أكبر شريك تجاري.. الصين والإتحاد الأوروبي يتوصلان إلى اتفاق “مبدئي” حول الإستثمارات
توصل الاتحاد الأوروبي والصين، الأربعاء (30 كانون الأول/ ديسمبر 2020)، إلى اتفاق “مبدئي” واسع النطاق حول الاستثمارات، تأمل بروكسل أن يشكّل فرصة لتحقيق مكاسب، على الرغم من المخاوف المرتبطة بسجل بكين على صعيد حقوق الإنسان.
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، ورئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، التوصل للاتفاق “المبدئي” للاستثمار المتبادل بين الاتحاد الأوروبي والصين بعد مؤتمر عبر الفيديو مع الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أُجري بمشاركة المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
وأعلن الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق، الذي يُتوقع أن يستغرق إنجازه والمصادقة النهائية عليه أشهرا، يكتسي “أهمية اقتصادية كبرى”، وأن الصين التزمت توفير “مستوى غير مسبوق من الوصول إلى الأسواق لمستثمري الاتحاد”.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية عن الرئيس الصيني قوله إن الاتفاق “يبرهن تصميم الصين وجديتها في إتاحة انفتاح واسع النطاق”.
ووصف “شي” أوروبا والصين بأنهما “أكبر قوتين وسوقين وحضارتين في العالم”.
وجاء في تغريدة لفون دير لايين أن “هذا الاتفاق سيحافظ على مصالحنا، وسيروج لقيمنا الأساسية. إنه يؤمن لنا رافعة للقضاء على السخرة”.
لكن من شأن إنجاز الاتفاق، في نهاية العام، أن يثير استياء الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، الذي يستكمل استعداداته لتولي الرئاسة، آملا التنسيق مع حلفائه الغربيين.
ولطالما سعت أوروبا إلى إفساح المجال، بشكل أكبر، للشركات الأوروبية لدخول الأسواق الصينية الكبرى، لكن عدم تقيّد بكين بالمعايير الدولية للعمالة شكّل حجر عثرة أمام إنجاز الاتفاق.
وتؤكد بروكسل أن “الاتفاق الشامل بشأن الاستثمارات” هو الأكثر انفتاحا من قبل الصين التي خفّضت العوائق امام الشركات الأوروبية، وعزّزت فرص المنافسة، وشددت قواعد حماية البيئة.
إضافة إلى ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي أن الصين التزمت “التنفيذ الفاعل” لقواعد منظمة العمل الدولية، التي سبق أن صادقت عليها، “والعمل من أجل المصادقة على الاتفاقات الأساسية (للمنظمة)، بينها تلك الخاصة بالعمل القسري”.
وقال نائب رئيسة المفوضة الأوروبية، فلاديس دومبروفسكيس، “علينا أن نبقى واقعيين: هذا الاتفاق لم يقدّم حلا لكل التحديات التي نواجهها المرتبطة بالصين، وهي كثيرة”. وتدارك “لكنه يقيّد الصين بالتزامات في الاتجاه الصحيح أكثر من أي وقت مضى”.
لكن المشرعين الأوروبيين حذّروا بأنه يستحيل إجبار الصين على تحسين سجلها على صعيد حقوق العمال. ويتّهم مراقبون أوروبيون بكين باعتماد “نظام للسخرة تديره الحكومة” يستهدف الأويغور وغيرهم من أبناء الأقليات المسلمة في إقليم شينجيانغ.
وجاء في تغريدة أطلقها رئيس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع الصين، راينهارد بويتيكوفر، “يدرك قادة الاتحاد الأوروبي أن الصياغة المعتمدة في «الاتفاق الشامل بشأن الاستثمارات» في ما يتعلّق بـ«منظمة العمل الدولية» والسخرة، بلا قيمة. إنهم ليسوا أغبياء”.
ويبدي أعضاء المجلس الأوروبي استياءهم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اليوم نفسه الذي وقّع فيه التكتّل اتفاقية التجارة اللاحقة لبريكست، إذ يعتبرون أنه تم التوصل إليه على عجل قبيل انتهاء فترة تولي ألمانيا الرئاسة الدورية للاتحاد.
استباق لعهد بايدن
أصبحت الصين، في الفصل الثالث من العام، أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، متخطية في ذلك الولايات المتحدة، بعدما أعاقت جائحة كوفيد-19 عجلة الاقتصاد الأميركي، فيما استعاد الاقتصاد الصيني زخمه.
ويأتي الاتفاق الأوروبي الصيني قبل ثلاثة أسابيع من تنصيب بايدن رئيسا للولايات المتحدة، وقد أعرب فريق عمله عن قلقه إزاء تقرّب الاتحاد الأوروبي من بكين، وحض بروكسل على التشاور مع واشنطن.
وفي حين انتهج الاتحاد الأوروبي مقاربة أكثر ليونة مع الصين، شن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، حربا تجارية لدفع بكين إلى تقديم تنازلات.
وعلى الرغم من الخلافات الجذرية مع سلفه حول مروحة كبيرة من المسائل، يبدو بايدن متّجها لمواصلة سياسة التشدد حيال بكين، علما أنه يسعى لبناء جبهة دولية أكثر شمولية في مواجهة بكين.
ويصر الاتحاد الأوروبي على أن الاتفاق مع بكين لن يؤثر سلبا على العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة، ويعتبر أن الاتفاق يوازي جزئيا “المرحلة الأولى” من الاتفاق التجاري الذي أبرمه ترامب مع بكين في كانون الثاني/ يناير.
وقال التكتل أن الاتفاق، الذي بدأ التفاوض بشأنه في العام 2014، سيمهّد الطريق أمام إعادة التوازن على صعيد تعامل بروكسل وبكين مع المستثمرين.
كذلك يصر التكتل على أن الاتفاق يفرض على بكين إعطاء ضمانات لطمأنة الاتحاد الأوروبي عبر وضع حد لقواعد تفرض نقل التكنولوجيا، ويعزز احترام الملكية الفكرية، ويشدد التزامات بكين البيئية، ويعالج قضية الدعم الحكومي للشركات.
ويتوقّع أن يمهد الاتفاق الطريق أمام الشركات الأوروبية لدخول الأسواق الصينية، لا سيما قطاعات السيارات الكهربائية، والصحة، والاتصالات، والمالية، وفي المقابل يفتح أسواق الطاقة المتجددة الاوروبية أمام بكين.
لكن مسؤولا أوروبيا اعتبرا أن الاتفاق يسمح لدول أعضاء في الاتحاد بأن تمنع أحاديا الشركات الصينية من دخول أسواقها لأسباب تتعلق بحماية الأمن القومي.
ويتوقع أن يستغرق إنجاز الاتفاق المبدئي بصيغته النهائية أشهرا، وهو سيتطلب مصادقة كل الدول الأعضاء في التكتل عليه وكذلك البرلمان الأوروبي.
AFP