“باسيل ليس إلغائيًّا بل إخضاعيّ”.. ميقاتي: تشكيل الحكومة مؤجّل وعلى عون الإستقالة وأتمنّى فرنجية رئيسًا
أبدى الرئيس نجيب ميقاتي إعتقاده أن “موضوع تشكيل الحكومة مؤجّل، لأن هناك إعتبارات إقليمية لا تسهّل تشكيل الحكومة، وإعتبارات داخلية تجعل المعنيِّين غير مستعجلين لتشكيلها”.
وفي حديث، مساء اليوم، إلى “قناة الحرة” مع الإعلامية ليال الاختيار، دعا رئيس الجمهورية إلى “أن يستقيل من الزاوية التي وضع نفسه فيها، وهي الزاوية الحزبية والطائفية، وأن يعود أبًا لجميع اللبنانيين”، معتبراً أنّ “المفارقة أن رئيس الجمهورية يتصرَّف وكأنّه لا يزال رئيسًا للتيّار الوطني الحرّ، فيما رئيس التيار يتصرَّف وكأنّه رئيس الجمهورية”.
الملف الحكومي
وسُئل ميقاتي عن الأسباب التي تؤخِّر تشكيل الحكومة، فقال: “هناك إعتبارات إقليميّة لا تسهّل تشكيل الحكومة، وإعتبارات داخلية تجعل المعنيين غير مستعجلين لتشكيلها. الرئيس الحريري مرَّ بتجارب حكومية سابقة لا تزال حاضرة في ذهنه، وتدفعه إلى التشبُّث بتشكيل حكومة يكون له فيها القرار عبر وزراء أخصّائيين، ولذلك فهو يتريَّث. حزب الله بدوره أخذ مكتسبات كثيرة، خلال الفترة الماضية، داخل التركيبات الحكومية، واليوم، هو مُطالَب بالتخلِّي عنها، ولذلك، فهو لن يخسر هذه الورقة من دون مقابل. أمّا الرئيس عون فهو في صدد تشكيل الحكومة الأخيرة في عهده، ويريد من خلالها أن ينفِّذ رؤيته. كذلك، فإنّ الوضع الإقليمي ليس مستعجلًا لتسهيل تشكيل الحكومة، ولا يضغط، وفي الداخل ليس هناك حماسة لإخراج الحكومة بسرعة”.
وعن الخيارات المتاحة في حال إعتذار الرئيس الحريري، قال: “في الوقت الحاضر، وفي ضوء التجارب، وبما يمثِّل، فالرئيس الحريري هو رجل المرحلة، ولا خيار لنا إلّا أن يشكِّل حكومته، في أسرع وقت ممكن، ويتسلّم مهامه، ونحن إلى جانبه”.
وأضاف: “المطلوب إحترام الدستور، وأن يأخذ كل فريق دوره. المشاكسة طبيعية، ولكن لكلّ شيء حدود. الحلُّ ليس بوزير من هنا، ووزيرٍ من هناك، وطالما لا حلّ لديهما، يجري إختراع الذرائع لعدم تشكيل الحكومة”.
كلام باسيل
وردًّا على كلام النائب جبران باسيل، أمس، والمطالبة بحصَّة وزارية لرئيس الجمهورية، قال ميقاتي: “حتمًا، لا أوافق على طرح باسيل، لأنّ فخامة الرئيس يجب أن يدرك أنّه فوق السلطات، وكل الحكومة له، ولا يصدر مرسوم إلّا بموافقته، وله وحده الحق في ردِّ القوانين. رئيس الجمهورية يشارك في التوقيع على مراسيم الحكومة، ويُبدي رأيه، ولكن لا يجوز أن يسمِّي وزراء، ولا يجوز أن يكون طرفًا. ولا بد من التذكير أنّه، في خلال وجوده في الرابية، كان للرئيس عون موقف أبدى فيه رفضه إعطاء رئيس الجمهورية حصّة وزارية. إذا كان رئيس الجمهورية ممثَّلا بعدد من الوزراء في الحكومة، وإذا لم تنل الحكومة ثقة مجلس النواب، فهذا معناه أن لا ثقة بالرئيس أيضًا. لتتشكَّل الحكومة، وليحدِّد مجلس النواب موقفه حسب الدستور”.
وسُئل عمَّا إذا كان رئيس الجمهورية طرفًا، فأجاب: “حتمًا، الرئيس عون، اليوم، هو طرف، وما قاله الوزير باسيل أكَّد ما يُقال عن عدم وجود رئيسين للجمهورية، بل رئيس فعلي هو الوزير باسيل الذي يمسك بكلِّ المفاتيح الأساسية في قصر بعبدا وبالقرار السياسي، وما إرساله المستشارين، أخيرًا، إلى القصر الجمهوري إلّا جزءًا مكمّلًا للإمساك بالقرار السياسي”.
وعن المطالبة بحق المسيحيين في إختيار وزرائهم أسوة بالثنائي الشيعي والدروز، قال ميقاتي: “إذا أراد التيار الوطني الحرّ أن يشارك في الحكومة، فله الحقّ في طرح أسماء، ولكن رئيس الجمهورية فوق كل السلطات، ولا يجوز أن يطالب بحصَّة”.
وعن الحديث عن عدد الوزراء في الحكومة، أضاف: “لا مشكلة لديّ مع عدد أعضاء الحكومة، ولكن الرئيس الحريري يصرُّ على حكومة من 18 وزيرًا لتكون حكومة مصغّرة وفاعلة. وأيُّ رفع لعدد الوزراء سيفتح الباب على مطالبات جديدة ، وهذا ما لا يرغب به الرئيس المكلَّف”.
وردًّا على سؤال عن نجاح النائب باسيل في إستثارة العصب المسيحي، قال “أنا ضدّ الخطاب والتشنج الطائفيّ الذي حصل، والمسيحي أوعى من أن يسمح لأحد بأن يُشعل هواجسه بذريعة المصلحة المسيحية. وفي مقابلة للبطريرك الراعي مع جريدة “النهار”، قال ردًّا على سؤال في هذا الإطار: «أنا أتحدَّث عن مصلحة اللبنانيين ومن ضمنهم مصلحة المسيحيين»، وهذا الكلام الوطني هو الذي ينبغي إشاعته وتعميمه”.
وعن الخوف من تكرار “الحلف الرباعي” وما يُحكى عن تشكيل جبهة جديدة في وجه المسيحيين، قال ميقاتي: ” نحن لسنا في صدد خطَّة ضد المسيحيين، ولا ضد أيّ مكوِّن لبناني على الإطلاق. وفي لقاء رؤساء الحكومة السابقين، أكَّدنا وشدَّدنا على أننا لن نكون طرفًا في جبهة لمواجهة أيِّ طرف لبناني آخر. نحن نريد إئتلافًا لما فيه خير لبنان، والجبهة لن تُبصر النور، لأنّنا لن نكون لبنانيين ضد بعضنا البعض. علينا أن نسعى لإئتلاف لبناني كامل”.
وعن طرح النائب باسيل معادلة “الإصلاح في مقابل الحكومة”، علَّق ميقاتي قائلًا: “الإصلاح يجب أن يتمَّ بمعزل عن الحكومة، ولا يجوز أن تكون الإصلاحات رهينة المشاركة في الحكومة أو عدمها. والسؤال البديهي الذي يُطرح، لقد مضى من عهد الرئيس عون 4 سنوات وبقيت سنتان، فلماذا لم تُجرَ الإصلاحات؟”
وعن علاقته بالنائب باسيل، قال: “الوزير باسيل، كشخص، يملك طاقات جيدة، ولكن طريقة تفكيره ولعبه على الوتر الطائفي غير مفيدين للبلد. من هنا، خلافي معه. تفكيره ليس إلغائيًّا بل إخضاعي، في الوقت الذي يجب أن يكون منفتحًا أكثر، ويقدِّر أكثر تركيبة لبنان”.
إستقالة رئيس الجمهورية
وعما إذا كان يطالب رئيس الجمهورية بالإستقالة قال ميقاتي: “لن أقول إنّني أطالب الرئيس بالإستقالة، لأنّ المسألة سيتمُّ تحويرها نحو الإعتبارات الطائفية، ولكنّني أدعو فخامة الرئيس إلى أن يستقيل من الزاوية التي وضع نفسه فيها، وهي الزاوية الحزبية والطائفية، وأن يعود أبًا لجميع اللبنانيين. والمفارقة أنّ رئيس الجمهورية يتصرَّف وكأنّه لا يزال رئيسًا للتيار الوطني الحرّ، فيما رئيس التيار يتصرَّف وكأنّه رئيس الجمهورية. أتمنّى على الرئيس عون أن يستقيل من موقع التَقَوقُع ليسجِّل له التاريخ أنّه رئيس إستثنائي”.
وعن تفاهم الحريري و”حزب الله”، قال: “أيّ شيء يمنع حصول فتنة سنية- شيعية أنا معه، خصوصًا إذا تمّ تحصين الساحة الداخلية”.
المبادرة الفرنسية
وردًّا على سؤال عن المبادرة الفرنسية والإتصالات الفرنسية- الأميركية، قال: “نحن نشكر الرئيس ماكرون على مبادرته وإصراره ومثابرته، وهو يسعى للحلّ في لبنان بدعم أميركي، وعلينا التعاون معه”.
وأضاف ردًّا على سؤال: “هناك دعم أميركي للفرنسيين في الملف اللبناني. وفي رأيي، هناك مسائل إقليميّة لا تزال تؤخِّر المسعى الفرنسي. الحديث الجديُّ لم يبدأ بعد. تصوُّري أنّ لا حلول في المنطقة ولبنان قبل حزيران 2021، ولن تظهر نتائج هذه الحلول قبل حزيران 2022”.
وعن المطالبة بعقد مؤتمر دولي وتدويل الوضع اللبناني، قال: “ألا تعني دعوة جميع الأطراف إلى دعم مبادرة الرئيس ماكرون نوعًا من تدويل للوضع أو رعاية دولية؟ البطريرك الراعي أكَّد أنّ ما يدعو إليه هو لتكريس مرجعية إتفاق الطائف. وفي رأيي، المطلوب مواكبة ورعاية دولية لتثبيت إتفاق الطائف وإستكمال تنفيذه بكل مندرجاته وبشكل خاص الأمور الدستورية”.
وعمَّا إذا كان مؤيِّدًا لطرح التدويل، أجاب: “التعابير التي إستُعملت ربّما كانت نافرة. ولذلك، إستَخدمت في حديثي تعبير المواكبة الدولية والعربية. أنا مع مواكبة عربية مدعومة دوليًّا، لأنّنا نريد عودة العرب إلى لبنان، ومناسبة لإعادة جمع العرب، والرعاية المطلوبة هي جزء من الوضع الإقليمي والدولي وحلحلة القضايا المطروحة”.
وعن دور نادي رؤساء الحكومات وحصر مهامه بدعم الحريري، قال: “نحن نلتقي بهدف حماية الدستور والطائف وتنفيذه، ونتبادل الآراء لمصلحة البلد، وأحيانًا نتفق، وأحيانًا نختلف. ولكنّ الأكيد أنّ دورنا ليس التصفيق للرئيس الحريري، فإذا أخطأ نقول له ذلك. ولكن، لا ضرورة لإبداء الملاحظات في الإعلام”.
وردًّا على سؤال عن الحملة على الحريري بعد قوله “لقد أوقفنا العدّ”، أجاب: “كلام الرئيس الحريري جاء ردًّا على إتهامه بقضم حقوق المسيحيين، وهو أعاد التذكير بموقفه وموقف والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولكن، تمّ تحوير هذا الموقف السياسي لأسباب معروفة، وتمَّ إستغلاله في الإعلام على غير ما قصده”.
سلاح حزب الله
وردًّا على سؤال عن ملف حزب الله والسلاح، قال: “حزب الله مكوِّن سياسي أساسي في البلد، ولكن يجب أن يأخذ كلُّ فريق لبناني دوره وحجمه لنعيش معًا، وينبغي على الجميع، بمن فيهم حزب الله، أن يعدِّلوا إستراتجيَّاتهم، ويلتزموا بالدستور، لكي نعيش في هذا الوطن بإعتدال وعدالة، وليس من مصلحة حزب الله الإيحاء بأنّ الهيمنة والقوة هما المسيطران”.
وأضاف: “نحن في أزمة سياسية وصحية وإقتصادية وإجتماعية كبيرة، ويجب أن نصل إلى حلٍّ، وهذا الأمر لا يتمّ إلّا بإعادة تقييم دور كلِّ طرف، ووضع المصلحة اللبنانية فوق كلِّ إعتبار، وإذا لم نستطع الوصول إلى ذلك، فهذا يعني إطالة الأزمة”.
وتابع: “سلاح حزب الله لم يعد موضوعًا داخليًّا، بل بات أكبر من أن يستطيع لبنان حلّه بمفرده”.
وعن مرشَّحه لرئاسة الجمهورية، قال: “الموضوع سابق لأوانه. ولكن، أنا، ومنذ ما قبل إنتخاب الرئيس عون ومن خلال قربي من الوزير سليمان فرنجية، أتمنّى أن يكون رئيسًا”.
أحداث طرابلس
وعن الأحداث الأخيرة في طرابلس، قال: “بعد الأحداث، أوقفت القوى الأمنية 32 شخصًا، وأُحيلوا على القضاء الذي إتّخذ، اليوم، الإجراءات في حقِّهم، وعلينا إنتظار نتائج عمل القضاء”.
وردًّا على سؤال، قال: “لا أعتقد أن للوزير السابق أشرف ريفي والسيد بهاء الحريري يدًا بتوجيه الأذيَّة إلى طرابلس، وبالخراب الذي حصل. حتمًا، هناك إستغلال خارجيّ، أمّا ما يُروَّج له من وجود داعش في طرابلس، فهو أمر غير صحيح. أيضًا، لا تدخُّل لتركيا في طرابلس. ولكن، في غياب الأطراف السنِّيَّة الأساسية في المنطقة، فالعاطفة الطرابلسية تتناغم بطريقة أو بأخرى مع تركيا”.
وقال: “لا خيار لنا إلّا الرهان على الجيش والقوى الأمنية، ولكنّ ليلة الأحداث في طرابلس حصل تأخير في التدخُّل الأمني وتقاعس عن القيام بالخطوات المطلوبة نتيجة عدم تنسيق بين القوى الأمنية. ولكن، في اليوم التالي، إستعادت قوى الأمن زمام الأمور”.
ترسيم الحدود
وعن ملف ترسيم الحدود، قال: “إنّ المفاوضات، بشأن حدود المنطقة الإقتصادية الخاصة، حصلت في 3 حكومات هي: حكومة الرئيس السنيورة وحكومة الرئيس الحريري وحكومتي، وأقرّت بقانون في مجلس النواب. وفي خلال حكومتنا، أبلغنا الأمم المتَّحدة رسميًّا بخطِّ الترسيم، وإذا عدنا اليوم إلى فتح الموضوع، أخشى أن يكون ذريعة للعدو الإسرائيلي لعرقلة المفاوضات غير المباشرة التي بدأت قبل أشهر”.
القاضي صوّان
وعن ملف تنحية القاضي صوّان عن التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، قال: “بغضِّ النظر عن الأخطاء التي حصلت من قبل القاضي وإمكانية تصحيحها، فهناك إنطباع لدى غالبية المواطنين أنّ التنحية كانت خطأ، خصوصًا وأنّ هذا الملف لا يحتمل التأخير، والناس تريد معرفة الحقيقة”.