الضفة تصفع الاحتلال: عملية ثانية في الخليل وفرار المنفّذ
الجيش الإسرائيلي يقرُّ بالفشل وبن غفير يدعو للانتقام
قُتلت مستوطنة وأصيب آخر صباح أمس في عملية إطلاق نار نفذت قرب مستوطنة “كريات أربع” في الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، فيما تمكن المنفذ من الانسحاب.
وتأتي عملية الخليل بعد يوم واحد من عملية الحوارة.
وفي وقت لاحق أعلنت كتائب شهداء الأقصى – فلسطين، الجناح العسكري لحركة فتح مسؤوليتها عن العملية.
وقالت في بيانٍ أن العملية الفدائية تأتي رداً طبيعياً علي جرائم الاحتلال وغطرسته”.
وأضاف البيان: “نؤكد لأبناء شعبنا بأن العملية تأتي في ذكرى إحراق المسجد الأقصى عام 1969 لنُعيد للذاكرة جرائم العدو الصهيوني، ووفاءً بالعهد لأرواح شهدائنا وتمسكنا بخيار البندقية كخيار استراتيجي”.
من جهته أكد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي وقوع عملية إطلاق نار قرب مستوطنة “كريات أربع” بالخليل، مشيرا إلى أن قواته أغلقت المنطقة ونصبت الحواجز العسكرية واستنفرت المزيد من القوات للبحث عن المنفذ.
وأضاف المتحدث باسم جيش الاحتلال “تم إطلاق نار من سيارة عابرة على شارع 60 بالقرب من مدينة الخليل باتجاه مركبة إسرائيلية، حيث أصيب مدنيان، وأُعلن فيما بعد عن وفاة أحد الجرحى، وقامت قوات الجيش في ملاحقة المشتبه بهم ونصب الحواجز في المنطقة”.
وأعلنت “نجمة داوود الحمراء” أن طواقمها أقرت وفاة مستوطنة في الأربعينيات من العمر من جراء تعرضها لإطلاق نار في الخليل، فيما أعلنت إصابة آخر بجروح حرجة.
وأغلقت قوات الاحتلال جميع المداخل المؤدية الى مدينة الخليل ما أدى إلى عرقلة حركة تنقل الفلسطينيين، والتسبب بأزمة مرورية خانقة.
وقرر جيش الاحتلال نشر كتيبة أخرى في منطقة الخليل عقب عملية إطلاق النار قرب كريات أربع.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه تم العثور على مركبة منفذ عملية إطلاق النار، محروقة ما بين بيت أولا وحلحول.
واعترف قائد القيادة المركزية في الجيش الإسرائيلي الجنرال يهودا فوكس بفشل الجيش في التصدي للعمليات الفلسطينية في حوارة والخليل.
وقال في بيان: “لفترة طويلة لم نكن نعرف مثل هذه الموجة من العمليات، هذا الأسبوع لم ننجح في إحباطها”.
وتوعد فوكس بالوصول لمنفذي عمليتي حوارة والخليل، والعمل على تصفية الحساب معهم ومع من يقف خلفهم.
من جهته قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه يوآف غالانت، إن”إسرائيل” تتواجد خلال الفترة الحالية، في خضمّ “موجة إرهاب”، مشيريْن إلى أن طهران و”وكلاؤها”، “توجهها وتموّلها”. وفق تعبيرهما
وجاءت تصريحات كلّ من نتنياهو وغالانت عقب تقييم للوضع، أُجري في مكان تنفيذ العملية قريب الخليل.
وقال نتنياهو خلال تصريحات أدلى بها بالقرب من مستوطنة “كريات أربع” قرب الخليل في الضفة الغربية المحتلة: “نحن في خضمّ هجوم “إرهابي”، تشجّعه وتوجّهه وتموّله إيران ووكلاؤها”.
وأضاف: “نعمل على مدار الساعة للقبض على القتلة. أريد أن أساند كل المقاتلين (في جيش الاحتلال) والقادة الذين يعملون ليل نهار لحماية المستوطنين؛ وعلينا جميعن ـن ندعمهم “.
بدوره، قال غالانت إن “أهمّ تغيير على الأرض يتعلق بالتمويل والتوجيه الإيراني”.
وذكر أن “إيران تبحث عن أي طريقة لإلحاق الأذى بمواطني إسرائيل”، مضيفا: “سنتخذ عدة إجراءات من شأنها إعادة الأمن لمواطني إسرائيل”.
وقال إن “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة”.
وفي تعليقه على الحدث، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى “الانتقام”، ونقلت قناة إسرائيلية عنه “لن تسفك دماء اليهود عبثًا”.
بدوره، قال رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد: “هجوم دام في جنوب جبل الخليل، قتل فيه مسلحون امرأة بدم بارد وأصابوا شخصا آخر بجروح خطيرة”.
وفي ردود الفعل الفلسطينية، أشادت فصائل المقاومة الفلسطينية بالعملية واعتبرتها ردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم إن عملية الخليل تأتي في سياقها الطبيعي بمواجهة المشاريع الاستيطانية والحرب الدينية ضد المقدسات الإسلامية، مؤكدا أن الفعل الفدائي سيتواصل ويتطور حتى دحر الاحتلال.
بدوره، اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إسرائيل بفرض “عقوبات جماعية” على الفلسطينيين على خلفية الهجمات على أهداف إسرائيلية في الضفة الغربية.
وقال في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في مدينة رام الله، إن “الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها بلدة حوارة وقرى جنوب نابلس خلال اليومين الماضيين من قبل عصابات المستوطنين، والعقوبات الجماعية والعدوان المتكرر على شعبنا ستزيده صلابة وعزيمة”.
وبمناسبة الذكرى 54 لإحراق المسجد الأقصى في القدس، قال اشتية إن “ذاك الحريق لم ينطفئ، بل امتدت ألسنته إلى القرى والبلدات وتغذيه عقيدة الحرق والمحو والإبادة الجماعية التي أصبحت سياسة رسمية للحكومة الإسرائيلية”.
وأضاف أنه “طالما ظل الجناة بمأمن من العقاب، فإن هذا الإجرام سيستمر”.
وفي وقت سابق أمس أصيب جندي إسرائيلي بانفجار عبوة ناسفة بآلية عسكرية هندسية قرب بحيرة طبريا الواقعة في جنوب الجولان السوري المحتل، تزامنا مع تفعيل القبة الحديدية لاعتراض طائرة مسيّرة من غزة.
وفي السياق، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس 13 فلسطينيا من أنحاء متفرقة بالضفة الغربية.
على صعيد آخر قال منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند إن جميع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتعد عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام.
جاء ذلك في إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، أمس تناول فيها أعمال الهدم التي تنفذها سلطات الاحتلال للممتلكات والمنشآت الفلسطينية.
وقال وينسلاند إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدمت أو استولت أو أجبرت الملاك على هدم 58 منشأة فلسطينية في المنطقة (ج) بالضفة الغربية، و6 في القدس الشرقية، ما أدى إلى تشريد 28 فلسطينيا منهم 14 طفلا.
وأضاف أن أعمال الهدم تُعزى إلى عدم “وجود تصاريح بناء صادرة من السلطات الإسرائيلية، والتي من شبه المستحيل أن يحصل عليها الفلسطينيون”.
وأشار وينسلاند إلى هدم مدرسة ابتدائية فلسطينية في منطقة عين سامية بمحافظة رام الله والبيرة قبل أيام من بدء العام الدراسي.
ودعا سلطات الاحتلال إلى وقف هدم الممتلكات الفلسطينية وتشريد وإجلاء الفلسطينيين، وإلى الموافقة على خطط إضافية تُمكّن الفلسطينيين من البناء بشكل قانوني ومعالجة احتياجاتهم التنموية.
وقال إن الوضع المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية ما زال صعبا، في ظل توقعات وصول العجز المالي إلى أكثر من 370 مليون دولار خلال العام الحالي، مضيفا أن إجراءات التقشف أدت إلى تقليص كبير في رواتب الموظفين والمساعدات الاجتماعية.
وتطرق إلى نقص التمويل الذي يواجه وكالات الأمم المتحدة، بما يقوض قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للفلسطينيين.
وتابع: “تحتاج وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) إلى 75 مليون دولار بشكل عاجل، لتتمكن من مواصلة توفير المساعدات الغذائية لمليون ومئتي ألف فلسطيني في غزة حتى نهاية العام. كما يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 41 مليون دولار لاستعادة عملياته في الأرض الفلسطينية المحتلة”، مضيفا أن “النداء الإنساني لدعم الفلسطينيين، الذي أطلقته الأمم المتحدة وشركاؤها، لم يتلق سوى 30% من إجمال التمويل المطلوب للعام الحالي”.