مؤتمر دولي أول بعنوان: “أمن الثقافة العربية في الإنسانيّات في عصر الذكاء الاصطناعي” في الجامعة اللبنانية طرابلس
محمد سيف
افتتحت فعاليات المؤتمر الدّولي الأوّل بعنوان: “أمن الثقافة العربية في الإنسانيّات في عصر الذكاء الاصطناعي”، وذلك في الجامعة اللبنانية وتحديدًا في كلّية الآداب، الفرع الثالث- طرابلس، بمناسبة إعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية لعام 2024، وتحت عنوان: “إلى العلا جامعتي”، بحضور شوقي ساسين ممثلًا وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمّد وسام المرتضى، ممثلين عن النواب، مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام، رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران، مدير كلّية الآداب والعلوم الإنسانية- الفرع الثالث الدكتور محمّد الحاج، مدير مكتب النائب إيهاب مطر الدكتور موسى العش، وغيرهم من عمدة الكلّيات والأساتذة الجامعيين.
المؤتمر رعاه رئيس الجامعة اللبنانية وقسّم إلى خمسة محاور، وألقى فيه ممثل النائب مطر، الدكتور العش محاضرة علميّة ضمن المحور الأوّل الذي نظم تحت عنوان: “الذكاء الاصطناعي ّ وأزمة وجود الثقافة العربية”، وقد تطرّق في كلمته إلى “كيفية تعزيز أمان الثقافة العربية في مواجهة التحوّلات التكنولوجية لاسيما الذكاء الاصطناعي”، وقال: ” إنّ هذا السؤال كنّا طرحناه على الجهة الأنسب للإجابة عنه، أيّ الذكاء الاصطناعي نفسه، وتحديدًا جواب chatgpt، مع الإشارة إلى أنّنا لم نتدخل بالنصّ حتّى لتصحيح أخطاء قواعد بسيطة، وبالتالي إنّ تعزيز أمان الثقافة العربية في مواجهة التحوّلات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي يتطلّب جهودًا متكاملة على مستويات مختلفة، وقد يشمل ذلك الجوانب التقنية والتنظيمية والتربوية”.
وعرض العش بعض الاقتراحات المطروحة ل” تعزيز الثقافة في مواجهة التحوّلات التكنولوجية وهي: أوّلًا، تطوير البنية التحتية التكنولوجية عبر تعزيز الأمان السيبراني واستخدام تقنيات الحماية المتقدّمة وتحديث أنظمة الأمان بشكلٍ دوريّ، مع تشجيع الشركات والمؤسسات لتبني أفضل الممارسات الأمانية وضمان تحديث التقنيات بشكلٍ منتظم.
ثانيًا، تعزيز التوعية الرقمية من خلال إطلاق حملات توعية رقمية للمجتمع حول مخاطر الاحتيال الإلكتروني والهجمات السيبرانية، وتوفير تدريبات للفرد لفهم كيفية حماية نفسه على الإنترنت وتجنّب مشاركته معلومات حساسة.
ثالثًا، تطوير السياسات والتشريعات عبر وضع سياسات وقوانين تُنظّم استخدام التكنولوجيا وتحمي خصوصية الأفراد والبيانات الشخصية، مع أهمّية تطوير إطار قانوني يُحدّد المسؤوليات والعقوبات للانتهاكات السيبرانية. أمّا رابعًا، فيُمكن دعم الأبحاث والتطوير، عبر الاستثمار في البحث، بغية تطوير تقنيات أمان مبتكرة وفعالة، إضافة إلى التشجيع على التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق التقدّم في مجال أمان التكنولوجيا.
خامسًا، تعزيز التعليم التقني، عبر تكامل مواضيع الأمان السيبراني في المناهج الدراسية لضمان تأهيل الشباب لفهم التحديات الأمانية، كما عبر دعم التعليم المستمر وبرامج التدريب للمحترفين لتعزيز مهاراتهم في مجال الأمان التكنولوجي.
سادسًا، تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، أيّ التعاون مع الدّول الأخرى والهيئات الدّولية لتبادل المعلومات حول التهديدات السيبرانية وتنسيق الجهود الأمانية.
سابعًا، تحفيز ريادة الأعمال الأمنية ما يعني دعم وتشجيع ريادة الأعمال في مجال أمان التكنولوجيا لتطوير حلول محلية وابتكارات في هذا المجال، وذلك باستمرار تحسين الأمان في ظلّ التحوّلات التكنولوجية”.
إلى ذلك، اعتبر العش أنّه” يُمكن تعزيز حماية الثقافة العربية والحفاظ على هوّيتها في هذا السياق الرقمي وفق صفة chatgpt الواضحة والتي يُمكن أن تنطبق على مواضيع أخرى، من دون أيّ حساسية بالتعبير وضمن مفهوم الثقافة عمومًا والعربيّة خصوصًا”.
كما تناول العش في محاضرته، مشكلة الثقافة العربية، وقال :” انطلاقًا من أداتها الحافظة، أيّ اللغة العربية التي لم تندمج في الحوسبة والرقمنة إلّا حديثا وليس بكاملها بعد”، ويُتابع: “الذكاء الاصطناعي ينطلق من البحث في مخزون معرفيّ بلغة معينة، ولربما، بل بالتأكيد، لو كان السؤال متعلقًا بالثقافة الأوروبية أو الأميركية فإنّ الجواب سيأتي أوضح وأدقّ، لأنّ المحتوى الرقمي باللغات الأجنبية أوسع وأضخم، وبالتالي هناك إشكالية في تعامل محرّكات البحث مع اللغة العربية، مع تعدّد المعاجم وتداخل اللهجات بالفصحى ودخول مفردات أجنبية في سياق الكلام العربي المنطوق والمكتوب، وهذه العقبة أثّرت بشكل كبير على المحتوى الرقمي العربي الذي لا يتماشى ولا يُناسب قيمةَ وأهميةَ هذه اللغة الجميلة، ولا مع إشعاعَها الثقافيّ التاريخي كلغة أولى للعلوم والمعارف، حيث يُقدرُ حجمُ المحتوى العربيِّ الرقميِّ المنشورِ على صفحاتِ شبكة الإنترنت وعلى مختلف الوسائط الإلكترونية حسبَ تقديراتِ أكبر محركاتِ البحث العالمية مثل غوغل وياهو بأكثر قليلاً من (1) بالمئة من مجمل المحتوى الرقمي العالمي، مع العلم أنّه لم يتجاوز قبل سنوات قليلة الـ 0.3 في المئة، وهذه النسبة طبعًا دون المستوى المقبول ولا ترقى لمكانة هذه اللغة”.
وختم : “لم ندخل بعد كعرب، فكرًا ولغة، في الرقمنة بشكلٍ كامل، ولم نبلغ بعد مستوى “الذكاء الطبيعي” الذي يُمكن أن يؤهلنا لمراكمة مخزون محتوى عربي يعتمد عليه أيّ محرك بحث إذا طلبنا العون منه”.