شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – لبنان بعد حرب غزة: حذارِ الخيارات الصعبة!
لم يعد ثمةُ شك في أن الأطراف اللبنانية كافة منهمكة في تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على الوضع اللبناني عموماً في الصعدان كافة. والصعيد الأوّل ما إذا كان التدحرج في الجنوب سيمهّد للحرب الواسعة على لبنان وفق ما تؤكد عليه المخاوف المتصاعدة في الداخل اللبناني، وكذلك المخاوف المرفَقَة بالتحذيرات العربية والإقليمية والدولية التي يحملها الموفَدون الذين يتدفقون على لبنان في هذه المرحلة.
وقد لا نبالغ إذ نزعم أن الأطراف الداخلية المسكونة بالقلق المقيم عند الجميع الى المخاوف المسيحية الكبيرة من شأنها أن تفتح الباب على الاحتمالات كافة.
ولا نقول جديداً إذ نكرر القول، ربما عشرات المرّات في هذه الزاوية، أن الطيف المسيحي في لبنان بات يشعر بالغبن والغربة ازاء ما يتكشّف عنه الفراغ الرئاسي من تجاوزات يعتبرها هذا الطيف اللبناني المؤسِّس أنها تستهدفه مصيرياً… كما أننا لا نكشف سرّاً إذ نردد أن هذا الشعور ليس وقفاً على فريق واحد في هذا الطيف، بالرغم ممّا بين أفرقائه السياسيين من اختلافات سياسية جوهرية. ولقد نذهب أبعد فنوضح أن تلك الهواجس تلتقي عليها القيادات الروحية والزمنية، ويكفي أن يلقي المراقب نظرة متمعّنة في ما يقوله ويردّده غبطة البطريرك الراعي وسيادة المطران عودة وسواهما من رجال الدين وأيضاً من القيادات السياسية ليتبين له أن المسيحيين اللبنانيين لن يقبلوا بما يجمعون على تسميته بتجاوز الدستور وبتهميشهم الى أبعد الحدود. بل إن عتبهم واعتراضهم ليسا وقفاً، فقط، على أنهم وجدوا أنفسهم، مثل سائر اللبنانيين، في حرب فرضها عليهم أحد أطياف «العيش المشترك»، بل كذلك أن يذهب ممثل الطيف الآخر في السلطة التنفيذية الى ربط وقف النار في الجنوب بوقفه في غزة، إضافة الى مراسيم فضفاضة وكأن «البلَد سايب وفالت»، على حد ما قالت لنا، أمس، إحدى المرجعيات البارزة.
ماذا يعني هذا كله؟!. إنه يعني، ببساطة شديدة الوضوح، أن الأمور غير ماشية على الإطلاق، وأن البلد لا يمكن أن يكون ليس في أحسن أحواله إنما ليس حتى في أحواله السيئة، إذ هو في الحال الأسوأ ويتدحرج نحو أسوأ الأسوأ!
تلك حقيقة أشرنا إليها هنا مراتٍ عديدةً، وتحدثنا عن لقاءات وندوات بعيدة عن الأضواء عُقدت وتُعقَد ويتدارس روّادها مشاريعَ ومقترحاتٍ يعدها خبراء في القانونين الدستوري والدولي الخ…
ولقد أردنا، اليوم، أن نضوّي على هذا الواقع انطلاقاً من اثنين. الأول حرصنا الشديد على لبنان. والثاني الدعوة الى لفت اهتمام ووعي الجميع الى أن الأمر ليس «مزحةً يمكن تجاوزها بتجاهلها»، كما قالت لنا المرجعية البارزة ذاتها…