“بكركي لم تُهدَّد يومًا”.. جعجع: لم يبقَ إلّا اللعب على الوتر الطائفي وحقوق المسيحيِّين وخوض “داحس والغبراء” لرئاسة باسيل
أوضح رئيس حزب القوّات اللبنانية، سمير جعجع، أن “موقفنا واضح، منذ البداية، بعدما وصل البلد إلى ما وصل إليه أنه يجب على رئيس الجمهورية الإستقالة، لكن المشكلة تكمن في حال إستقال في ظلّ الأكثريّة النيابيّة الحاكمة الحالية، إذ سيعاد إنتخاب رئيس مثله. لذلك، يجب الذهاب إلى إنتخابات نيابية مبكِّرة لتكون هذه الإستقالة مفيدة وتؤدي إلى شيء ما. وبذلك، تصبح هناك أكثرية نيابية أخرى، وهذه الأخيرة تنتخب رئيسًا جديدًا”.
أضاف جعجع، في مداخلة عبر “إذاعة لبنان الحر”، أنّه “إذا إستقال رئيس الجمهورية الآن، فهذا طبعًا أمر مرحَّب به. لكن، لنفترض فعل ذلك، نعود إلى الأمر ذاته، ونكون من دون حلّ للأزمة الحالية”.
وأكَّد جعجع أنّ “بكركي صخرة لبنان طوال عمرها، واللبنانيون يلقون كتفهم على هذه الصخرة. ومنذ 100 سنة لغاية اليوم، لم تخذل بكركي اللبنانيين. البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لم يتجِّه إلى الدعوة لمؤتمر دولي، لحل أزمة لبنان، إلّا بعدما إستنفد كلّ الوسائل التي بين يديه لإقناع المسؤولين في السلطة، تحديدّا رئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات والمجلس النيابي وغيرهم، بالقيام بما يلزم لوقف التدهور الحاصل، أقله منذ سنة وأربعة أشهر لغاية الآن، لكن لم يستطع فعل شيء. وبعد كلّ هذه المحاولات، وصل إلى قناعة أنّه «فالج لا تعالج»، وهي القناعة ذاتها التي وصلنا إليها جميعًا”.
تابع جعجع: “«فالج لا تعالج» في الأكثريّة النيابيّة الحاكمة والمجموعة الممسكة بالسلطة في الوقت الحاضر. لذلك، طرح البطريرك الذهاب نحو مؤتمر دولي لبحث قضية لبنان، علًّها في ذلك تتمكَّن مجموعة الدول، خصوصًا في ظلِّ المبادئ التي تتمسَّك بها الأمم المتحدة والقائمة على أساسها، أن تأتي بنتيجة إيجابية للبنان”.
ووصف جعجع التهديدات لبكركي بـ”العنتريّات”، مشيرًا إلى “أن بكركي لم تُهدَّد يومًا، في عزِّ عهد جمال باشا ورفض البطريرك تغيير موقفه، لذلك، كلّ هذه العنتريات لا تؤدّي إلى شيء، وكلّها «عنتريّات عَ الفاضي»”.
ورأى جعجع أنّنا “أمام خيارَين للأزمة الحكومية، القائمة منذ حوالي أربعة أشهر أي منذ تكليف رئيس الحكومة سعد الحريري: إمّا أنّنا سنكمل على هذا الشكل من دون حكومة؛ أو في حال تشكّلت حكومة، فلن تختلف عن المخاض الذي عاشته قبل ولادتها. فلنعتبر أنّ ما يحصل اليوم، في عملية التشكيل، سيطبّق ذاته على طاولة مجلس الوزراء، في كلّ جلسة ستعقدها هذه الحكومة. وبالتالي، من ينتظر الحكومة كمن ينتظر السراب”، مجدّدًا التأكيد أنه “إما لا حكومة، وإما ستكون حكومة بلا نتيجة، وفي كلتَي الحالتين، نضيِّع الوقت، أكثر وأكثر، على اللبنانيين”.
وأشار جعجع إلى أنّ “البعض، وخصوصًا فريق رئيس الجمهورية، بعدما خسر كلّ شيء، لم يبق أمامه إلّا اللعب على الوتر الطائفي مجدّدًا، لذلك طرح الملف الحكومي من زاوية صلاحيّات رئيس الجمهورية وحقوق المسيحيين”، سائلًا: “أيّ حقوق مسيحيين؟ حقوق المسيحيين أن تقوم دولة قوية. تمَّ إنتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية على أساس أنّه رئيس قويّ للإعتكاف على قيام دولة قوية. لكن ما حصل، بالفعل، أن الدولة أصبحت ضعيفة أكثر من أيّ وقت مضى، منذ تاريخنا، إلى حدِّ الإضمحلال اليوم”.
أضاف جعجع: “حقوق المسيحيين تتحقَّق بقيام دولة فعلية في لبنان، دولة تحفظ لهم سيادتهم وحريتهم وكرامتهم، أين هي هذه الدولة؟ هذا ما يريده المسيحيون. ومن جهة أخرى، تمنع الدولة سرقة أموالهم من قبلها، ومن قبل غيرها، في إداراتها، كما حصل منذ 10 و15 و20 و30 سنة. إذًا، مقولة حقوق المسيحيين تكمن في تطبيق هذه الأمور، لا خوض معركة «داحس والغبراء» في عز الأزمة الحالية التي يئنّ تحتها كلّ مواطن لبناني. نقوم بمعركة طويلة عريضة من أجل التمهيد للرئاسة المقبلة للنائب جبران باسيل. وهذه ليست حقوق المسيحيين”.
وأسف جعجع لـ”الغش القائم في هذا الموضوع تحديدًا، وبعض الفرقاء يقع في هذا المطب، ويبادرون إلى الردِّ بأسلوب ليس بعيدًا عمّا تطرحه جماعة رئيس الجمهورية. وبالتالي، يوقعوننا في جوٍّ أبعد ممّا يكون عن الواقع والحقيقة. المشكلة، اليوم في لبنان، ليست إسلامية- مسيحية، ولا مشكلة صلاحيّات، هذا الواقع نعيشه منذ زمن، لكن المعضلة، اليوم، الإدارة الفعلية للدولة اللبنانية، وهو الأمر المفقود تمامًا”.
وأوضح جعجع أن “الحلّ الوحيد للخروج من هذه الأزمة يكمن بإنتخابات نيابية مبكِّرة. يمكننا تجربة أيّ حلّ، لكن لا حلّ إلّا بإنتخابات نيابية مبكِّرة، ولو حصلت منذ سنة وأربعة أشهر، لكنّا حلَّينا المشكلة منذ ذلك الوقت، وكل تأخير اليوم، في الذهاب نحو الإنتخابات، يضيع على اللبنانيين في ظلّ التدهور الحالي، والدليل تدهور العملة الوطنية. يلاحقنا التدهور كلّ يوم، ونحن نتسلّى بحقوق المسيحيين وصلاحيّاتنا وطلعاتنا ونزلاتنا، في الوقت الذي تقبع فيه المشكلة في مكان آخر مختلف تمامًا”.
ولفت جعجع إلى أن “المعارضة تقول أنّ الأهمّ حصول الإنتخابات النيابيّة في موعدها الدستوري، طبعًا يجب ذلك، لكن إلى حين حصولها، بعد سنة وثلاثة أشهر، يزيد وجع وألم اللبنانيين كلّ يوم. وكلّ يوم لدينا مشكلة جديدة، وكلّ يوم لدينا تدهور جديد، ماذا نفعل خلال هذه الفترة إلى حين موعد الإنتخابات؟ أُعيد وأؤكِّد أنّه من المهمّ حصولها في موعدها في الأيام العادية، لكن، في مثل هذه الأيام التي نعيشها، مِنَ المهمّ أن تجري الإنتخابات اليوم أو غدًا، ماذا وإلّا سنكمل بالطريق نحو جهنم مثلما نحن نسير بإتجاهها منذ سنة ونصف السنة، وسنتين، وثلاث وأربع سنوات”.
وشدَّد جعجع على “وجوب الذهاب نحو إنتخابات نيابية كاملة شاملة، لأنّه في ظلّ الأكثريّة النيابيّة الحاكمة لا أمل بأيّ شيء، وأؤكِّد على هذه النقطة، لا أمل بأيّ شيء. بعد إنفجار المرفأ، مر أربعة أشهر ولم تتشكّل الحكومة، ومثلما يبدو واضحًا، الأمور تتجِّه نحو التأزيم لا العكس، فكيف يمكننا القيام بأيّ شيء في ظلّ هذه الأكثريّة الحاكمة؟”
وإعتبر جعجع أنّه “بعد مرور أكثر من ستة أشهر على إنفجار مرفأ بيروت في ظلّ التحقيقات المحليّة القائمة، تبيَّن أن التحقيقات المحليّة لا يمكنها الوصول إلى أيّة نتيجة إنطلاقًا من الإعتبارات المعروفة. وبالتالي، يحضّر نواب تكتل الجمهورية القوية مذكرة جديدة لتوقيعها وإرسالها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لتشكيل لجنة دوليّة لتقصّي الحقائق، لأنّ جريمة المرفأ لن تنكشف إلّا بلجنة تقصّي حقائق دوليّة، ماذا وإلّا سنبقى في «الدُّوَيخة» التي نحن فيها”.
أضاف جعجع : “قد يتمكن قاضي التحقيق، أو غيره، من القيام بخطوة إلى الأمام، أو إلى الوراء، لكنّ ذلك غير كاف لكشف ملابسات جريمة المرفأ، ولن نترك جريمة المرفأ، لو بعد مرور مئة سنة، من دون كشف المسؤولين عنها”.
صحيًّا، طلب جعجع من جميع اللبنانيين الإقدام على التلقيح، متمنيًّا على وزارة الصحة “فتح المجال، أكثر وأكثر، أمام القطاع الخاص لتلقيح الناس، بإعتبار أنّ الإدارات العامة غير مهيَّئة لتطعيم 4 ملايين ونصف مليون لبناني إلى 5 ملايين مع المقيمين على أرض لبنان خلال سبعة أو ثمانية أشهر، وهو الحلّ الوحيد للأزمة الصحيّة التي نواجهها اليوم”.
ودعا جعجع اللبنانيين إلى الصمود، وقال: “مررنا بأزمات كثيرة، ويجب أن نبقى صامدين، وما يجب فعله أن نتعاضد مع بعضنا البعض أكثر وأكثر، وهذا ما نقوم به كقوّات لبنانية، جنَّدنا كلّ قوانا في الإغتراب ولبنان، ونحاول، قدر المستطاع، مساعدة المجتمع والناس لمرور هذه المرحلة الصعبة، وصولًا، إذا الله أراد، إلى شاطئ الأمان”.