استشهاد عشرات المرضى بانقضاض مباغت على «الشفاء».. ووفد إسرائيلي إلى واشنطن لبحث الهجوم على رفح
نتنياهو يخادع بايدن: المضي بالتدمير وتقليص صلاحيات الوفد المفاوض
داهمت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي في غزة في ساعة مبكرة من صباح أمس في عملية قالت السلطات الصحية الفلسطينية إنها تسببت في سقوط ضحايا ومصابين وأشعلت حريقا هائلا في أحد المباني ما أدى إلى حالات اختناق بين النساء والأطفال النازحين في المستشفى.
وذكر جيش الاحتلال أن قواته كانت تنفذ “عملية دقيقة” وأنها تعرضت لإطلاق نار عندما دخلت المجمع.
وهدفت العملية الإسرائيلية إلى ضرب «سيطرة حماس» ودورها في إدخال وتوزيع المساعدات، إذ أعلن الاحتلال في بيانه أنه قتل خلال العملية الضابط الفلسطيني فائق المبحوح ووصفه بأنه “رئيس العمليات بالأمن الداخلي لحماس”.
بدورها قالت حماس : إن عملية الاغتيال الجبانة لمدير عمليات الشرطة في غزة فائق المبحوح جريمة تهدف لمنع وصول المساعدات.
وأضافت في بيان أن الشهيد فائق المبحوح كانت له جهود في ضبط الأمن وإيصال المساعدات لمحافظتي غزة والشمال.
من جهته قال بيان لجيش الاحتلال أن العملية استندت إلى معلومات مخابرات أشارت إلى أن المستشفى يستخدمه قادة كبار من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشيرا إلى أن القوات المداهمة قتلت 20 مسلحا فلسطينيا في المستشفى واعتقلت عشرات يُشتبه بأنهم مسلحون.
من جهتها أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لـ”حماس” أنها تخوض اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال المتوغلة قرب مجمع الشفاء، وقالت إنها استهدفت عددا من الآليات الإسرائيلية وأوقعت قتلى وجرحى.
واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل رقيب في صفوفه خلال العملية كما أعلن إصابة 3 عسكريين آخرين خلال المعارك في القطاع في الساعات الـ24 الماضية.
وقال محمد علي (32 عاما)، وهو أب لطفلين ويعيش على بعد كيلومتر تقريبا من المستشفى “فجأة بدينا نسمع أصوات انفجارات، كتير كتير، وبعدها الدبابات بلشت، اجو من جهة الغرب باتجاه الشفا، أصوات إطلاق النار والانفجارات زادت”.
وأضاف “ما بنعرف شو إللي بيصير بس كان شكله وكأنه اجتياح جديد لمدينة غزة”.
من جانبها قالت وزارة الصحة في غزة إن حريقا اندلع عند مدخل المجمع مضيفة أن الاتصالات انقطعت، وأن هناك أشخاصا محاصرون داخل وحدات الجراحة والطوارئ في أحد المباني.
وأشارت إلى “سقوط عدد من الشهداء والجرحى مع عدم القدرة على إنقاذ أحد من المصابين بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ، في جريمة أخرى ضد المؤسسات الصحية”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أسقط منشورات جديدة حول المستشفى أمر فيها الناس بسلك الطريق الساحلي باتجاه المواصي في جنوب القطاع.
وقال في المنشور: “إلى كل الموجودين والنازحين في حي الرمال والنازحين في مستشفى الشفاء ومحيطه، أنتم موجودون في منطقة قتال خطيرة! جيش الدفاع الإسرائيلي يعمل بقوة في منطقة سكنكم ووجودكم لتدمير البنية الإرهابية”.
كما نشر الجيش الإسرائيلي لقطات غير واضحة لعملية مصورة من طائرة مسيرة، وقال إنها أظهرت جنودا يتعرضون لإطلاق نار من عدد من المباني داخل مجمع المستشفى.
وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحماس إن قوات الجيش الإسرائيلي داهمت مدرسة قريبة من المستشفى تلجأ إليها عائلات نازحة، واعتقلت عدة رجال هناك.
وذكر سكان أن الدبابات تتمركز أيضا على أطراف مخيم الشاطئ للاجئين، وقالوا إن الدبابات أطلقت قذائف على بعض المباني القريبة.
وقالت حماس في بيان لها إن الجيش الإسرائيلي يرتكب جريمة جديدة باستهداف مباني المستشفى بشكل مباشر دون الاهتمام بالمرضى أو الطواقم الطبية أو النازحين المتواجدين فيه.
من جهته عبر تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أمس عن قلقه بشأن مصير المستشفى بعد العملية الإسرائيلية.
وقال على منصة إكس للتواصل الاجتماعي “لا ينبغي أن تكون المستشفيات ساحات قتال أبدا. نشعر بقلق بالغ بشأن الوضع في مستشفى الشفاء في شمال غزة، والذي يعرض الأطقم الصحية والمرضى والمدنيين للخطر”.
في سياق ميداني متصل قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أمس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وافق على إرسال فريق إلى واشنطن لبحث عملية رفح، مشيراً إلى أن الرئيس جو بايدن أبلغ نتنياهو بضرورة تبني استراتيجية متماسكة ومستدامة للتخلص من “حماس”.
وكان البيت الأبيض قال في بيان أمس إن “الرئيس بايدن تحدث مع نتنياهو للبحث في آخر التطورات في إسرائيل وغزة، بما يشمل الوضع في رفح وجهود زيادة المساعدة الإنسانية إلى غزة”.
وهذا أول اتصال بين الرجلين منذ 15شباط الماضي.
من جانبه، قال نتنياهو إنه تحدث مع بايدن عن “التزام إسرائيل بتحقيق أهداف الحرب والقضاء على حماس”.
وأضاف أن “إدخال المساعدات الإنسانية يمكننا من تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حماس، واستعادة المخطوفين”.
من جهة أخرى قال سوليفان أن إسرائيل دمرت عددا كبيرا من كتائب حماس، ما أسفر عن مقتل آلاف من مقاتليها بمن فيهم مروان عيسى، بحسب ما قال.
وكشف أن إسرائيل لم تقدم بعدُ أي خطة لحماية المدنيين في رفح، كؤكدا أن أي عملية برية كبيرة هناك ستكون خطأ وستُعمق الفوضى في غزة.
يأتي ذلك في وقت تستأنف فيه المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في الدوحة للتوصل الى اتفاق لوقف النار وتبادل الرهائن.
وفيما وصل الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة القطرية مساء أمس قال مسؤول إسرائيلي رفيع إن المفاوضات ستهدف إلى تأمين هدنة مدتها ستة أسابيع في غزة على أن تطلق حماس بموجبها سراح 40 رهينة.
وقدر المسؤول الإسرائيلي أن هذه المرحلة من المفاوضات قد تستغرق أسبوعين على الأقل مشيرا إلى صعوبات قد يواجهها مفاوضو حماس في التواصل مع الحركة داخل القطاع بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على الحرب.
من جهتها أوضحت القناة الـ12 الإسرائيلية أن زيارة الوفد الإسرائيلي للدوحة تأتي بعد 4 أيام من تلقي تل أبيب رد حماس عبر الوسطاء، ونقلت عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن الوفد قد حصل على تفويض من المجلس الوزاري المصغر بإجراء مفاوضات عامة.
وقالت إن الزيارة تأتي عقب مداولات في كل من مجلس الحرب الإسرائيلي والمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) بشأن مقترح كانت حماس قدمته.
ونقلت القناة الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه قوله إن عملية التفاوض ستكون طويلة ومعقدة، وإن “المفاوضات تتجه لأن تكون مع زعيم حماس في غزة يحيى السنوار” في إشارة إلى دوره في صنع القرار بشأن الحرب.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن “العرض الذي تلقته إسرائيل من حماس ليس جيدا، وعلى الجانبين أن يكونا مرنين”.
وأكد أن التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي يمكنه من إجراء مفاوضات حقيقية، مشيرا إلى أن فريق التفاوض الإسرائيلي عازم على التوصل إلى اتفاق.
من جهتها ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن الائتلاف الحاكم يتجه إلى أزمة على خلفية ذهاب وفد التفاوض إلى قطر.
وأضافت القناة أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش هددا بترك الحكومة إذا أُطلق سراح سجناء فلسطينيين ملطخة أيديهم بالدماء، على حد وصفهم.
من جهتها نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مسؤولين إسرائيليين أن نتنياهو منح وفد التفاوض تفويضا أقل بكثير مما طلبه القادة الأمنيون.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إن نتنياهو وضع خطوطا حمراء أكثر صرامة بشأن قائمة الأسرى الفلسطينيين بالصفقة.
إلى ذلك كشفت القناة 12 الإسرائيلية أن رئيس الوزراء يمنع رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) من لقاء باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي التي تزور إسرائيل.
على صعيد آخر قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس إن تقريرا دعمته المنظمة العالمية، أشار إلى أن المجاعة صارت وشيكة الآن في شمال غزة، هو “مؤشر مروع” للأوضاع على الأرض.
وأضاف للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك “هذه الكارثة هي بالكامل من صنع الإنسان، ويوضح هذا التقرير أنه يمكن وقفها”، داعيا إسرائيل إلى ضمان وصول مواد الإغاثة الإنسانية إلى جميع أنحاء قطاع غزة.
من جهة اخرى، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومصر إن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح للمدير العام للوكالة بدخول قطاع غزة أمس ووصفتا الخطوة بأنها غير مسبوقة.
وقال فيليب لازاريني، المدير العام لأونروا، متحدثا إلى جانب وزير الخارجية المصري سامح شكري في مؤتمر صحفي بالقاهرة، إنه كان ينوي التوجه إلى رفح أمس “لكن تم إبلاغي قبل ساعة برفض دخولي إلى رفح”.
إلى ذلك قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي أمس إن إسرائيل تتسبب في حدوث مجاعة في قطاع غزة وتستخدم التجويع سلاحا في الحرب، وهو اتهام رفضه وزير الخارجية الإسرائيلي.
وأضاف في افتتاح مؤتمر بشأن المساعدات الإنسانية لغزة في بروكسل “في غزة لم نعد على شفا المجاعة، نحن في حالة مجاعة يعاني منها آلاف الأشخاص”.
وتابع “هذا غير مقبول. المجاعة تستخدم سلاح حرب. إسرائيل تتسبب في المجاعة”.
في المقابل حث يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي بوريل على “التوقف عن مهاجمة إسرائيل والاعتراف بحقنا في الدفاع عن النفس ضد جرائم حماس”.
وكان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بوينو قال أمس إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وافقوا “بالإجماع”أمس على فرض عقوبات على المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وقال بعد اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في بروكسل “وافقنا اليوم (أمس) بالإجماع على فرض عقوبات على المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين في الضفة الغربية”.
في شأن آخر طلبت إسرائيل من محكمة العدل الدولية عدم اتخاذ إجراءات طارئة جديدة لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، لمواجهة مجاعة تلوح في الأفق، ورفضت طلب جنوب أفريقيا القيام بذلك، ووصفت الطلب بأنه «بغيض أخلاقياً».
وقالت إسرائيل في ملف قدمته إلى المحكمة ونُشر أمس إنها «تشعر بقلق حقيقي تجاه الوضع الإنساني وأرواح الأبرياء، كما يتضح من الإجراءات التي اتخذتها وتتخذها» في غزة خلال الحرب.
وجاء في الملف أن اتهامات جنوب أفريقيا في إطار طلبها لاتخاذ تدابير إضافية، الذي قدمته في 6 آذار الحالي، «لا أساس لها على الإطلاق في الواقع أو من الناحية القانونية، وبغيضة من الناحية الأخلاقية، وتمثل إساءة استخدام لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمحكمة نفسها».