خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي.. “المركزي” يبدأ بمراجعة أوضاع البنوك اللبنانية بعد إنتهاء المهلة
يبدأ المصرف المركزي، في لبنان، مراجعة أوضاع البنوك اللبنانية، بعد إنتهاء مهلة حدّدها لها من أجل زيادة رأسمالها، ضمن خطّة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وسط أزمة إقتصادية حادّة هي الأسوا، وفق ما أفاد في بيان الإثنين.
تعكس طلبات مصرف لبنان حجم الأزمة التي تواجهها المصارف، وسط أزمة سيولة حادّة راكمتها القروض المفرطة التي منحتها للدولة على مدى عقود. وتفرض المصارف، منذ صيف 2019، قيودًا مشدّدة على الودائع، خصوصًا بالدولار، والتحويل إلى الخارج.
وطلب المصرف المركزي، في تعميم صيف 2020، من المصارف زيادة رأسمالها بنسبة عشرين في المئة بحلول نهاية شباط/ فبراير. كما طلب منها تكوين حسابًا خارجيًّا حرًّا من أيّ إلتزامات لدى بنوك المراسلة في الخارج لا يقلّ عن ثلاثة في المئة من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية.
ومن الطلبات، أيضًا، أن تحثّ كبار المودعين، ممن حوّلوا نصف مليون دولار إلى الخارج منذ صيف 2017، على إعادة 15 في المئة، على الأقل، منها إلى حساب خاصّ يجمّد لخمس سنوات.
وغداة إنتهاء المهلة، أعلن المجلس المركزي في مصرف لبنان، اليوم الإثنين (الأول من آذار/ مارس 2021)، “الإتّفاق على وضع خارطة طريق، مع مهل للتنفيذ، سيلجأ مصرف لبنان من خلالها إلى إتّخاذ الإجراءات المناسبة المتعلّقة بتطبيق أحكام التعميم” رقم 154.
وتنصّ خارطة الطريق، وفق ما أوضح مسؤول في مصرف لبنان لوكالة فرانس برس، على أن تُعِدّ لجنة الرقابة على المصارف، بدءًا من نهاية شباط/ فبراير، التقارير الخاصّة بأوضاع المصارف، وترسلها إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وإثر ذلك، سيبحث المجلس المركزي تلك التقارير، على أن يحيل المصارف التي لم تلتزم بالتعميم إلى الهيئة المصرفية العليا لإتّخاذ القرار المناسب بحقّها.
وفي مقابلة، أجراها نهاية العام الماضي مع قناة “العربية”، أوضح سلامة أنّ أسهم المصارف التي لن تلتزم بزيادة رأسمالها ونسبة السيولة المحدّدة “ستصبح ملكًا للبنك المركزي”، وبالتالي، سيصار إلى “إعادة هيكلة في القطاع المصرفي”.
وأوضح أن هذا لا يعني إفلاس المصارف التي لم تلتزم، إذ سيعمل المصرف المركزي “على إعادة تنظيمها وبيعها”.
ولضمان الإلتزام بخطّة مصرف لبنان، أفادت تقارير إعلامية أنّ مصرفَين ضخمَين، على الأقل، عمدا إلى بيع فروع لهما في الخارج لضمان تأمين زيادة رأس المال.
وشكّلت إعادة هيكلة المصارف أحد البنود الرئيسية لخطّة التقشف التي وضعتها الحكومة قبل إستقالتها إثر إنفجار بيروت، وأجرت، على أساسها، جلسات تفاوض عدّة مع صندوق النقد الدولي. وعُلِّقت المفاوضات، لاحقًا، وسط خلافات بين المفاوضين اللبنانيين على أرقام الخسائر والأولويات.
وكانت الحكومة تأمل أن ينخفض عدد المصارف التجارية من 49 إلى نحو النصف.
ويشهد لبنان، منذ صيف العام 2019، أسوأ أزماته الإقتصادية التي أدّت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها مقابل الدولار، وفاقمت معدّلات التضخّم، وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.
ويتّهم محلّلون ومراقبون زعماء سياسيين ومسؤولين بتحويل مبالغ ضخمة من حساباتهم إلى الخارج، إثر تظاهرات شعبية غير مسبوقة، بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ضدّ الطبقة السياسية، رغم قيود مشدّدة تمنع التحويلات المالية إلى الخارج.
وتُحمِّل جهات سياسية عدّة “سلامة” مسؤولية إنهيار الليرة، وتنتقد، بشكل حادّ، السياسات النقدية التي إعتمدها، بإعتبار أنّها راكمت الديون. إلّا أنّ سلامة دافع مرارًا عن نفسه، قائلاً أنّ المصرف المركزي “موّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال”.
AFP