«دير شبيغل»: هجوم حماس أعاد فلسطين للواجهة – 2
وعندما سأله كوبي لماذا لم يؤسس أسرة وهو في نهاية العشرينيات من عمره؛ أجاب السنوار “حماس هي زوجتي وابني وابنتي ووالدي، حماس هي كل شيء بالنسبة لي”، وأكد أن اليوم سيأتي حيث يخرج رجال حماس من السجن لتدمير إسرائيل.
وفي عام 1989، قضت محكمة إسرائيلية بسجن السنوار مدى الحياة 4 مرات، ودخل في إضراب عن الطعام 3 مرات، وناضل من أجل معاملة أفضل لرفاقه السجناء، قبل أن يُفرج عنه عام 2011 في إطار صفقة أطلقت بموجبها إسرائيل سراح 1027 معتقلا فلسطينيا مقابل الجندي جلعاد شاليط.
وربما كانت تلك الصفقة هي التي شكلت نموذجا لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويتساءل معدو التقرير “فإذا كانت إسرائيل قد أطلقت سراح 1027 سجينا مقابل جندي واحد، فماذا لو خطفت حماس العشرات من الإسرائيليين؟”.
ويصف كوبي زعيم حماس في غزة بأنه كان “مفعما بالكاريزما والذكاء”، فقد تعلم العبرية في غضون أشهر قليلة، وأبدى اهتماما بالتاريخ والسياسة الإسرائيليين، وتعلم قليلا كتاب “التوراة” المقدس عند اليهود.
وأثناء وجود يحيى السنوار بالسجن، كان العالم من حوله يتغير؛ فقد وقّع عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين في حديقة الورود في البيت الأبيض في واشنطن عام 1993، اتفاقا ينص على تبادل “الأرض مقابل السلام”.
وتطرق تقرير “دير شبيغل” إلى مقتل رابين عام 1995 على يد يهودي متطرف، حيث “كان رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو ووزيره للشؤون الأمنية إيتمار بن غفير من الشخصيات الرئيسية التي حرضت على الاغتيال”.
وأشار التقرير إلى تولي محمد ضياء إبراهيم المصري -الملقب بـمحمد الضيف– قيادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، خلفا للمهندس يحيى عياش الذي اغتالته إسرائيل.
وزعم كتاب التقرير أن الضيف والسنوار هما من خططا معا لهجوم السابع من تشرين الأول الماضي.
رفض السلطة الفلسطينية
ووفقا للمجلة الألمانية، فقد كان فوز حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006 يمثل رفضا للسلطة الفلسطينية بسبب “عدم الكفاءة والفساد”، وتعبيرا عن “الإحباط” من العملية السلمية المتعثرة، حتى إن بعض المسيحيين صوتوا للإسلاميين.
وتدعي المجلة أن إضعاف السلطة الفلسطينية هو الهدف المشترك الذي يوحد اليمين في إسرائيل مع حماس في غزة، وكلا الجانبين يستفيد في البداية من ذلك؛ حيث تواصل حماس بناء دولتها الصغيرة، ونتنياهو يشتري الهدوء، ويتابع توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ويجعل حل الدولتين يبدو غير واقعي أكثر.
ويقال إن السنوار طرح من داخل السجن فكرة حفر أنفاق لاختطاف الجنود الإسرائيليين لمبادلتهم بمعتقلين فلسطينيين.
وبعد انتخاب السنوار -بعد بضعة أشهر- رئيسا لحماس في قطاع غزة في شباط 2017، قدم الزعيم السابق لحماس خالد مشعل، برنامجا جديدا يتضمن تعديلا لميثاق حماس لعام 1988 في بعض بنوده.
ورغم أن الوثيقة الجديدة لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود، فإنها للمرة الأولى التي تتحدث فيها حماس عن دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967.
غزة نمر جائع محتجز في قفص
“وفي مفاجأة للكثيرين” -يضيف التقرير- تحدث السنوار مع صحفيين أجانب قائلا “إذا كانت لدينا فرصة لحل النزاع دون دمار، فنحن موافقون على ذلك نريد أن نستثمر في السلام والمحبة”.
لكن تقرير دير شبيغل يرى أن حديث السنوار لم يكن سوى جزء واحد من رسالته للصحفيين؛ أما الجزء الآخر، فكان “قاتما وينذر بالخطر” إذ يقول إن غزة تشبه “نمرا جائعا جدا محتجزا في قفص”، وإن الحيوان الذي “حاول الإسرائيليون إذلاله قد تحرر، ولا أحد يعرف إلى أين سيتحرك وماذا سيفعل”، مضيفا أنه لا يمكن لحماس أن تستمر كما في السابق فـ”الأوضاع هنا لا تطاق والانفجار حتمي”.
ووفقا للتقرير، ليس من السهل إضعاف حماس اقتصاديا، لأن مصادر دخلها الرئيسية توجد في الخارج. وتقدر المجلة دخل حماس السنوي بنحو 500 مليون دولار.
وتؤكد المجلة الألمانية -نقلا عن المحلل مايكل ميلشتاين من جامعة تل أبيب- أنه حتى لو نجحت إسرائيل في هزيمة حماس عسكريا، فإنها ستستمر بالوجود تحت الأرض وفي الخارج، “ولا يمكن تدميرها”.