مستقبل الاقتصاد الرقمي والمعرفي ودور «القطاعين المالي والمصرفي» في الجامعة الأميركية
عُقدت في الجامعة الأميركية في بيروت، الندوة الثالثة من مسار الاقتصاد، تحت عنوان «مستقبل الاقتصاد الرقمي والمعرفي ودور القطاعين المالي والمصرفي في لبنان»، ضمن فعاليات مشروع «لبنان في قرنه الثاني: رؤية مستقبلية»، في حضور عدد من المختصين بالشأن الاقتصادي والإعلاميين.
تضمّنت الندوة ثلاث جلسات بإدارة الأستاذ المساعد في كلية سليمان عليان لإدارة الأعمال في مجال ريادة الأعمال والدراسات التنظيمية، الدكتور عمرو الكبّي، الذي أشار إلى كون «الاكتشافات العلمية التطبيقية أو ما يعرف بالتكنولوجيا مرافقة بل مشكلة معضلة للحضارة الإنسانية، فقد عنونت عصور الحضارة الإنسانية باسم التكنولوجيا المميزة لذلك الزمن. فمع اكتشاف النار والتحكم بها انتقل الإنسان من أحد أضعف مخلوقات بيئته إلى الصياد الأول والأخطر. ثم مع اكتشاف تكنولوجيا الزراعة انطلق العصر الجديد الذي سمح للإنسان بالاستيطان وبناء ممالك ثم إمبراطوريات. عندها كان اصحاب النفوذ والثروات في ذلك العصر الزراعي هم ملاك الأراضي الخصبة. وتنافس المالك والإمبراطوريات الإقطاعية عليها. واستمر ذلك النموذج الاجتماعي الاقتصادي السياسي حتى اكتشاف المحرك البخاري».
وتابع: «عندها انطلقت ما عرف بالثورة الصناعية والعصر الصناعي. ورافق ذلك نموذج سياسي جديد وانطلق مفهوم الدولة الوطنية. وظهر نموذج اقتصادي جديد أو اقتصاد السوق، فاصبح أصحاب النفوذ هم الصناعيين والمصرفيين ومنقبي الموارد الأولية. فانقسم المجتمع بأكثره إلى طبقة أرباب العمل وطبقة العمال، ما شكل قطبي النظريات الاقتصادية التي سادت حتى يومنا هذا: اليمين الرأسمالي واليسار العمالي». واعتبر الكبّي أنّ «الانتقال من العصر الزراعي للعصر الصناعي لم يكن سلسًا، ففي أقل من ١٠٠ عام تحولت القوى العاملة في العالم من ٨٠٪ او اكثر عاملين بالزراعة إلى ٢٠٪ أو أقل من العاملين بالزراعة. رافق ذلك التحول الكبير الكثير من الحروب الاستعمارية والعالمية المدمرة والمآسي والإبادات التي ما زلنا نعاني من تداعياتها إلى يومنا هذا. كل تلك الاحداث أطلقها اختراع المحرك البخاري. أما اليوم فالعالم يواجه خمسة تكنولوجيات تفوق بقدرتها التغييرية قدرة تكنولوجيا المحرك وهي: تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، وسلسلة الكتل، والحواسيب الكمومية. كل منها لديه قدرة اضطرارية تفوق قدرة المحرك البخاري. بل بالمقارنة فقد أخذت الثورة الصناعية نحو ١٠٠ عام حتى انتشرت حول العالم ولكن الثورة الرقمية تنتشر في غضون أشهر وفي كل أنحاء العالم. لذلك وجب علينا طرح السؤال اين مستقبل لبنان بظل هذه المتغيرات؟».
وعن التحديات الخارجية المؤثرة في مستقبل القطاع المالي في لبنان فقد لخّصتها الكك وكل «بالتغير المناخي والتكنولوجيا المالية والضغط الاجتماعي. وفي ظل فجوة الاستثمار في الطاقة النظيفة يسعى الاهتمام الدولي وبالإجماع على ضرورة العمل للاستثمار في إنتاج الطاقة المتجددة وتخزينها نقلا وتحسين كفاءتها من خلال رفع مستويات التمويل في هذا الاتجاه».
أما الأستاذ في الجامعة الأميركية المتخصّص بالاقتصاد الرقمي والمعرفي، والخبير الاقتصادي والإستراتيجي في الأسواق المالية، الدكتور جهاد حكيم، فتحدّث في الجلسة الثالثة مشدّدًا على أن «وضعنا في لبنان جيّد في ما يتعلق بموضوع الاقتصاد الرقمي بفضل الجيل الشابّ، فقد لعب الشبان اللبنانيون من خلال الاقتصاد الرقمي دور الرافعة للاقتصاد الوطني، سواء من خلال التحويلات المالية أم من خلال إرسال أعمال إلى لبنان. فلدى لبنان الكثير من الكفاءات بالاقتصاد المعرفي، والرواتب هي معقولة وجيدة بالنسبة للمقيمين في لبنان، وبالمقابل هي مقبولة بالنسبة للشركات المشغلة». وأمل حكيم في «أن يصبح لبنان محورًا رقميًّا، لكنه للأسف يسير بالعكس بسبب توسع الاقتصاد النقدي. لذا نحن بحاجة لوضع إستراتيجية للتحول الرقمي مترافقة مع الحكومة الإلكترونية».