خلافات متجددة بين بايدن ونتنياهو حول العجز عن مواجهة «حماس»
طفلان فلسطينيان يجلسان بجانب أمهما بعد تلقيهما العلاج في أحد مستشفيات غزة
توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلية أمس بعمق وسط الأنقاض في شمال قطاع غزة لإعادة السيطرة على منطقة قالت قبل شهور إنها ألحقت فيها الهزيمة بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بينما تقدمت دبابات وقوات أخرى في جنوب القطاع عبر طريق سريع يؤدي إلى رفح.
ووقعت بعض من أعنف المعارك على مدى أسابيع في شمال وجنوب قطاع غزة.
وفر مئات الآلاف من الفلسطينيين مرة أخرى من رفح التي لجأ إليها نحو نصف سكان غزة بعد أن دفعهم القتال للتوجه إلى جنوب القطاع.
وفي جباليا، تقدمت دبابات الاحتلال إلى وسط المخيم، وهو أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في غزة.
وقال سكان إن قذائف الدبابات تسقط في وسط المخيم وإن الضربات الجوية دمرت عددا من المنازل فيما ذكر مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني أمس أنهم انتشلوا حتى الآن 20 جثة لشهداء في الغارات الجوية التي استهدفت جباليا ليل أمس الأول.
ويقول الفلسطينيون إن عودة القوات الإسرائيلية إلى ساحات معارك سابقة لهي دليل على أن الأهداف العسكرية الإسرائيلية عصية على التحقق.
وفي رفح بالقرب من الحدود مع مصر كثفت إسرائيل القصف الجوي والبري على المناطق الشرقية من المدينة. ووقع عدد من الشهداء في ضربة جوية على منزل في حي البرازيل.
وأمرت إسرائيل السكان بالخروج من شرق المدينة قبل أيام ثم وسعت نطاق هذا الأمر ليشمل المناطق الوسطى مما دفع مئات الألوف من الناس، ومعظمهم نازحون، إلى الفرار بحثا عن ملاذات أخرى.
وقال سكان إن القصف الجوي والبري يشتد وإن دبابات إسرائيلية قطعت طريق صلاح الدين الذي يقسم الجزء الشرقي من المدينة.
وقدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة أن نحو 360 ألفا فروا من المدينة الواقعة بجنوب القطاع منذ أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر الإخلاء.
في المقابل أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها استهدفت “جنود وآليات العدو” قرب معبر رفح فيما أكدت أن مقاتليها يخوضون اشتباكات “ضارية” مع جنود الاحتلال مشيرة في بيان عبر قناتها على قناة “تليجرام” إلى أن الاشتباكات تقع شرق “شارع جورج” في محور التوغل الإسرائيلي شرقي مدينة رفح.
من جهته اعترف جيش الاحتلال أمس بإصابة 19 جنديا خلال الساعات الـ24 الماضية، منهم 14 في معارك قطاع غزة.
من جهة ثانية قالت “القسام” إنها فقدت الاتصال بعناصر تابعة لها يحرسون أربعة من الرهائن في غزة، من بينهم هيرش غولدبيرج بولين الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية بسبب القصف الإسرائيلي للقطاع خلال الأيام العشرة الماضية.
وجاء في بيان للكتائب “نتيجة القصف الصهيوني الهمجي خلال العشرة أيام الماضية انقطع اتصالنا مع مجموعة من مجاهدينا تحرس أربعة من الأسرى الصهاينة من بينهم الأسير هيرش غولدبيرج بولين”.
وكان غولدبيرج بولين قد وجه في وقت سابق مناشدة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإطلاق سراحه وذلك في رسالة مصورة نشرتها القسام في أواخر نيسان.
في غضون ذلك قال رئيس نتنياهو خلال حضوره مراسم في القدس المحتلة أمس لإحياء ذكرى سقوط قتلى من الجنود الإسرائيليين، إن الهدف من الحرب على حماس هو ضمان “وجود وحرية وأمن وازدهار”إسرائيل.
وأضاف “حربنا من أجل الاستقلال لم تنته بعد، فهي مستمرة حتى يومنا هذا”.
وكان نتنياهو قد أكد في مقابلة عبر برنامج البودكاست «كول مي باك» الذي يقدمه الصحافي اليهودي الأميركي دان سينور على أن الحرب يمكن أن تنتهي على الفور إذا ألقت (حماس) أسلحتها، وأطلقت سراح الرهائن».
وأضاف: «إذا (حماس) ألقت سلاحها واستسلمت، وأعادت الرهائن فالحرب انتهت. الأمر بأيديهم».
كما أشار نتنياهو إلى أن إمكانية إبعاد قادة «حماس» عن غزة بدل قتلهم واردة، مضيفاً: «نحن نناقش نفي قادة المنظمة الإرهابية، لكن الأمر يعتمد في المقام الأول على استسلام (حماس)».
في المقابل أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ اجتياح رفح لن يحقّق هدف إسرائيل المتمثّل في القضاء على حركة حماس، وسيخلف “فوضى” وستحلق “أضرار جسيمة” بالمدنيين.
وأضاف في مقابلة مع شبكة “إن بي سي” الأميركية “سيكون هناك دائماً الآلاف من أعضاء حماس المسلحين”، حتى بعد مهاجمة رفح، مشيراً إلى أنّ الحركة الفلسطينية “عادت إلى المناطق” التي قاتلتها فيها إسرائيل في الشمال، و”حتى في خان يونس”.
من جانبه قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمس إنه أطلع وزير الخارجية الأميركي على العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح.
وذكر المكتب في بيان أن غالانت وبلينكن ناقشا في اتصال هاتفي خلال الليل “التطورات في غزة… والعملية المحددة في منطقة رفح ضد ما تبقى من كتائب حماس وفي الوقت نفسه تأمين المعبر”.
وفي المحادثة، أكد غالانت الحاجة إلى العملية المحددة في رفح، بينما أكد بلينكن مجدداً رفض واشنطن شن عملية كبيرة في هذه المنطقة من جنوب قطاع غزة.
إلى ذلك قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أمس إن “الولايات المتحدة تكثف الجهود الدبلوماسية الآن” من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين الإسرائيليين ووقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أنه تحدث مع مسؤول مصري في هذا الشأن، أمس الأول.
وتوقع سوليفان “اجتماعاً مباشراً مع مسؤولين إسرائيليين، في غضون أيام وليس أسابيع”، وقال: “عاقدون العزم على إعادة المحتجزين”.
وأضاف أن “على العالم أن يدعو حماس للعودة لمائدة التفاوض وقبول اتفاق”، لافتاً إلى أنه “لا يمكن التنبؤ بموعد أو إمكانية التوصل لاتفاق بشأن المحتجزين”.
وفيما أكد المسؤول الأميركي أن “أميركا تريد أن ترى هزيمة حماس” رأى أنه “من الخطأ القيام بأي عملية كبيرة في رفح”، مؤكداً أن “المدنيين الفلسطينيين يواجهون جحيماً في غزة”.
لنه نفى أن يكون “ما يحدث في غزة، لا نعتقد أنه إبادة جماعية”.
وفي موقف أميركي آخر لقي تنديدا قال السيناتور ليندسي غراهام (الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا) إن إسرائيل سيكون لها ما يبرر تسوية قطاع غزة بالأرض باستخدام سلاح نووي، وذلك ببساطة لأن الولايات المتحدة فعلت ذلك في هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية ضد اليابان.
ووصف السيناتور قصف هيروشيما وناغازاكي بأنه «القرار الصحيح» من قبل الولايات المتحدة.
وأضاف «أعطوا إسرائيل القنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب التي لا تستطيع تحمّل خسارتها، واعملوا معها لتقليل الخسائر البشرية».
وأدانت حركة «حماس» كلام غراهام، قائلة إن التصريحات الصادمة التي أدلى بها السيناتور الأميركي، «تدلل على عمق السقوط الأخلاقي الذي وصل إليه».
على صعيد آخر قال فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أمس إن الولايات المتحدة أثارت مع إسرائيل واقعة قيام محتجين باعتراض طريق شاحنات مساعدات متجهة إلى غزة، مضيفا أنه لا ينبغي إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
واعترض محتجون إسرائيليون في وقت سابق أمس طريق شاحنات مساعدات كانت متجهة إلى غزة وألقوا طرود المواد الغذائية على الطريق في أحدث حلقة من سلسلة الحوادث التي تأتي في وقت تعهدت فيه إسرائيل بالسماح بدخول الإمدادات الإنسانية إلى القطاع المحاصر دون انقطاع.
وفي سياق متصل بالمساعدات الإنسانية تعهّدت جهات مانحة خلال مؤتمر في الكويت أمس الأول تقديم أكثر من ملياري دولار لمساعدة قطاع غزة المدمّر جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر.
وقال المؤتمر الذي نظمته الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في البيان الختامي إن المبلغ “يتم تنفيذه خلال العامين 2024، 2025، وستعمل المبادرة خلال العامين القادمين -كمرحلة أولى قابلة للتمديد- على حشد الجهود لدعم التدخلات الإنسانية المنقذة للحياة في قطاع غزة”.