جعجع يحمّل الممانعة مسؤولية الانهيار: مواجهة بلا حدود و”ع بعبدا ما بفوتوا”
أحيا حزب “القوات اللبنانية” ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية خلال قداس حمل عنوان “لتبقى لنا الحرّيّة”، في باحة المقر العام للحزب في معراب، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلا بالنائب العام على أبرشية جونية المارونية المطران أنطوان نبيل العنداري.
وشارك في القداس المطران غي بولس نجيم، الأب باسيليوس غفري ممثلا بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف عبسي، الأب دافيد ملكي ممثلا بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، الأب موفسيس دونانيان ممثلا بطريرك الأرمن الكاثوليك رافاييل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان، المدبر العام في الرهبانية اللبنانية المارونية الأب طوني فخري، المشير العام في جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة الأب جورج الترس.
وحضر، الى جانب نحو 1500 شخص من اهالي الشهداء ومصابي واسرى الحرب، الرئيس أمين الجميل ممثلا بالنائب سليم الصايغ، كتلة اللقاء الديمقراطي ممثلة بالنائب مروان حمادة، كتلة الإعتدال الوطني ممثلة بالنائب سجيع عطية، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ممثلا بالنائب الياس حنكش، كتلة “التجدد” ضمت النواب: اشرف ريفي، ميشال معوض، فؤاد مخزومي واديب عبد المسيح، النائب غسان سكاف، النائب نديم الجميل، النائب نعمت افرام ممثلا بعقيلته زينة افرام، رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب كميل شمعون على رأس وفد قيادي ونواب “التكتل: ستريدا جعجع، جورج عدوان، غسان حاصباني، بيار بو عاصي، انطوان حبشي، زياد الحواط، جورج عقيص، فادي كرم، شوقي الدكاش، ملحم الرياشي، غيّاث يزبك، ايلي خوري، الياس اسطفان، رازي الحاج، نزيه متى، غادة ايوب، جهاد بقرادوني وسعيد الاسمر، العقيد طوني معوض ممثلا قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي، العقيد جان عوّاد ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، الوزراء السابقين: ميشال فرعون، زياد بارود، الان حكيم، يوسف سلامه، سليم ورده، مي شدياق، جو سركيس، النواب السابقين: نعمه طعمه، عثمان علم الدين، انطوان بو خاطر، جوزيف المعلوف، وهبي قاطيشه، عماد واكيم، فادي سعد، ادي ابي اللمع، انيس نصار، جوزيف اسحاق، ايلي كيروز، النقباء: ناضر كسبار، جو سلوم، مارون الحلو، نعمة محفوض، طوني الرامي، سركيس فدعوس، سيدة ساسين صهيون، جان كلود حواط، فادي الحكيم، فريد زينون، مدير عام وزارة الأشغال طانيوس بولس، مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر ، رئيس مجمع الكنائس المعمدانية الانجيلية القس شارلي قسطا، رئيس حزب الهانشاك فانيك داكسيان، رئيس حركة التغيير ايلي محفوض، وفد من الجبهة السيادية، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، رؤساء اتحاد البلديات: ايلي مخلوف، فادي مرتينوس، ريمون سمعان، ربيع الأيوبي، وأكثر من 70 رئيس بلدية من مختلف المناطق اللبنانية، الدكتور داوود الصايغ، سراج وهيثم الحسن من عائلة الشهيد وسام الحسن، زاهر وليد عيدو، الأمين العام لحزب “القوات اللبنانية” اميل مكرزل، أعضاء الهيئة العامة وأعضاء المجلس المركزي في “الحزب”، بالاضافة الى حشد من الفنانين والإعلاميين والشخصيات الاجتماعية والدينية والأمنية والحزبية.
بعد الانجيل المقدس، تلا المطران عنداري عظة بعنوان “إِنَّ المَسيحَ قَد حَرَّرَنا تَحريرا. فَاثبُتوا إِذاً ولا تَدَعوا أَحَداً يَعودَ بِكُم إِلى نيرِ العُبودِيَّة “. وقال: “إنتَدَبَني صَاحبُ الغِبطَةِ وَالنِيَافَة، مار بشارَة بُطرُس الراعي الكلي الطُوبى، مَرَّةً جَديدَة، لأمثّله وَأحتَفِلَ مَعَكُم بِالقُداسِ الإِلهي السَنَوي لِراحة أَنفٌسِ شُهَداءِ المُقَاوَمَة اللُّبنانِيَّة”.
تابع: ” خَلَقَ اللّهُ الإِنسانَ عاقِلاً، وَمَنَحَهُ كرامة شَخصٍ يَمتَلِكُ المُبَادَرَة، وَلَه السَيطَرَة على أَفعالِه. لَقَد خلق الإِنسانُ حرا وَسَيِّدَ أَفعَالِه، وتَحتَ عُنوانِ اَلحُرِّيَةِ وَالمَسؤولِيَّة، يُؤَكِّدُ التَعليمُ المَسيحي لِلكَنيسَةِ الكاثوليكِيَّة أَنَّ الحُرِّيَةَ هِيَ القُدرَةُ، المُتَأَصِّلَة في العَقلِ والإرادة، على الفِعلِ أَو عَدَمِه، على فِعلِ هذا أو ذاك، وعلى القِيَامِ هكذا، مِن تلقاءِ الذات، بِأَفعالَ صادِرَةٍ عَن رَوِيَّةٍ. فبالإرادة الحُرَّة يُسيّر كُلُّ واحِدٍ نَفسَهُ، فَالحُرِّيَةُ في الإِنسانِ هِيَ قُدرَةٌ على النُمُوِّ وَالنُضجِ في الحَقيقَةِ وَالخَير. وَهِيَ تَبلُغ كَمالَهَا عندَما تَتَوَجَّهُ شَطرَ اللّه، سَعادَتَنَا”.
ولفت الى ان “الكِتابَ المُقَدَّس حَافِلٌ بِمَفاهيمِ الحُرِّيَةِ، بِأَهَمِّيَتِهَا، وأَنواعِهَا، وضَوابِطِهَا، ويُوصي مار يَعقوب الرسول في إِرشاداتِهِ ورِسالَتِه إِلى الجَماعَات: “تَكَلَّموا واعمَلوا مِثلَ مَن سَيُدانُ بِشَريعَةِ الحرية””، مضيفا: “لَقَد خَلَقَ اللّهُ الإِنسانَ حرا، وَبِالحُرِّيَةِ مَيَّزَهُ عَنِ المَخلوقاتِ الأُخرى، وتَرتَبِطُ الحرية دائمَاً بِالمَسؤولِيَّة، وعلى طالِبِها التَحَرّر أَوَّلاً مِنَ الداخِل، وأَن يَكونَ حرا أَقلَّهُ في حُدودِ وصايا اللّه: لا تَقتُل، لا تَسرِق،لا تَزنِ، لا تَشتَهِ مُقتَنى غَيرَك، ولا تَشهَد بِالزور”.
واوضح أن “الحُرِّيَةَ أَنواع: الحُرِّيَة الشَخصِيَّة، حُرِّيَة الإرادة، حُرِّيَةُ الفِكر، حُرِّيَةُ الرأي، حُرِّيَةُ الإِجتِماع، حُرِّيَة العَقيدَة، حُرِّيَةُ الشَعائرُ الدينِيَّة، الحُرِّيَةُ الإِعلامِيَّة والحُرِّيَةُ السِيَاسِيَّة، لذا على الإِنسان أو الجَماعَة الإِنسانِيَّة أَن تُفَكِّرَ بِحُرِّيَةٍ كما تَشَاء، ولكن بِضَوابِط مِن وَحي الأَخلاقِ والضَميرِ والوطَنِيَّةِ ولَيسَ على الإِنسانِ أَن يَستَخدِمَ حريّته في التَعَدّي على حُرِّيَاتِ الآخَرين وَحُقوقِهِم، ولا في إِهانَةِ الغَيرِ بِالسَبابِ وَالنُعوت، ولا في استِخدامِ العُنفِ ضِدَّ أَخيهِ الإِنسان، كُلُّ ذلكِ في حدُودِ الإِلتِزام بِالقَوانينِ والنِظامِ العام وِالآدابِ العامَّة”.
العنداري رأى ان “الحُرِّيَةَ الحَقيقِيَّة لا تَعني التَفَلُّتَ والإِنفِلاش، ولا تعني التضليلَ والافتراء والتَشهير، فَالمرَاجِع الإنسانِيَّةِ والدينِيَّةِ والأَخلاقِيَّةِ والوَطَنِيَّة تُساعِدُ على استِخدامِ الحُرِّيَةِ بِطَريقَةٍ سَليمَةٍ وَصَحيحَة ومَسؤولَة. ولا تخَضعَ لِلنزَواتِ والهَرطَقاتِ والشَيطناتِ الغَريبَة عَنّا تَحتَ سِتارِ التَطَوّر”.
اضاف: “َأَيُّ تَطَورٍ واَيّ حَضارَة تَقومُ على تَحقيرِ الإِنسان وَهُوِّيَتِه، والتعَدّي على الشَرائع والقِيَم، وعلى انحرافات تَشوِّهُ طَبيعَة الإِنسان الذي خُلِقَ على صورَةِ اللّهِ وَمِثَالِه، لا بَل على مُهَاجَمَةِ النُظَمِ الإِنسانِيَّةِ الطَبيعِيَة وشَريعَةِ اللّه؟ فما نراه في بَعضِ بُلدانِ العالَم مِن تَشريعٍ لشِهَواتٍ ونَزعاتٍ غَريبَة وَعُبودِيَّةٍ حيوانيةٍ وصَنَمِيَّةٍ فاضِحَة، وأَهدافٍ خَبيثَة لِقوِى ظَلامِيَّة غَايَتُهَا إِفسادُ وتَقليصُ البَشَرِيَّة. وما نراه على وسائلِ التَواصُلِ الإِجتِماعي عِندَنا، لا بَل في تَغريدات بَعضِ ما يُفتَرَضُ بِهِم أَن يكونوا مَسؤولين، لا تُبَشِّرُ بِالخَير. تَغريداتٌ ومُطالَباتٌ بَعيدَةً عَنِ الأَصالَةِ اللُّبنانِيَّة. إِنَّهَا تَحَرُّكاتٌ لَيسَت من الحُرِّيَة بِشَيء، بًل مَنَ الجَهلِ والشَعبَوِيَّةِ المُتَفَلِّة والتَحَرُّرِيَةِ
المَمجوجَة. يَقولُ لَنا الكِتابُ المُقَدَّس على لِسانِ يشوع بن سراخ: إِنزَعوا الآلِهَة الغَريبَة التي في وسطكم وأميلوا قلوبكم الى الرب. ويَقولُ لَنا السَيدُ المَسيح بِحَسَبِ إنجيلِ يوحنا” إِن ثَبَتُّم في كَلامي، كُنتُم تَلاميذي حَقّا، تَعرِفونَ الحَقَّ، والحَقُّ يُحَرِرُكُم”. فَإِذا ما حَرَّرَنَا المَسيحُ بِالحٌّقِ، فَلِماذا نَنزَلِقُ بِشِبهِ حُرِّيَةٍ مُزَيَّفَة هِيَ في الحَقيقَة نيرَ العُبودِيَّة؟”.
وأكد “لأَنَّهُ حُرِّيَة، كانَ لُبنان. فَالحُرِّيَةُ عِلَّةُ وُجودِه. وَلُبنانُ الحُرِّيَةِ، إِمّا أَن يَكون، وإِما أَن لا يَكون. وليست الحرية في وطننا حنينا او مزاجاً بل قيمة اساسية ووجودية وارادة حياة وعمل، وشرف للبنان ان يكون من واضعي شًرعَة الإعلانِ العالَمِي لحِقوقِ الإِنسان”. تابع: “كيفَ لا يَكونُ في طَليعَةِ مُحتَرِميهِ وَمُطَبِّقيه؟ وَقَولُنَا في الحُرِّيَة لا يَعني الفَوضى، ولا التَساهُل، ولا المُيوعَة. هِيَ حُرِّيَةُ بِنَاءِ دَولَةٍ في خِدمَةِ الإِنسان، لا إِنسانَاً مسخّرا لِخِدمًةِ الدَولَة. إِنَّها حُرِّيَةُ البنَاءِ لا حُرِّيَةُ الهدم ولا المُساوَمة في الكَواليس ولا في عَمالَةِ التَهريب ولا في تأليفِ ما يُسَمّى بالطَوابيرِ
الخامِسَة، مهما اختلفَت أسماؤها وانتمآتُها. فَالحُرِّيَةُ هِيَ لِلخَيرِ لا لِلشَرّ. إِنَّها حُرِّيَةُ الأحرار والأقوياء، لا عُبودِيَّة الإِستِغواءِ و الإِستِقواء.”
كما شدد على ان “الدَولَة القَوِيَّة تَحتَرِمُ الحُقوقَ والحُرّيات، وتُؤَدّي مَهامَهَا على الجَميع دونَ تَجاوزٍ او تَمَلُّقٍ، او تَخاذُل، ولا بِمِعيارِ شَمسٍ وَشِتَاء تَحتَ سَقفٍ واحِد. قُوَّتُهَا حُكومَة نَظيفَة تَحكُمَ، لا تُساير ولا تُوارِب. مَجلِسٌ نِيَابيِّ يَنتَخِبُ رَئيساً لِلجُمهورِيَّة، يُشَرِّع، يُرا رقِب، يُسائل ويُحاسِب، لا يُحابي ولا يَدفُنُ المَشاريع. قَضاءٌ يَعدُلُ، لا يَستَنسِب، ولا يُمَيِّع، لا يَتَزَلَّم، ولا يَتَسَخَّر. يُحَقِّق في تَفجيرِ المَرفَأ، يُجازي مُرتَكِبي الجرائم”.
سأل: “أينَ أَصبحَ التَحقيقُ في مَقتَلِ الياس الحَصروني إبنِ بلدَةِ عين
إِبل؟ أينَ أَصبَحَت التَحقيقاتُ في أحداثِ الكحالة، والقرنة السَوداء، وسواهُم وسِواهُم في عاصِمَةٍ هِيَ أُمُّ الشرائع؟ لَقَد شَهِدَ لُبنان ما يَفوقُ مِنَ الضَحايا والشُهَداءِ. شُهَداءِ الواجِب، شُهَداءِ الحَقيقَة والحُرِّيَة، شُهَداءِ الكَلِمَة والإِعلام، شُهَداءِ الإنتِماءِ وَالمَوقِف، شُهداءِ الأَوفياءِ، والشُهَداءِ
الأَحياء، واللائحَةُ تَطول…فَهَل أصبَحَتِ الساحَةُ مَرتَعَاً لِمُستَبيحي الحُرِّيَة في البَلداتِ والحُرُمات؟ مِن نَهبٍ لِلمودِعين، وإِذلالٍ لِلمُحتاجين والجائعين، والإِستِقواءِ على الآمِنين، والقَبضِ على القتلى لا القاتِلين؟ هَل أَصبَحَتِ الحُرِّيَةُ في وَطَنِنَا إِستِباحَةً وتَدنيسَاً لِلحُرِّيَة، استكبارا وفجورا وتذابحا في التَعَصُّب، تَناهُشَاً في البَغضاء، تَصارُعَا على النُفوذ،ً تَقاتُلاً على الزَعامَة، تناحرا على المَناصِب، وتَلَهِّيَاً بِالقُشور؟ “.
وتوجّه الى “أبناءَ وَطَنِ الأَرز، وَطَنِ الحُرِّيَة الحَقيقِيَّة”، بالقول: “رِسَالَتُنَا وغَايَتُنَا أَنَّنَا نُريدُ ونُدافِعُ ونَستَزيدُ في النِضال لِتَبقى لَنا الحُرِّيَة. حُرِّيَة أَبناءِ اللّه، الحُرِّيَة الحَقيقِيَّة. لِتَبقى الحُرِّيَةُ لَنَا مُواجَهَةَ أَخطَبوطِ الفَساد، وإِصلاحَ الإِدارَة، و إِرساءً لِلنُهوضِ عَبرَ احترام وتَطبيقِ الدُستور دون انتقائية، وعَبرَ خُطَةٍ للِإِصلاحِ والتَعافي، وتطبيقِ اللامركزية الإدارية. لِتَبقى لَنا الحُرِّيَة في لُبنان أَلوَطَنِ الواحِد لأَبنائه.”
واذ أكد ان “مِعيارَ الوَطَنِيَّةِ الصَحيحَة هِيَ في الحِفاظِ على بَيتِنَا المُشتَرَك: لا لِلتَوطين ولا لِلنازِحين”، اضاف: “لقد قيل: أنتَ في دارِكَ وأنا في داري، هكذا أريدك يا جاري. لَسنا بِحاجَةٍ إِلى ضُغوطٍ مِن داخِل ومِن خارِج، او إلى محاضرات في العِفَّةِ والعُنصُرِيَّةِ وَالفِئَوِيَّة. لَبنانُ لِلُّبنانيين. لبنانُ قطعَةٌ من الأَرضِ المُقَدَّسَة لبنان وَطَنُ الحُرِّيَة بِحَسَبِ ما نادى بِهِ كَثيرون، وفي طَليعَتِهِم، ألمُثَلَّثُ الرَحمَة بَطريركُ المُصالَحَة والإِستِقلالِ الثاني، مار نصرالله بطرس صفير الذي قال: “نَحنُ قَومٌ أَحببنا الحُرّيَة ودونَ حُرِّيَة لا يُمكِنُنَا أَن نَعيش”. ساعِد نَفسَكَ تُساعِدُكَ السَماء، ولا نَنتَظِرَنَّ المُساعَدَة مِن أَحَد، إِذا نَحن لم نَعرِفُ أَن نُساعِدَ أَنفُسَنَا”.
العنداري الذي استعاد قولا لجبران خليل جبران: “الحَياةُ بِغَيرِ الحُرِّيَةِ كَجِسمٍ بِلا روح، والحُرِّيَةُ بِغَيرِ الفِكرِ كالروحِ المُشَوِّشَة، أَلحَياةُ والحُرّيَةُ والفِكرُ ثَلاثَةُ أَقانيم في ذاتٍ واحِدَة أَزَلِيَّة، لا تَزولُ ولا تَضمَحِل”، ختم بالقول: “أَللّهُمَّ أَنقِذ لُبنَانَنَا مِن غَياهِبِ الجَهلِ والعُبودِيَّة لِنَبقى أحرارا في الحَقِّ وقَولِ الحَق والشَهادةِ لَلحَق، لأَنَّنا دُعينَا إِلى الحُرِّيَةِ والحَقّ، ولِتَبقى لَنا الحُرِّيَة – آمين!”.
بعد تقديم التحية للإكليروس، ألقى جعجع كلمة استهلها بالقول: “جبناءُ هُم والليلُ عباءةُ إجرامِهِم، والنهارُ ايضاً، جبناءُ هم كخفافيشِ الليلِ تسلَّلوا الى بلدةٍ مسالمة هانئة ليزرعوا الموتَ بهدَفِ زرعِ الخوف. حصدوا الدَّمَ، لَكِنْ، وَطالما في عروقِنا دمٌ، لنْ يحصُدوا إلاّ مقاومة مقاومة مقاومة”.
وقال: “نلتقي سنوياً في مثل هذا الوقت وفي المكان تحديداً لنصلي عن راحة انفس شهدائنا ونستذكرهم، الا أن هذه السنة “ما رح تكون هيك وبس” اذ سنعيش بشكل حي ومباشر اللحظات الأخيرة لرفيقنا الياس الحصروني قبل استشهاده. فالذكرى شي، والعيش مع الشهيد في لحظاته الأخيرة أمر مختلف تماماً. رفيقنا الياس المحبوب من أهل بلدته والملقّب بـ”الحنتوش”، كان إنساناً صلباً، مسالماً، صاحب مبدأ و”كتير آدمي”، وكان يُعتبر مرجعية في بلدته الى جانب صداقاته الكثيرة بين أهالي قرى الجنوب، هو الذي عاش حياته في عين إبل أقصى الجنوب”.
جعجع استذكر حادثة اغتيال الحصروني، فأوضح في هذا السياق: “يوم الأربعاء في 2 آب الماضي، كان يسهر مع بعض الشباب في ساحة البلدة وغادر عند التاسعة مساء، تاركاً الحاضرين متوجّهاً الى منزله. وقد تبين في التحقيقات، حتى اللحظة، ان 4 سيارات على الأقل “مترابصينلو” ممكن يكونوا أكثر، توزّعت على نقاط معيّنة على الطريق، واعترضته اثنتان منها وترجّل “رجال منّن رجال ابداً” وخطفوه واقتادوه في السيارة الى مكان يبعد 5 دقائق تقريباً حيث قتلوه عن طريق الخنق بطريقة من الطرق، “ما انعرف كيف لأنّو ما تنسوا، بالجنوب لا في دولة، ولا في تحقيق ولا من يحققون”. خنقوا الياس وقتلوه، و”دفشوا” سيارته الى “سهلة تراب” قرب الطريق ورموه بقربها بإخراج هوليوودي كتير سيئ وفظيع ليبدو وكأنه تعرض لحادث سيارة توفى على أثره”.
استطرد: “هذه الحادثة مؤشر للحوار الذي يبشّر به محور الممانعة منذ أشهر وأشهر: “بيدعوك عا حوار تيخنقوك ويقتلوك، أو تيخنقوا مبادئك وقناعاتك وحريتك ويضطروك تعمل متل ما هني بدن، ماذا وإلاّ …” وتبين ان هذه الجريمة منظمة، فمثلاً: كل من السيارات الأربعة المشاركة اتت من بلدة مختلفة من: عيتا الجبل، بنت جبيل، حانين وبرعشيت. والمستغرب ان كل هذا جرى فيما “حزب الله” “ما معو خبر شيء”. توقّفنا عند كل هذه التفاصيل لأن الحقيقة العارية فقط تنقل الفكرة الأوضح عن الفريق الآخر”.
وشدد على انه “هذا هو محور الممانعة والمقاومة تماما، وهذا مثال الدفاع عن اللبنانيين الذي يتغنون بها يوميا، وهذا هو الحوار الذي يدعونا اليه، وبالتالي فريق الممانعة فريق إجرامي بامتياز، ويتصرف بعض اللبنانيين والناس وكأنه لم يحدث شيئاً، سائلاً: “ما الذي فعله الياس الحصروني لاغتياله؟ جل ما قام به هو التعاون مع وجهاء عين إبل وسكّانها لمنعهم من ان “يسرحوا يمرحوا” فيها خارج كل قانون”.
كما رأى ان “محور الممانعة و”حزب الله” في لبنان يتصرّفون كما يريدون خارج كل قانون ودستور، وبعيداً من رأي جميع اللبنانيين الآخرين”، مضيفا: “ماذا وإلاّ اغتيال رفيق الحريري، باسل فليحان، سمير قصير، جورج حاوي، جبران تويني، بيار الجميل، وليد عيدو، أنطوان غانم، وسام عيد، وسام الحسن، محمد شطح، لقمان سليم… ماذا وإلاّ 7 أيار 2008 مع اكثر من 100 مواطن لبناني شهيد من بيروت والجبل… ماذا والاّ عين الرمانة والكحالة وعين إبل…”
في ذكرى شهداء “المقاومة اللبنانية” رسالة من جعجع الى الحصروني، قائلا: “عشت بطلاً، واستشهدت بطلاً لأنّك أصريت طيلة الوقت ان تعيش ذاتك وحقيقتك، و”ياما يا الياس” بعض الناس من الذين ما زالوا على قيد الحياة “صحيح عايشين، بس أذلاء عبيد” لانهم يعيشون حقيقة وقناعات غيرهم، عيشةٌ في الذِّلِّ لم ترضَ بها ومِيتةٌ في العِزِّ بالنِّسبةِ لكَ افضلُ منزلِ”.
أما لعائلة الحصروني فتوجّه: “الياس كان له شرف الشَهَادة، للمحافظة على شرف وكرامة اهالي منطقة بكاملها. انتم اليوم “أهل الشهيد الياس الحصروني” الذي اضيف اسمه على اسماء كثر في هذه الساحة اختاروا البطولة كي لا تركعوا انتم ونحن في يوم من الأيام. صحيح ان الياس لن يفتح المنتجع يوميا ولن يجول في عين إبل والجنوب، ولكنه انضمّ الى القافلة الأكبر وبات بامكانه زيارة كل شبر من لبنان لنبقى ونستمر”.
“رئيس القوات” لم ينسَ عروسة الجنوب عين ابل، قائلاً: “كنتِ بطلة وصامدة وصابرة ولن تتبدّلي أبدا، من كيروز بركات الى الياس الحصروني، “حراسك لا نعسوا ولا رح ينعسوا”.
والى محور الممانعة، قال “رئيس القوات”: “إذا كانَ لباطلِ الإجرامِ جولةٌ، فسيكونُ لحقِّنا في الحياةِ والحريّةِ الفُ جولةٍ وجولة. “إنت مش أخضر بلا حدود، إنت أسود بلا حدود، ونحنا رح نكون مواجهة بلا حدود””.
جعجع الذي رأى انه حان الوقت ليتخذ اللبنانيون القرار، سأل: “هل لبنان الذي نعيشه حالياً هو لبنان الذي نريد؟ هل هذا لبنان الذي تعبنا وضحّينا وسهرنا ليالي وسنوات وقرون من اجله؟ هل هذا لبنان الذي استشهدنا من أجله عشرات آلاف المرات؟ هل هذا لبنان الذي اخترناه بيتا لنا من بين بيوتٍ أخرى على وجه الأرض؟ هل هذا لبنان الذي نريد توريثه لأولادنا؟ “أكيد لأ، ومية والف لأ!””
وذكّر اننا “نشهد يوميا تعديات مادية، بدءاً من لاسا مرورا بجرود جبيل وصولاً الى جرود جزين، ومن 7 أيار الى عين الرمانة وعين إبل وما بينهما، شويا وخلدة، واخيرا الكحالة التي أكدت ان أهلها بجميع تلاوينهم السياسية يرفضون محور الممانعة”، مشدداً على ان “التعدي بات شبه يومي من جهة على ثقافتنا وطريقة عيشنا وحبنا للحياة حتّى شواطئنا في جونيه وجبيل صارت بالنسبة لهم “شواطئ فسق وفجور”، ومن جهة أخرى على صورة لبنان في الخارج في وقت بذل في سبيلها أجدادنا وأباؤنا الغالي والرخيص”.
وأسف لتحوّل “لبنان من بلد الثقافة والحضارة والتقدم والتطور والكرامة الإنسانية الى بلد التخلف والانحطاط والإجرام وتصنيع المخدرات وترويجها وبلد الفقر والعوز والجوع و”الشحادة” والموت على أبواب المستشفيات، فانتقل من دولة وصفت في وقت من الأوقات بـ”سويسرا الشرق”، وعن حق، الى دولة فاشلة “ما حدا بيقبل يتعاطى معها””.
واذ حذر من “محاولة جدية لتغيير كل شيء في حياتنا وبلدنا كي يتطابق مع مواصفات دول محور الممانعة من سوريا الى إيران، الأمر الذي لمسه اللبنانيون”، لفت الى ان “بعض السياسيين المنتخبين من الشعب لا يرغب بالاعتراف بالحقيقة كما هي، ويتجاهل الواقع امامه”، متوجها الى هذا البعض: “مهما حاولت الهروب من الاعتراف بهذه الحقيقة ستلاحقك وستُنغّص حياتك، كما سينغص حياتنا، لذا واجه معنا لنستعيد سويا وطننا ودولتنا”.
تابع: “هؤلاء السياسيون يذكّروننا بمتلازمة استوكهولم: إنكار كامل للواقع، ويبررون موقفهم بأنهم “خارج الاصطفافات”، ولكن عن أيّ اصطفافات يتحدثون؟ أنتم تختارون اليوم أي لبنان تريدون: لبنان الكبتاغون والتهريب والفساد والتخلف والفقر والتعتير والعوز، أو لبنان الرسالة والحضارة والتطور والإنماء والبحبوحة التي طالما تغنّى بها الأدباء والشعراء وشعوب العالم. بقدر ما تتهربون من مواجهة الواقع والحقيقة ومن تحمل مسؤولياتكم، على قدر ما نصر ونصمم مع كثر من اللبنانيين على مواجهة هذا الواقع وقول الحقيقة مهما كلّفت، والقيام بما يلزم للخروج من هذا الجهنم الذي نتخبط به الى الواقع الذي نريده”.
أردف: “اننا نصطف علنا مع لبنان جبران خليل جبران وشارل مالك وحسن كامل الصباح، في وجه لبنان الكبتاغون والتهريب والإجرام، كما نختار بصوت مرتفع لبنان رفيق الحريري والإنماء المستمر مقابل لبنان التحرير المستمر من دون أي تحرير، الاّ من شبابه. اننا نؤيد لبنان الذي يسعى الى بناء أوثق العلاقات مع الدول الخليجية والعربية في مواجهة لبنان سوريا الأسد وإيران، كذلك ندعم لبنان العلم والحضارة، الثقافة والتطور، أمين معلوف، الرحابنة وميّاس، ونرفض لبنان التخلف والظلامية والقرون الوسطى”.
وجدد جعجع التأكيد ان “لا مشكلة لدى “القوات اللبنانية” مع “حزب الله” او الأحزاب الممانعة الاخرى كأحزاب سياسية، باعتبار ان المشكلة الأولى ترتبط بمشروعهم للبنان الذي يتمثّل اليوم من خلال الواقع الذي نعيشه، الا أن المشكلة الأكبر تبقى مع طريقة فرض مشروعهم بالقوة والإكراه والغصب والاغتيالات وكل الوسائل الملتوية التي لا يتصوّرها عقل انسان”.
استطرد: “نسمع محاضرات دورية من قياديي حزب الله ومحور الممانعة حول العفة والطهارة الاستقامة، في وقت هم أنفسهم من دعم جماعة الفساد في العقد الماضي للحصول على وزارات الخدمات الأساسية التي من خلالها مارست الفساد على اعلى المستويات وبأبشع الطرق الممكنة، وكبّدت الدولة عشرات مليارات الدولارات، ومن عطّل تشكيل الحكومات لأشهر طويلة وطويلة كثير بغية تأمين وزارتي الطاقة والأشغال وغيرها لحلفائه، دون ان ننسى من تولّى حقيبة وزارة المال منذ 10 سنوات”.
أضاف: “عندما طفح كيل اللبنانيين نزلوا الى الساحات والشوارع احتجاجا على اوضاعهم المأساوية، حينها من أرسل ميليشياته لضربهم وحرق خيمهم واجبارهم على ايقاف تحركهم؟ من الحامي الفعلي لمنظومة الفساد في هذه الدولة؟ من يغطي التهريب الذي يكبّد المواطن خسائر نحو مليار دولار سنويا؟ من يشجع على التهرب الضريبي والجمركي الذي يكلّف الخزينة اللبنانية حوالي المليارين دولار سنويا؟ من “هشّل” السواح العرب، وخصوصا الخليجيين الذين شكّلوا مصدرا أساسيا للدخل القومي؟ من تسبب بتوقّف المساعدات الخليجية المباشرة وكل الاستثمارات عن لبنان واللبنانيين؟ من يسهّل إنتاج الكبتاغون وبقية أنواع المخدرات والاتجار فيها في لبنان والمنطقة ككل “إذا مش ابعد من هيك كمان”؟ من يلاحق الناشطين وأصحاب الرأي الحر بالقمع والاغتيالات، وآخرهم لقمان سليم والياس الحصروني؟ من يتدخّل بالقوّة لعرقلة التحقيق ومنع تبيان الحقيقة في اي جريمة يكون المتهم فيها “حدا من عندو او بيهمّو امرو”؟ الجواب: محور الممانعة، ثمّ محور الممانعة، وليس آخِراً محور الممانعة”.
ولفت الى ان “المثل الأكبر في هذا المجال يكمن في تعطيل التحقيق بانفجار مرفأ بيروت الذي ترك وراءه أكثر من 220 ضحية، آلاف المصابين، وعشرات الآلاف من المتضررين، وعلى الرغم من فداحة المصاب وهول الفاجعة التي هزت لبنان والعالم، لم يرف جفن لحزب الله بل هدد قضاة التحقيق وتدخل “هون وهون” حتى توصّل الى تعليق التحقيق… طبعاً في الوقت الحاضر”.
لذا ذكّر ان “”القوات” منذ اللحظة الاولى تنبّهت للموضوع ولجأت الى المراجع الدولية لإقناعها بأن التحقيق المحليّ لن يؤدّي الى أي حقيقة او عدالة في ظل هيمنة السلاح غير الشرعي، انطلاقا من هنا طالبت بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية بانفجار المرفأ، وستستمر في المطالبة وتكثيف الجهود، بمؤازرة الأهالي وجمعيات حقوقية محلية ودولية عديدة للتوصل الى تحقيق يجلي الحقيقة كي ترتاح أرواح شهداء المرفأ وترقد بسلام وتغمض جفون الأهالي”.
ورأى ان “محور الممانعة استطاع القيام بكل هذه الموبقات والفساد وتعطيل القانون من خلال عمليات الاغتيال والعنف والتهديد والتخويف وعبر منظومة امنية- عسكرية كلياً خارج الدولة والقانون وكل منطق للعيش المشترك، الى جانب الـ30 او 40 نائبا ينتمون اليه، ورغم كل هذه الشنائع والفظائع والفساد الى حد افلاس كل بيت ومؤسسة في لبنان “بيرجع بيعيّطلك عالحوار!”، موضحاً انه استخدم هذه العبارة عن قصد لأنها تجسّد الحقيقة المرة والواقع المأساوي الصعب.
جعجع الذي استشهد بقصة “الديب الذي تنكّر بزي “الستّ الختيارة” وعيّط للفتات على أساس يحكي معا، بالوقت يللي كان عم بيحضر حالو بالفعل تياكلا”، توجّه الى “حزب الله”، بالقول: “لأ. “إذا كنت قادر تاكلنا، كِلْنا نحنا وواقفين- ما تنتظر لحظة نخلّيك تاكلنا نحنا وقاعدين حدك”، فقد تعلّمنا من كل ما حصل في السابق، تعلمنا من رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز، تعلّمنا من 7 ايار، وتعلّمنا مؤخراً من لقمان سليم والياس الحصروني”.
واعتبر انه “رغم كل ارتكابات محور الممانعة، نجد ان البعض ما زال مصرّا على القيام بصفقات مع حزب الله، و”كأنو ما صار” في كحّالة او عين إبل او عين الرمانة او 7 أيار، ام كبتاغون وتهريب وفساد، بغية تغطية صفقة محتملة، فهذا البعض يطرح عناوين طويلة عريضة لم يؤمن بها يوما ولم يعمل من أجل تحقيقها في صلب السلطة، وله نقول: من الحرام ان تستخدم عناوين جدية مهمة في صميم المصلحة العامة، من أجل ابرام صفقات تخدم مصالحك الشخصية وتضرب مصالح اللبنانيين بالعمق، تشبه نتيجة صفقة “مار مخايل” التي اوصلتنا الى هذه الحالة، ما يعني ان اجراء اي صفقة مماثلة “بطّيرنا من الوجود وبيقبع لبنان من الجغرافيا””.
تابع: “علاوة على كل ما حدث، يحاولون منذ سنة تقريبا ايصال مرشح تابع لهم على سدة الرئاسة الأولى، من خلال اعتماد اسلوبهم التعطيلي، فهم يصرّحون ليلاً نهاراً عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، فيما يعطلون الانتخابات اما من خلال عدم الدعوة الى جلسة او السعي الى فضها عبر انسحابهم بحجة التعادل السلبي في المجلس. لنسلّم جدلاً ان هذا المجلس لن يستطيع انتخاب رئيس جديد، فلماذا تغادرون من الدورة الأولى بدل المشاركة في دورة ثانية وثالثة … وعاشرة عندها سنرى إذا كان هذا المجلس سينجح في انهاء الفراغ.”
وتساءل عن “سبب دعوتهم الى الحوار عندما يحين فقط موعد الاستحقاق الرئاسي، ففي الأمس القريب جرت انتخابات رئاسة المجلس النيابي في ظل التركيبة الحالية، وحصلت الانتخابات وانتخب الرئيس بـ65 صوتاً و”مشي الحال””، مضيفاً: “لماذا عندما وصلنا الى الانتخابات الرئاسية “ما بقا يمشي الحال” وبات يعد هذا المجلس مقسوماً، واصبحنا بحاجة الى حوار و”صار بدا جمعية عمومية للأمم المتحدة”؟ فلو كان محور الممانعة يملك 65 صوتا لمرشحه أكان دعا الى الحوار؟ الجواب بسيط: هذا المحور غير قادر على ايصال مرشحه، في الوقت الذي لا يقبل بغيره”.
في هذا السياق، ثمة سؤال طرحه “رئيس القوات”: “هل يجوز، بعد كل ما حدث، ان يؤخذ البلد رهينة لست سنوات مقبلة من قبل الفريق الذي اوصلنا الى الهاوية من خلال سياساته العامة واداراته السيئة وفساده وتقوية الدويلة وإضعاف الدولة؟”
والى “اصدقاء لبنان في الخارج الذين يحاولون مساعدته، خصوصاً من يتمتّعون بتاريخ طويل من الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ووجود دولة فعلية وحسن سير مؤسساتها”، علّق قائلاً: “بكل صراحة ومحبة، كنّا ننتظر منهم مساعدة اكثرية اللبنانيين الذين يتشاركون معهم القيم نفسها لبناء دولة ومؤسسات فعلية في لبنان، وكي يسود حكم الدستور والقانون، بدءاً من انتخاب ديمقراطي وفعلي لرئيس الجمهورية في المجلس النيابي اللبناني، تبعاً لما يقتضيه الدستور، هذا ما كنا ننتظره منهم بدل مجاراة الفريق الآخر بخزعبلاته، تارة بمقايضة رئيس الجمهورية برئيس الحكومة، وطورا بتخطي الدستور وقواعد اللعبة الديمقراطية الفعلية وتخطّي المجلس النيابي عبر صفقات جانبية يُطلق عليها زوراً اسم “حوار”، هذه الخزعبلات التي كانت أصلاً سببا في هلاك لبنان في السنوات العشر الماضية”.
وجدد التأكيد ان “طريق جهنّم مرصوفة في كثير من الأوقات بالنوايا الحسنة والكلام الطيب، ولكن في نهاية المطاف تبقى طريق جهنّم، لذا لن نسلكها ولو للحظة وسنصرخ: “عا بعبدا ما بيفوتوا””. وقال: “نحن مستعدون ان نتحمّل الفراغ لأشهر وسنوات، الا اننا غير مستعدين أبداً لتحمّل “تقالة دمّن” بالدرجة الأولى، وفسادهم وسرقاتهم وسوء إدارتهم وسيطرة دويلتهم على دولتنا بالدرجة الثانية، لذلك لن نرضى إلاّ برئيس يجسّد، ولو بحد مقبول، قناعاتنا وتطلعاتنا فيكون بقدر مهمة الإنقاذ التي يحتاجها البلد. نحن لا نريد رئيس جمهورية لنا، بل نسعى الى ايصال رئيس الى “الجمهورية” التي يحلم بها كل لبناني. انطلاقاً من هنا، تأكدوا من أمر واحد: “قد ما جربوا، قد ما حاولوا، وقد ما تملعنوا، قد ما ضغطوا، وقد ما اغتالوا، في نهاية المطاف: عا بعبدا ما بيفوتوا”.
واذ طمأن اللبنانيين بأنه “في خضم الواقع المأساوي ورغم كل التعقيدات لست متشائماً أبدا، فلنتذكّر ان كل ولادة تترافق مع المخاض والآلام، وعلينا الاستمرار حتى الوصول الى واقع جديد”، شدد جعجع على انه “حين نتمتّع بالإرادة في الحياة وعندما نتمسك بالحرية “كلّو بيهون”، فالإرادة بالحياة والتمسّك بالحرية راسختان في جيناتنا الوراثية، ولم تستطع أكبر الامبراطوريات في الماضي نزعها منا”.
تابع: “من المؤكد، لن تكون هذه الطريق سهلة ولكنها “رح تكون ورح تحصل ورح نوصل لأنو ما في شي بهالدني بيصير عالهينة”، ولو انه يحتاج الى تعب وجهد وسهر وكد، ومن لا يتعب لوطنه لا يستأهل وطناً. هناك حلول سهلة وسريعة ولكنها بمثابة انتحار وليس حلاً، ولن نقبل بها لأن شهداءنا “ما استشهدوا تا يشوفونا عم ننتحر”، وهذا الحل يتمثّل بالرضوخ لمحور الممانعة وانتخاب مرشحه، ما ليس وارداً “لا مبارح، ولا اليوم ولا بكرا ولا اللي بعدو الى أبد الآبدين، آمين” …”عا بعبدا ما بيفوتوا””.
وأعلن ان “الحلّ الفعلي يكون بعدم الرضوخ والتمسك بموقفنا وتطلّعاتنا وقناعاتنا، “وما يرفّلنا جفن رغم كل الصعوبات حتى يتعب التعب منّا” ويتأكّد محور الممانعة أنّه فشل بفرض ما يريده علينا، وعجز عن تخطينا مهما طال الزمن، عندها سيُجبر على الأخذ بالاعتبار الحقائق اللبنانية التاريخية والتصرّف بعقل ومنطق وواقعية”.
استطرد: “نحن لا نطلب المستحيل، انما نرغب بالعيش كما بقية البشر، ونطالب بدولة فعلية لا صورية، خالية من الفساد، تتحمّل مسؤوليتنا وتمنع ان يكون مصيرنا في أيادٍ مجهولة مجرمة، خارج الدولة والدستور والقانون، اي نطالب بدولة “ما تكون محشية” بحلفاء محور الممانعة لمجرّد أنّهم حلفاؤها و”بيحموا ضهر المقاومة ولو كسروا ضهر لبنان وشعبو”. اللبنانيون يستحقون وضعاً أفضل من ذاك الذي يعانون منه، انطلاقاً من هنا، لن نسكت، لن نستكين، لن نضعف، لن نساوم، ولن نخاف، انما سنستمر في المواجهة لكي ننجح بإيصال شعبنا الى واقع أفضل”.
كما لفت الى انه “خلافا لما يعتقده محور الممانعة الذي لا يعترف إلاّ بالقوة الغشيمة، نحن أقوياء، لا بالاغتيالات والإجرام، بل بالإرادة والتصميم والصلابة وسلاح الموقف وتأييد أكثرية اللبنانيين”. ورد على من يسأل “ما زال “إنتو قوايا”، شو عملتو من الانتخابات لهلق، وشو قادرين تعملو بعدين”، قائلاً: “تأكّد تماماً أننا قادرون أن نأخذ البلد الى برّ الخلاص، وكل كلمة قلناها نعنيها، “إيه أكيد نحنا بدنا ونحنا فينا” من موقعنا كمعارضة كوننا لسنا في السلطة حالياً. بالعودة الى الحقبة التي كان لحزب القوات” سلطة امر واقع جزئية جداً، في ظرف استثنائي جداً وفي عز الحرب، يتذكر الجميع الأمن والتضامن الاجتماعي والنقل المشترك وعمليات القلب المفتوح والازدهار والبحبوحة. كذلك ترون اليوم في المناطق التي لنا ولاء كامل فيها كيفية تطبيق القانون ووضع البنى التحتية والانماء والعمران على كلّ المستويات”.
جعجع الذي جدد التأكيد ان “القوات” اينما وجدت “بدا وفيا”، وقد اظهرت وهي في صفوف المعارضة حاليا انها “بدا وفيا”، آثر التذكير بأنها “كانت اول المطالبين بالتدقيق الجنائي عام 2017، ولو حصل ذلك لكنا وفّرنا على لبنان حوالي 40 مليار دولار، كما أنها طرحت في 2 أيلول 2019، اي قبل الإنهيار، انسحاب المنظومة لتحل مكانها حكومة تقنيين، ولو حصل ذلك في حينها لكنّا تجنّبنا الإنهيار، وفي العام 2020، وبعد انفجار المرفأ طرحت “القوات” وعملت لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية لتحقيق العدالة، وفي 14 حزيران 2023 لو لم يعطّل المعطّلون ويتردد المترددون، لكنا انتخبنا رئيساً جديداً للبلاد”.
أضاف: ” نعم، “نحنا بدنا وفينا”، ولكن ضمن حدود الوكالة التي زوّدتمونا بها، فحتى الآن منحتونا وكالة للمعارضة ونتصرّف بها على هذا الأساس بافضل وأرقى الطرق، ومواجهتنا لمحور الممانعة رغم كل جبروته لإيصال مرشحه لسدة الرئاسة خير مؤشر على ذلك. كذلك كنتم شهوداً على أداء وزرائنا حين شاركوا في الحكومة، وتلمسون حالياً أداء نوابنا في تكتل “الجمهورية القوية” المتراصَ والمندفع و”الشغّال 24/24″ في المواضيع والاختصاصات كافة وفي اندفاع دائم لمشاركة الناس بهمومهم الى جانب الحضور اللافت والمستمر في اللجان النيابية والعمل الرقابي والتشريعي، بدءا من معارضة “التكتل” للموازنات المعتورة المقدّمة، مرورا بالعمل الدائم لكشف حقيقة انفجار المرفأ، وصولاً الى مواكبة مشاكل واهتمامات القطاعات كافة”.
واذ أوضح أن “”كل شي جاهز عنّا” للبدء بعمليّة الإنقاذ المطلوبة، شرط ان تتشكل السلطة التي ترغب بالانقاذ الفعلي وتنطلق مع رئيس جمهورية انقاذي”، ذكّر جعجع بـ”تواصل “القوات” مع كل النواب الذين لا ينتمون الى محور الممانعة، والنجاح في تكوين نواة معارضة صلبة، واضحة، لا تساوم، مصممة على مسيرة الإنقاذ حتى النهاية، وسوف تتابع مساعيها رغم الصعوبات، للتوسّع أكثر وأكثر في إطار المعارضة”.
وأكد ان “لا خلاص للبنان من دون معارضة واسعة، واضحة، لا تساوم، ولا خلاص من دون عملية إنقاذ واضحة المعالم، وما من انقاذ من دون رئيس سيادي إنقاذي، لذا خيارنا لبنان اولاً… وأخيراً، خيارنا التعددية بالوحدة، خيارنا 10452 كلم2، خيارنا الدولة: دولة فعليّة من دون فساد، خيارنا النضال لتبقى لنا الحرية… ولِتبقى لنا الحرية، سنبقى قواتٍ لبنانية: قواتٌ في العقيدة، عمقٌ في الإيمان، صلابة ٌفي الاِلتزام”.
في رسالة الى الشهداء، قال جعجع: “انضمّ اليكم رفيقنا الياس الحصروني، رفيق عصامي، مناضل صلب، قضى حياته مثلكم في سبيل القضية، وكلّني ثقة انّه كما كنتم سندا لنا حين كنتم معنا “هيك رح تبقوا، مطرح ما انتوا” ولكن بفاعلية أكبر و”ما حدا رح يقدر يمدّ إيدو عا تراب رويتو بدمّكن، ولا عا شعب فديتو بحياتكن”. لا تنسونا في اي لحظة، وتأكدوا اننا سنتابع المسيرة مهما كانت التضحيات كبيرة والثمن غاليا لنحقّق الأهداف التي استشهدتم من أجلها”.
واستعاد جعجع في الختام حين توجّه الى “الرفاق المستمرين في مسيرة النضال”، ما قاله في الجلسة الأخيرة لمحاكمته “والتي أثبتت الأيام صحّته والذي يعبّر تماماً عن موقفنا بالوقت الحاضر”: “لا يَعتَقِدَنَّ مُعتَقِدٌ أَنَّ الله قَد مات أَو أَنَّهُ لا يَتَدَخَّلُ في أحداثِ التّاريخ، فَمَهما يَكُن مِن أَمرٍ، فَأَنا كُلّي إِيمان، لا بَل أَعمَقُ وأَبعَدُ مِن الإِيمانِ بَعد، بِأَنَّهُ ومَهما تَكُن الطَّريقُ طَويلة، صَعبَة شاقَّة ومُتَعَرِّجَة فِإِنَّهُ في نِهايَة المَطافِ لن تَكونَ إلّا مشيئتُه وكَما في السَّماءِ كذلك على الأَرض… وتحديداً على أرضِ لبنانَ… لِتَبقى لنا الحرية!”.
وعاون المطران العنداري الآباء وسام أبو ناصر، سليمان وهبة، شارل كساب وجورج العميل، وخدمت القداس جوقة “وتر” -زحلة برئاسة فادي نحاس، وتلا الرسالة عماد روكز فيما رفع الإعلامي بول عباس الصلاة عن نية الكنيسة، وقال: “الكنيسة أم، والأم تدرك كيفية الفصل بين الزؤان وحبة القمح التي تموت في الأرض وتنبت سنابل. مقاومتنا ولدت على نداء الأجراس “لما دق الخطر عالبواب”. يا رب، ساعد كنيستنا بكل أغصانها كي تكون دائماً النور الذي يهدينا وتبقى أمينة على تراث القدّيسين والشهداء، وترفع الصوت المدوي: “لا تسكتوا عن الظلم والذل””.
وتلا جان مارك نمور نية لبنان، قائلا: “لبنان لنا لذا نحن هنا تحت علَمنا المصبوغ بدم الشهداء وبياض النظافة وأخضر الأرز والعز. يا رب قلت لنا “الحقُ يحرركم”، ونحن أولاد الحرية، و”كل شبر بندر”، “لتبقى لنا الحرية”، فهي كالخميرة لـ10452 كيلومتر مربع. لبنان اليوم يعاني الإذلال المشرّع والاحتلال المقنّع، ولكن مقابل كل يوضاس هناك “مناضل”، وفي وجه كل متجبّر نجد “مقاوما” وامام كل جندي في جيش الوصاية هناك “بطل”. يا رب، لبنان لنا طالما “هوّي وقف إلك””.
اما مارك سعد فقرأ نية حزب القوات اللبنانية، وجاء فيها: “القوّات” اليوم، وليست المرة الاولى ولن تكون الأخيرة، عرضة للسهام بالصدر والغدر، لأنها الوحيدة القوية في الحق، و”بتقول لأ” في وجه السلاح والفساد. فهي تشهد للحقيقة كما أوصى السيد المسيح، وللخائفين تقول: “لا تخافوا”، لقليلي الإيمان “وقفوا” اما للمتألمين والمحبطين فتقول لهم: “ساعة الخلاص مهما تأخرت جاية”. هكذا تعلّمنا مع “البشير”، وسنتابع هذه المسيرة بصمود مع “الحكيم”، حتى “تضل جراسنا تدق”، وتتحقّق مشيئة الرب كما في السماء كذلك على الارض”.
بدورها رفعت رنده نادر الصلاة على نية الشهداء، فقالت: “تحت الشّمس، وفي رياح الثلج، في النار وعتمة الليل، استُشهِدوا قوافل، كي يبقى لنا وطن وليس مزرعة، أرض حرة وليس مرتعا للغرباء، لتبقى كرامة الانسان لا ذل الجوع والظلم والحرمان، مات الشهداء وأياديهم مرفوعة نحو السّماء كي لا يتمكن أحد من رفع اصبعه في وجهنا. شهداؤنا معك يا رب حول عرشك السماوي، هم الذين لم يسألوا عن عروش وكراسٍ ولا عن مناصب ومكاسب. صلاتنا لهم كي نثبّت إيماننا بين أرضنا المجبولة بدمّهم وسمائهم المزدانة بأرواحهم. “.
كما تلت سحر الحصروني نية عن روح الشهيد الياس الحصروني، جاء فيها: “بطل جديد كتب إسمه في سجل الشهداء الخالدين. ابن عين إبل الأبية، بعد ان فشلوا وخافوا مواجهته وجها لوجه، استفردوا به وغدروه تحت جنح الظلام. إلياس الحصروني، شهيد الشراكة المطعونة، وضحية الوحش الجبان الذي يعيش على ثقافة الموت والإلغاء. بين يديك نستودع يا رب روح البطل، وكلنا ثقة ورجاء بأن شهادته لن تذهب سدىً، لانك انت سيّد الحق وإله العدالة”.
وكانت “كشافة الحرية” بدأت بمشهدية تحية لارواح شهداء “المقاومة اللبنانية” ليدخل بعدها أكثر من 100 كاهن من مختلف الرهبانيات والرعايا، وقدّمت كوادر من “القوات اللبنانية” البخور والقرابين. وتسلم جعجع مشعل “المقاومة اللبنانية” من الكشافة ووضعه على نصب الشهداء، تأكيدا على استمرارية المقاومة، وتزامنا ضرب عدد من المحازبين التحية للحكيم والشهداء ورُفعت السيوف.
واشرف على التحضيرات الامين العام اميل مكرزل بالتعاون مع لجنة الانشطة وجهاز الشهداء والمصابين والأسرى ومكتب البرتوكول والاعلام، بالاضافة الى منسقي المناطق والقطاعات والمصالح بالتعاون مع شركة “ICE” ومن اخراج مارون ابي راشد.
وأطلقت أغنية مصوّرة من وحي المناسبة من كلمات الشاعر نزار فرنسيس وألحان رواد رعد، فضلاً عن عرض فيلم عن الشهيد الياس الحصروني.
كما رُفعت صورة للرئيس الشهيد بشير الجميل والشهيد الحصروني مع لائحة كبيرة بأسماء شهداء المقاومة اللبنانية. واحيط المذبح، بأعمدة عالية تسند الأرزة وترمز للشهداء الذين سقطوا دفاعا عن لبنان وحماية عن هذه الأرزة لتبقى شامخة. كما علت أعمدة صلبة ترسّخت على صخور وانتهت بصليب لترمز الى قيامة الشهداء مع المسيح. ورفعت مصلحة الطلاب صور الراحل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرلله بطرس صفير، والشهداء: الرئيس بشير الجميّل، رمزي عيراني، الياس حصروني، بيار بولس وطوني ضو.