في لبنان: دولة بقوّة السلاح وأخرى بدون سلاح
كتب عوني الكعكي:
على المواطن اللبناني أن يقتنع بأنه يعيش في دولتين لا في دولة واحدة… وهذا الكلام حقيقي وليس وهماً.. فالدولة التي تحكم بقوة السلاح هي دولة الأمر الواقع التي هي بالفعل الدولة الحقيقية لأنها:
تعيّـن رئيس الجمهورية أولاً
وتعيّـن رئيس الحكومة ثانياً
وتعيّـن رئيس المجلس ثالثاً
وتعيّـن الوزراء والنواب رابعاً وليس أخيراً.
قد يختلف معي في هذا الواقع كثير من اللبنانيين.. ولكن أقول لهم هذا ليس ما أرغب به.. بل هذه هي الحقيقة، وهذه الحقيقة يفرضها الحزب بقوّة سلاحه.
من ناحية ثانية، دولة السلاح تحصل على مساعدة مالية من إيران تبلغ مليار دولار سنوياً، وملياراً ثانياً للسلاح، وهذا ليس سراً بل هذا ما أعلنه ويكرّره في كل مناسبة السيد حسن نصرالله.
بالمقابل، فإنّ الدولة اللبنانية الأساسية أصبحت دولة وهمية: على الصعيد المالي:
أولاً: في الوقت الذي تأتي فيه رواتب دولة السلاح بالدولار، والدولار على ارتفاع… فإنّ الدولة الوهمية تقدّم رواتب للموظفين فيها بالليرة وهي في تراجع. لاحظوا الفرق. فالدولار كان عام 2019 يعادل 1500 ل.ل. بينما أصبح الدولار اليوم يعادل مئة ألف ليرة، وهذا وحده يكفي للقضاء على الدولة.
وإذا ذهبنا الى رواتب عناصر وضباط الجيش أو القوى الأمنية فهنا الكارثة، إذ لولا المساعي الحميدة التي قام بها قائد الجيش العماد جوزيف عون، ولولا المساعدات التي استطاع الحصول عليها أولاً من أميركا وثانياً من قطر… لولا ذلك كان الوضع في الجيش كارثياً. كذلك في قوى الأمن فإنّ مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أيضاً قام بمساعٍ حميدة بذلها ليلاً ونهاراً، واستطاع الحصول على مساعدات، بالإضافة الى موضوع الطبابة.
الكارثة الكبرى هي ان موارد الدولة «تمشي على حمار مكرسح»، إذ ان معظم المؤسّسات التي تُدْخل للدولة موارد مثل «الميكانيك» أو الدوائر العقارية أو الكهرباء أو البلديات أو المالية، كل هذه الصناديق معطّلة، وفي أحسن الأحوال يمكن أن نقول إنها تعمل بنسبة 10٪ من طاقتها، أو من المداخيل التي يجب أن تحصل عليها.
بعد هذه المقارنة لا بد من طرح سؤال طبيعي: كيف يعيش اللبنانيون؟ بكل بساطة هناك دولة ثالثة مكوّنة من أولاً: التجار ورجال الأعمال والمهندسون والأطباء والاساتذة في المدارس وأصحاب المستشفيات الخاصة، هؤلاء ليس لهم علاقة بالدولة بل هم يعتمدون على أنفسهم لتأمين البديل لكهرباء لبنان والبديل للدولة.
ثانياً: اللبنانيون الذين هاجروا في السابق، إذ ان هناك عدّة محطات تهجير: الأولى منذ مائة سنة أو أكثر، وهجرة ثانية بدأت مع بداية الحرب، أي منذ عام 1975، وهجرة ثالثة متمّمة للهجرة الثانية التي حدثت بسبب حروب ميشال عون عام 1990… وطبعاً بعد اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري عام 2005… وبعد البقاء سنة من دون رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية ميشال سليمان، ولمدة سنتين ونصف السنة بسبب الرئيس السابق ميشال عون. والأهم يوم تفجير المرفأ في 4 آب منذ ثلاث سنوات حيث هاجر 300 ألف مواطن، وأهمية الهجرة الثالثة انها هجرة الى بلدان قريبة، أي الى دبي وأبوظبي والمملكة العربية السعودية… هذا هو الواقع وهذا ما يبقي لبنان حيّاً.
كل ما يتمناه اللبنانيون أن تنتهي الدولة التي تحكم بقوة السلاح ليعود الوطن لأبنائه، فنعيش طبيعيين وبسلام حتى يفرجها الله وهو اعلم… وكلنا لدينا أمل انه سيكون قريباً بإذن الله.