التظاهرات والضربات تُحاصر نتنياهو و«حماس» لن تتراجع عن وقف نار دائم
اجتماع عربي سداسي في الرياض غدا لتزخيم المساعدات.. ومدير الـCIA في الدوحة
رمى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الكرة في ملعب حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” في الموافقة على وقف لإطلاق نار يسمح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة وبإجراء محادثات حول “حل دائم” للصراع في محاولات مستمرة لتبرئة الاحتلال الإسرائيلي من حجم المجازر المروعة التي يرتكبها ضد المدنيين، فيما يشتد الخناق حول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي تتزايد الضغوط الداخلية عليه من خلال مظاهرات عائلات الأسرى اليومية، والدولية التي تحذره من الإقدام على مهاجمة رفح.
في غضون ذلك تستضيف العاصمة السعودية الرياض غدا اجتماعا عربيا سداسيا لبحث إنهاء الحرب على غزة وإدخال المساعدات.
وتشارك إلى السعودية قطر والإمارات والأردن ومصر وفلسطين ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ.
وسيبحث الاجتماع الموقف العربي الموحد حول آليات إنهاء الحرب على قطاع غزة، وإدخال المساعدات، وترتيب المرحلة المقبلة فيما يخص إقامة الدولة الفلسطينية.
ويأتي الاجتماع استكمالا للاجتماع الأول الذي عقد في السعودية والثاني الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان، ليكون هذا الاجتماع هو الثالث الذي يجمع بين وزراء خارجية الدول العربية الخمسة، بالاضافة لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلا عن فلسطين.
في الأثناء نقلت شبكة “سي إن إن”أمس عن مسؤول أميركي تأكيده وصول مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه” وليام بيرنز إلى قطر، في محاولة قد تكون الأخيرة لتأمين اتفاق وقف إطلاق النار قبل حلول شهر رمضان.
وزار بيرنز، الذي يقود جهود التفاوض لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مصر الأربعاء الماضي، لكن من غير المتوقع أن يسافر إلى إسرائيل خلال هذه الزيارة للمنطقة.
من جهته قال بلينكن أمس قبل اجتماعه مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن واشنطن ما تزال تضغط من أجل تطبيق وقف لإطلاق النار.
وأضاف “المشكلة هي حماس. المشكلة هي إذا ما كانت حماس ستقرر أم لا تطبيق وقف لإطلاق النار سيفيد الجميع”.
وتابع “الكرة في ملعبهم. نحن نعمل بكثافة على ذلك وسنرى ماذا سيفعلون”.
وغادر وفد “حماس” أمس الأول محادثات القاهرة التي ترمي إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار قبل حلول شهر رمضان وسط مخاوف إزاء تصعيد العنف.
من جهة أخرى قال بلينكن إنه من الضروري للغاية الحفاظ على المعابر البرية إلى غزة وزيادتها كذلك، بعد يوم من إعلان الرئيس جو بايدن عن خطة لإنشاء ممر بحري للمساعدات من قبرص إلى القطاع المحاصر.
وأضاف أنه يجب توزيع المساعدات بشكل أكثر فعالية على الأشخاص الذين يحتاجون إليها.
وكان الرئيس الأميركي أعلن ليل لخميس الجمعة إنه أمر الجيش الأميركي، بإنشاء ميناء على ساحل البحر المتوسط أمام غزة لتوصيل مساعدات إنسانية عن طريق البحر، لتخفيف المعاناة عن سكان قطاع غزة.
وأشار بايدن، خلال خطاب “حالة الاتحاد” أمام الكونغرس الأميركي بمجلسيه إلى أنه يجب على إسرائيل القيام بدورها، والسماح بإدخال المزيد من المساعدات، وحماية حياة المدنيين، مضيفاً أن “المساعدات الإنسانية لا يجب أن تكون ورقة مساومة أو اعتبار ثانوي”.
وألقى الرئيس الأميركي، باللوم على حركة “حماس” في بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، مشدداً على أن “الحل الوحيد للصراع في الشرق الأوسط هو حل الدولتين”.
وتابع: “أقول هذا كمؤيد قوي لإسرائيل، خلال مسيرتي المهنية لم يكن أي شخص أكثر تأييداً لإسرائيل أكثر مني وأتحدى أي أحد. أنا أول رئيس أميركي يزور إسرائيل خلال وقت الحرب”.
وأضاف: “لكن لا يوجد مسار آخر يضمن أمن إسرائيل وديمقراطيتها. لا يوجد مسار آخر يضمن للفلسطينيين العيش بسلام وكرامة، سوى حل الدولتين”.
وأكد أنه “لا يوجد مسار آخر لإحلال السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب”.
ورأى بايدن أن خلق الاستقرار في الشرق الأوسط يعني “احتواء التهديد الذي تشكله إيران”.
وقد خرجت احتجاجات متفرقة في أنحاء الولايات المتحدة قبيل الخطاب للمطالبة بالضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار فيما أعاق المتظاهرون حركة المرور في بوسطن ولوس أنجلوس.
وذكرت وسائل إعلام محلية أنه جرى إلقاء القبض على أكثر من 50 شخصاً في بوسطن.
في المقابل شددت حركة «حماس» أمس على أنها لن تتنازل عن مطالبتها بوقف نهائي لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة مقابل الإفراج عن الرهائن.
وقال أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” إن الأولوية الأولى للتوصل إلى اتفاق لتبادل المحتجزين مع إسرائيل هي الالتزام التام بالوقف الكامل للحرب على غزة وعودة النازحين وإعادة إعمار القطاع.
وأضاف أبو عبيدة في كلمة مسجلة أن “حماس” مصممة على عدم التنازل في أي من القضايا الأساسية والإنسانية التي تطالب بها، ولا يهمها أي أطروحات لا تتضمن هذه القضايا.
وتابع إن “المجاعة في غزة ألقت بظلالها على جميع الموجودين في القطاع بمن فيهم المحتجزين الإسرائيليين”.
وأمس بحث بلينكن مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان التطورات في غزة والجهود المبذولة للتعامل مع تداعياتها الأمنية والإنسانية، حسب ما أعلنت الخارجية السعودية في بيان.
وذكرت الوزارة أن الوزيرين ناقشا أيضاً، خلال اتصال هاتفي، عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
في الأثناء أعلنت المفوضية الأوروبية وقبرص والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا، في بيان مشترك أمس عزمها تدشين ممر بحري لإيصال كميات إضافية من المساعدات إلى قطاع غزة.
وأوضح البيان المشترك، أن “جهود الإمارات في حشد الدعم لمبادرة الممر البحري للمساعدات ستؤدي لإرسال شحنة الغذاء الأولية عن طريق البحر إلى سكان غزة”.
وأشار إلى أن “الممر البحري سيكون مكملاً للمسارات البرية والجوية والتي تشمل مصر والأردن”.
وتابع البيان: “سنواصل العمل مع إسرائيل لزيادة المساعدات البرية وتسهيل المزيد من المسارات وفتح معابر إضافية لإيصال المساعدات لعدد أكبر من الناس”.
من جهتها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن تشغيل الممر البحري لنقل المساعدات إلى غزة من قبرص قد يبدأ مطلع الأسبوع المقبل.
وقالت في تصريحات من مدينة لارنكا الساحلية في قبرص بينما كان الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس بجوارها “نحن الآن قريبون جداً من فتح هذا الممر، ونأمل أن يكون ذلك في يومي السبت أو الأحد المقبلين، وأنا سعيدة جداً لرؤية إطلاق تجريبي أولي اليوم”.
من جهة أخرى قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس إنه لا يجوز السماح بحدوث هجوم إسرائيلي على مدينة رفح لأنه “سيتسبب في خسائر فادحة في الأرواح”.
وأوضح المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان جيريمي لورانس أنه “إذا شنت إسرائيل هجومها العسكري على رفح، حيث يلجأ 1.5 مليون شخص في ظروف مؤسفة وغير إنسانية، فإن أي هجوم بري على المدينة سيتسبب في خسائر فادحة في الأرواح، وسيزيد من خطر وقوع المزيد من الجرائم الوحشية”.
وأضاف لورانس: “يجب عدم السماح بحدوث هذا”.
ميدانيا أفادت حكومة غزة، أمس بأن “الاحتلال يواصل العدوان ويشن عشرات الغارات الجوية، واستهداف منازل على ساكنيها ويرتكب مجازر في دير البلح، وبلدة بني سهيلة بخان يونس وتلة قليلو وحي الشيخ زايد بجباليا وبلدة بيت لاهيا، وحي تل الهوى والشيخ رضوان بمدينة غزة، وقصف مدفعي مكثف على رفح وشرق خان يونس”.
وأفاد شهود عيان بـ”وقوع اشتباكات عنيفة في محيط مدينة حمد السكنية غرب خان يونس، وبلدة بني سهيلة شرق المدينة، وشرق جباليا والزيتون بغزة”.
من جهتها أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أن 80 شخصاً، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي، وصلوا إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية، لافتة إلى أنه “لا يزال عشرات المفقودين تحت الأنقاض”.
وأوضحت الوزارة أن شخصين استشهدا وأصيب 25 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي “حيث كانوا ينتظرون دخول المساعدات بالقرب من دواري النابلسي والكويت في مدينة غزة، للحصول على الطعام في ظل تفشي المجاعة”.
ولفتت إلى أنه في “فجر الجمعة، (أمس) وصل شهيدان، وهما امرأة وطفل، وعدد من الإصابات إلى مستشفى الكويت في أعقاب استهداف منزل لعائلة أبو سليمة في منطقة العزبة غرب مدينة رفح”.
وأشارت إلى أن “11 شهيداً سقطوا بمجزرة عائلة العطّار إثر استهداف منزلهم بمنطقة الحكر في دير البلح وسط القطاع”.
وتابعت الوازرة “في اليوم العالمي للمرأة، نحو 5 آلاف سيدة حامل في قطاع غزة يلدن شهرياً في ظروف قاسية وغير آمنة وغير صحية نتيجة القصف والتشريد”، مؤكدة أن “الاحتلال الإسرائيلي قتل نحو 9 آلاف سيدة منهن أمهات وسيدات حوامل وكوادر صحية”.
في الضفة الغربية المحتلة أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة 7 جنود أمس في عملية مزدوجة في محيط مستوطنة حومش شمالي الضفة.
وفي تفاصيل العملية، هاجم مقاومان فلسطينيان حاجزا عسكريا قرب بؤرة حومش الاستيطانية بين نابلس وجنين وأطلقوا أكثر من 30 عيارا ناريا، وعندما شرع الجنود في مطاردتهم انفجر فيهم لغم أسفر عن إصابة 7، وُصفت جراح اثنين منهم بالخطيرة جدا، وتم نقلهما بمروحية عسكرية إلى المستشفى.
وقالت القناة 13 الإسرائيلية إن عملية حومش تم التخطيط لها مسبقا حيث استُدرج الجنود إلى موقع زرعت فيه عبوة ناسفة.
ولاحقا قال الجيش الإسرائيلي إن “إرهابيين” فجروا عبوة ناسفة بينما كانت قواته تنفذ عملية في بلدة سيلة الظهر، مضيفا أن البحث جار عنهم.
ووصفت حركة حماس العملية بالبطولية، واعتبرتها ردا طبيعيا على مجازر الاحتلال في قطاع غزة والضفة وتهديداته للمسجد الأقصى.
ودعا البيان من وصفهم بالأحرار من أبناء الشعب الفلسطيني إلى مواصلة الثأر والرد على جرائم الاحتلال.
من جانبه، قال رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية يوسي دغان إن على الحكومة ووزير الدفاع وقادة الأمن العمل على قلب الوضع الحالي شمالي الضفة، بحسب تعبيره.
إلى ذلك أعلنت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، أمس استشهاد أحد قادتها الميدانيين في بلدة السيلة الحارثية بشمال الضفة الغربية، في عملية اغتيال إسرائيلية.
وقالت “سرايا القدس” إن محمد شلبي، الذي ذكرت أنه من “كتيبة جنين” وأنه قائد ومؤسس مجموعات “السيلة الحارثية”، استشهد “إثر عملية اغتيال جبانة” نفذتها إسرائيل بعد محاصرته.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت شلبي بعد تقارير عن ضلوعه في التخطيط لهجمات كبرى.
من جهة أخرى حذّر مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن إقامة وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة يشكّل “جريمة حرب”، و”يمكن أن يقضي على أي إمكانية عملية” لقيام “دولة فلسطينية قابلة للحياة”.
وقال تورك في تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن بناء وتوسيع المستوطنات بشكل متواصل “يعني نقل إسرائيل سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”، مؤكدا أن “عمليات النقل هذه تشكّل جريمة حرب” بموجب القانون الدولي.
على صعيد آخر قال أحمد حسين وزير المساعدات الدولية الكندي في بيان أمس إن أوتاوا ستستأنف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لكنه لم يحدد إطاراً زمنياً.
وأعلنت كندا وقف التمويل يوم 26 كانون الثاني بعدما اتهمت إسرائيل بعض موظفي الأونروا بالاشتراك في هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول.