«طوفان الأقصى»: نعم للدولة الفلسطينية ولا للتطبيع
كتب عوني الكعكي:
المسجد الأقصى الذي أسري بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام إليه، والقصّة وردت في القرآن، إذ قال الله تعالى في سورة الاسراء: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير} صدق الله العظيم، فمن لا يعرف التاريخ يكون جاهلاً ولا يمكن أن يعرف ما سيؤدي إليه المستقبل.
بعد 50 سنة من حرب 6 أكتوبر عام 1973 وفي يوم الغفران، وبعد 75 سنة من احتلال اليهود لفلسطين وإقامة دولة إسرائيل طبعاً باتفاق مع «الانكليز» الذين كانوا يستعمرون فلسطين يومذاك، ودعم دولي، ودليل ذلك ما جاء به وعد «بلفور» المشؤوم.
من هنا، جاء الرد الفلسطيني بقيادة الشاب الفلسطيني المقعد محمد الضيف «أبو خالد» حفظه الله، وأبو خالد هو قائد هيئة أركان قوات المقاومة الفلسطينية، وهو قائد القوة الصاروخية. هذا القائد هو الذي أعلن الحرب على إسرائيل وهو رأس العملية والمخطط لها وحدثت بتكتيك رائع، كما لم تتحرّك قوات المقاومة إلاّ بأمر منه، وبعملية مباغتة… إشارة الى ان هذا القائد هو المطلوب رقم واحد من إسرائيل والصهيونية العالمية.
القائد «الـمُقعد» يذكرني بالمرحوم الشيخ احمد ياسين «الـمُقعد» أيضاً والذي خطّط ونفّذ -قبل اغتياله- عمليات عدة أرسى من خلالها دعائم المقاومة الفلسطينية الباسلة…
كما أتذكر في مثل هذه الأيام الخالدة الصحافية الزميلة شيرين أبو عاقلة، التي امتدت إليها أيدي الغدر فاغتالتها عن سابق تصوّر وتصميم.
هؤلاء وغيرهم من أبطال فلسطين، أناروا ولا يزالون درب قضيتنا القاتم والمظلم… وبهم ستنتصر القضية وسيحصل الفلسطينيون على دولتهم وعاصمتها القدس.
أما القتل والتدمير والقهر والسجن وكل أنواع التعذيب التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني من الاسرائيليين، وآلاف المعذبين في عشرات السجون رغم ذلك كله لا تزال إسرائيل ترفض إقامة دولة فلسطينية ولا تعترف بأي حق من حقوق هذا الشعب، وعلى ما يبدو فإنّ إسرائيل لا تزال تكابر ولا تريد أن تعترف بما حصل لها «يوم الغفران» عام 1973 حيث قامت مصر وسوريا بحرب عليها لاستعادة الأراضي العربية المحتلة، وهكذا أزال الجيش المصري «خط بارليڤ» من الوجود وهو ما كان اليهود يعتبرونه خطاً يحميهم الى أبد الآبدين.
وهكذا فعل الجيش السوري حيث وصل الى نهر الأردن… فتدخلت أميركا يومذاك وهدّدت مصر بالقنبلة النووية، فاضطر الرئيس أنور السادات أن يتوقف عن الحرب وأعلن ذلك في خطاب قال فيه إنّه لا يستطيع أن يحارب أميركا… بينما الجبهة السورية وبعدما أقامت أميركا جسراً جوّياً عسكرياً لدعم إسرائيل، اضطر الجيش السوري الى الانسحاب.. ولولا دعم الجيش العراقي الذي جاء الى الجولان لسقطت دمشق يومذاك.
بالعودة الى الاتفاقات التي حصلت بين العرب وإسرائيل… فمصر حققت أكبر انتصار لها في التاريخ باسترجاع سيناء كلها، ورغم التكاذب الاسرائيلي، وظلّ هناك فندق في «طابا» لمدة 5 سنوات تسيطر عليه إسرائيل، جاء رجل أعمال مصري ودفع لصاحب الفندق الاسرائيلي ثمن الفندق لتعود «طابا» الى مصر.
بينما الملك الأردني أبرم «اتفاق وادي عربة»، والرئيس الفلسطيني «اتفاق اوسلو».. أما بالنسبة لسوريا فإنّ الأمور توقفت بعد اغتيال اسحاق رابين.
بالعودة الى الاتفاق الفلسطيني مع إسرائيل، فقد تم الاتفاق على إقامة دولة فلسطينية ولا تزال إسرائيل منذ ذلك اليوم وهي تكذب و»تلف وتدور» رافضة إقامة دولة فلسطينية، وهي تظن أنّ أقصى ما يمكن أن تقبل به هو التطبيع.. لذلك رأينا دول الخليج «تركض» لتحقيق التطبيع بدءاً بقطر، ولحقت بها بقية الدول، ولم يتبقَ اليوم إلاّ المملكة العربية السعودية التي استقبلت أو دعت وزير السياحة الاسرائيلي لحضور مؤتمر عن السياحة في المملكة.
ويبدو أنّ إسرائيل لم تتعلم انه بالرغم من «اتفاق كامب ديڤيد» فإنّ التطبيع الذي وُقّع بين مصر وإسرائيل غير ساري المفعول، إذ ان الشعب المصري يرفض التطبيع بالمطلق!! والدليل ما أقدم عليه شرطي مصري من قتل سائحين إسرائيليين.
لذلك نقول للمملكة العربية السعودية بأنّ موضوع التطبيع غلط، والأفضل لها نظراً لموقعها العربي ومكانتها أن تتمسّك بمبادرة الملك عبدالله للسلام في بيروت مقابل دولة فلسطينية، والتي تتهرّب إسرائيل من تنفيذها.
جاءت العملية التي قام بها أبطال المقاومة الفلسطينية لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأنّ محاولات إسرائيل وغطرستها وتعنّتها ورفضها إقامة الدولة الفلسطينية لن تنفعها أبداً، فمهما سجنت وعذّبت وقتلت من المقاومين الفلسطينيين من أبناء هذا الشعب البطل فإنّ المقاومة مستمرة أقوى وأكثر ثباتاً وعناداً، لأنهم طلاب حقّ، يؤمنون بالله وبأرض فلسطين.. وكل هؤلاء لن يقبلوا إلاّ بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.
تحيّة الى البطل «الـمُقعد» الذي استطاع من على كرسيّه، إدارة معركة الشرف والإباء وردّ الاعتبار.
فالنصر آتٍ لا ريب فيه، وتحيّة الى هذا البطل ورفاقه الأبطال وإلى كل من ساهم في هذا النصر منذ زمن كالشيخ ياسين وشيرين أبو عاقلة.