تحذيرات من خطورة عبوات تغذية الرضع المحتوية على مادة «البولي بروبيلين»
تطلق كميات كبيرة من جسيمات البلاستيك الدقيقة.. ويجب على الأمهات تعقيمها بماء مغلي وتحضير التركيبة الغذائية خارجها قبل وضعها في عبوة بلاستيكية
حذرت دراسة جديدة من مخاطر العبوات البلاستيكية المستخدمة في تحضير أغذية الأطفال الرضع، والتي تحتوي على مادة البولي بروبيلين، ومن ثم يمكن أن تطلق جزيئاتٍ بلاستيكيةً دقيقةً تضر بصحة الإنسان.
يمثل الإنتاج السنوي من البولي بروبيلين 20٪ من إنتاج البلاستيك غير الليفي، وهو من أكثر أنواع البلاستيك استخدامًا في تحضير علب الطعام. ومع ذلك، لا يُعرف إلا القليل عن قدرة البولي بروبيلين على إطلاق اللدائن الدقيقة.
لا تزال تأثيرات اللدائن الدقيقة على صحة الإنسان غير مفهومة جيدًا، لذلك يجب إجراء مزيد من الدراسات حولها، وفق نتائج دراسة أعدها باحثون من جامعة “دبلن” الأيرلندية، ونشرتها دورية “نيتشر فوود” (Nature Food) يوم “الإثنين” 19 أكتوبر.
يشير الباحثون أيضًا إلى وجود علاقة قوية بين الحرارة وإطلاق الجسيمات البلاستيكية الدقيقة؛ إذ تؤدي السوائل الأكثر دفئًا إلى إطلاق كميات من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة أكبر بكثير من السوائل الباردة.
ركزت أكثر الأبحاث السابقة على تعرُّض الإنسان لجُسيمات البلاستيك الدقيقة عن طريق انتقالها إلى سلسلة الغذاء من المحيطات والتربة. في حين تشير الدراسة الحالية إلى أن الاستخدام اليومي للمنتجات البلاستيكية هو مصدر مهم لإطلاق الجسيمات البلاستيكية، مما يعني أن طرق التعرُّض لمخاطرها أقرب إلينا مما كان يُعتقد سابقًا.
عمل الفريق على تحليل إمكانية إطلاق الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من عبوات تغذية الرضع التي تحتوي على البولي بروبيلين في أثناء تحضير الغذاء. كما قدروا احتماليات تعرُّض الأطفال الرضع في سن 12 شهرًا لهذه الجسيمات في 48 دولة ومنطقة تغطي 77.6٪ من جملة سكان العالم. وجد الباحثون أن مستوى تعرُّض الرُّضَّع اليومي للجسيمات البلاستيكية يتراوح بين 1.3 إلى 16.2 مليون جسيم، بناءً على نتائج فترة اختبار مدتها 21 يومًا.
يمكن لعبوات غذاء الرضع إطلاق ما يصل إلى 16 مليون جسيم بلاستيكي لكل لتر. يزيد التعقيم والتعرُّض لدرجة حرارة الماء المرتفعة بشكل كبير من إطلاق الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من 0.6 مليون إلى 55 مليون جزيء لكل لتر عندما ترتفع درجة الحرارة من 25 إلى 95 درجة مئوية. كما تنتج منتجات البولي بروبيلين البلاستيكية الأخرى مستوياتٍ مماثلةً من الجسيمات.
تتباين درجات التعرُّض للجسيمات مع اختلاف المنطقة التي يعيش فيها الرضع. فقد سجلت كلٌّ من قارتي إفريقيا وآسيا أقل معدل تعرُّض محتمل، في حين يتعرَّض الأطفال الرُّضَّع في أستراليا والجزر المحيطة بها، وأمريكا الشمالية وأوروبا لمستوى أعلى من الملوثات.
وفقًا لنتائج الدراسة، فإنه يمكن تقليل مستوى التعرُّض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المنبعثة من عبوات تغليف الأطعمة باتباع عدد من إجراءات التعقيم التي توصي بها الدراسة، والتي تتوافق مع توصيات منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن. بحيث يتم تعقيم العبوات بماء مغلي، يُترك ليبرد، ثم تشطف به العبوة 3 مرات على الأقل. على الأم تحضير التركيبة في وعاء غير بلاستيكي، ثم تنقلها إلى عبوة الغذاء البلاستيكية بعد أن تبرد. ويحذر الباحثون من إعادة تدفئة التركيبة المحضَّرة في أوانٍ بلاستيكية، خاصةً باستخدام أفران الميكروويف.
يقول “ليوين شياو”، أستاذ الهندسة المدنية والبيئة المساعد في جامعة دبلن، والباحث المشارك في الدراسة: “إنه لا يُعرف سوى القليل عن تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة على صحة الإنسان. وفي المرحلة التالية سوف نتحرى كيفية انتقال الجسيمات والتأثير المحتمل لها بعد ابتلاعها من قِبَل الرُّضَّع”.
ويضيف “شياو” في تصريح: سنعمل على تطوير أداة لحساب كمية اللدائن الدقيقة عن طريق تطبيق يسمى “حاسبة البلاستيك الدقيق”. ويمكن للوالدين استخدام هذه الأداة -التي لا تزال قيد الدراسة- لتقدير عدد الجسيمات التي تتسرب إلى أبدان أطفالهم كل يوم تقريبًا.
Scientific American