الضرب والتسبب بالإيذاء ومحاولة قتله.
ووفقاً لما ورد في تقرير الطب الشرعي، الدكتور الياس الخوري، فقد شرح في تقريره بأن المُصاب تعرض للصدم وللإيذاء بأجسام صلبة وبحاجة لأسبوع من الراحة.
«محرري الصحافة»: نرفض سلب الحريات
علقت نقابة محرري الصحافة اللبنانية على القرار الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بيروت روزين حجيلي بتاريخ 10/7/2023 في الدعوى المقامة ضد الاعلامية ديما صادق، واصدرت بيانا سجلت فيه «موقفا مبدئيا يتمثل برفضها المطلق للعقوبات السالبة للحرية بحق أي صحافي ارتكب مخالفة نشر، سواء في الوسائل المقروءة، المسموعة أو الالكترونية».
وشددت على «موقفها المبدئي بعدم جواز مثول أي صحافي في قضايا الرأي أمام أي جهة قضائية باستثناء محكمة المطبوعات، متسلحة بموقفها هذا بالتعديلات التي أدخلت على قانون المطبوعات في العام 1994».
واكدت «ضرورة أن تقوم المدعى عليها باستئناف الحكم الذي صدر بحقها وأن تعمد محكمة الاستئناف إلى تصحيح الخطأ الذي وقع من خلال إحالة النيابة العامة الاستئنافية في بيروت الدعوى المرفوعة ضد المدعية إلى محكمة الجزاء، واستطرادا قبول قاضي الجزاء النظر في الدعوى وإصدار الحكم الذي قضى بالسجن لمدة سنة من دون وقف التنفيذ، وذلك برد الدعوى إلى محكمة المطبوعات».
كذلك اكدت النقابة تمسكها بقوة «بمبدأ حرية التعبير والذي يكفله الدستور اللبناني»، كما واكدت «حق أي جهة تعتبر نفسها متضررة من قيام أي صحافي بعمله المهني أن تلجأ إلى القضاء لاسترجاع ما تعتبره حقها، لكن ذلك لا يكون إلا أمام محكمة المطبوعات حصرا».
تصعيد قضائي
بدورها، إستنكرت منظمة العفو الدولية بشدة التصعيد القضائي في تجريم حرية التعبير، إثر إصدار القضاء الجزائي حكماً بسجن الصحافية ديما صادق لمدة عام واحد وتغريمها مبلغ 110 مليون ليرة لبنانية ، بجرم إثارة النعرات الطائفية والقدح والذمّ.
وأشارت المنظمة في بيان إلى أنه يجب على السلطات اللبنانية الكفّ فوراً عن استغلال قوانين التشهير لمضايقة الناشطين والصحافيين وحمايتهم من الانتقاد، في بلدٍ يعجّ بالأزمات ويكاد يخلو من آليات المحاسبة.
وأضافت: « القوانين التي تجيز الحبس لانتقاد مسؤولين حكوميين لا تتوافق مع التزامات لبنان الدولية بحماية حرية التعبير».
وختمت قائلةً: «ينبغي على البرلمان إلغاء أحكام القدح والذمّ في قانون العقوبات واستبدالها بأحكام مدنية».