حبشي: سرقة أخرى لأموال المواطنين!
صدر عن عضو تكتل “الجمهورية القوية” انطوان حبشي البيان الآتي:
“إستكانة أهل الحق هُنيهة عن تقريع أهل الباطل لا يجعل من الباطل حقّاً.
يتحفوننا بقوانين لاستمرار السرقات والهدر والإمعان في الإستهتار بعقول الناس وذرّ الرماد في العيون بدلاً من الإعتذار والهروب من لعنة العتمة، من لعنة الشعب اللبنانيّ.حتى يصحّ فيهم القول المأثور “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”.
ما سكتنا يوماً إلا لإعطائهم فرصة لتصحو ضمائرهم ويُصَحَّحَ مسار طريقهم ويُصَوَّب نهج إداراتهم بالإتجاه الصحيح فتخفّ معاناة الناس.
وبدلاً من ذلك، ها هم اليوم يتقدمون باقتراح قانون معجّل مكرّر لإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة لعام 2021 بقيمة 1500 مليار ل.ل. متّبعين الإستراتيجية عينها التي لطالما انتهجوها لهدر المال العام في قطاع الكهرباء: الخيار بين السيئ والأسوأ، فإمّا المزيد من التمويل، ودوماً بحجة الضرورة والعجلة القصوى، أو الخراب والعتمة الشاملة.
وما كانت هذه العجلة يوماً كبديل عن الخراب إلا وسيلة ممنهجة لهدر المال العام ونهبه.
ويفاجئنا وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، السيد ريمون غجر، بدعمه لهذه الإستراتيجيّة، عن حقّ او عن باطل،عبر تصريحه من قصر بعبدا بتاريخ 11/3/2021 مبشراً اللبنانيين بالعتمة. هو نفسه الذي بشرنا بتاريخ 17/11/2020 “بأن الوضع في قطاع الكهرباء ليس سيئًا للغاية” وأننا “لن نواجه العتمة الشاملة كون قرار مجلس الوزراء يتيح الإستفادة من آليات بديلة…” وعاد وبشرنا بتاريخ 17/12/2021 مطمئنًا “أنه لن تكون هناك عتمة”.
بالعودة إلى إقتراح القانون، إن ظاهره، كما كلام الوزير، يدل على أن عدم الموافقة على السلفة سيؤدي لا محالة إلى العتمة. لكنّ قراءة بسيطة لجوهر الأمور تُبيّن أن العتمة قد حصلت ومنذ زمن ليس بقصير وإنّ كلّ المعالجات التي تمّت وتتمّ هي كناية عن مسكّن يدفع ثمنه المواطن اللبناني، لأنه وفق قانون المحاسبة العمومية، المادّة 204 منه، على وزير المال التأكد من قدرة الجهة المستلفة على إيفاء ديونها.
إلى يومنا هذا وخلافًا لقانون المحاسبة العمومية تُعطى السلفات بتواطؤ سياسيّ مع العلم المسبق أنه ليس لمؤسسة كهرباء لبنان القدرة على إيفائها. علمًا أنه قبل تدهور سعر الصرف وتفشي جائحة كورونا، كان من المفترض أن تتراوح قيمة الجباية السنويّة لمؤسسة كهرباء لبنان بين 800 مليون ومليار دولار. قيمةٌ لا يُعرف كيف يتمّ صرفها ونعرف حتمًا أنه لا تتمّ جبايتها بالكامل بسبب تقصير غير مبرّر خاصّة بعد إقرار مشروع مقدمي الخدمات من قبل مجلس الوزراء بتاريخ 20/6/2010 بالقرار رقم 1 كجزء من خطة 2010، والذي أحد أهم أهدافه:تحسين الجباية…
إن كلفة هذا المشروع المصروفة تناهز النصف مليار دولار، ولكن وبالرغم من ذلك، لم يتحقق أي من أهدافه، فأصبح الهدر هدرين.
وها هم اليوم يعودون إلى مجلس النواب، إلى خزينة الدولة، إلى جيوب اللبنانيين لحلّ مشاكل كان من المفترض أنها تمّت الموافقة على خططٍ لحلّها من ضمن مشاريع وخطط عدة منها مشروع مقدمي الخدمات، فيتوسلّون سلفة من مجلس النواب لحلّ مشكلةٍكان يُفترض أن تكون قد حلّت من خلال المشروع المذكور والمصاريف الباهظة التي صرفت لإنجاحه.
وعندما رفعنا الصوت، تطاير الرماد ولكن أعيننا لم تغفل عن الحقيقة، وللحقيقة دلائل موثّقة:
- بتاريخ 16 شباط 2020 قلنا :” الثورة ليست السبب في تأخير الجباية لأنه قبل 17 ت1 2019، في أغلب المناطق اللبنانية كان التأخير اكثر من سنة في الجباية. هل هذا نجاح لعمل مقدمي الخدمات ومن المسؤول خاصة أن جباية هذه الاموال فقدت تقريباً نصف قيمتها، ما يعادل 400 مليون$. من المسؤول؟”
- بتاريخ 5 أيار2020 أعدنا التذكير بهذه المسألة تحديدًا لأنه لم يحصل تَغير أساسيّ فيها.
- بتاريخ 20 شباط 2020 وفي مقابلة ضمن برنامج “صار الوقت” عبر شاشة الـMtv، تناولنا كذلك مسألة الجباية وكيفيّة صرفها.
وقد سبقت هذه التصاريح مراجعات في الأطر القانونيّة وتندرج وفق الآتي:
- تقديم طلب معلومات عن العقود الإستشاريّة في وزارة الطاقة والمياه، المسجل برقم 96/و تاريخ 4/2/2020
- تقديم طلب معلومات عن العقود الموقعة مع شركات مقدمي الخدمات (service providers)، المسجل برقم 935 تاريخ 4/2/2020
- بتاريخ 21/2/2020، تم تسليمنا الردّ على الطلب المتعلق بالعقود الاستشارية من قبل وزير الطاقة والمياه تذرع فيه الأخير بسريّة المعلومات المطلوبة وبعدم إمكانية تزويدنا بها، ما حدا بنا إلى توجيه سؤال للحكومة عبر رئاسة مجلس النواب بتاريخ 4/3/2020 حول هذا الموضوع؛ وبعد انقضاء المهلة الدستوريّة، حوّلنا السؤال إلى استجواب للحكومة ووزير الطاقة آنذاك بتاريخ 27/ 5/2020.
وكما طلبات الحصول على المعلومات، كما السؤال، كما الإستجواب، كما الإخبارات،كلها معلومات تفترش أدراج خزائن القضاء والحكومة ومجلس النواب… وتُعلّق بين تقاذف المسؤوليات لتجمّد المحاسبة وليتحوّل ملف بحجم ملف الكهرباء المتوفرة في أقاصي الأمازون إلى كتلة تعقيدات يتقاذفها المعنيون لتحقيق مكاسب من هنا ومن هناك في وقت يرزح فيه اللبنانيون تحت عبء الفساد والمحاصصة دون حسيب أو رقيب.
ولا زلنا نبحث عن قاضٍ جريء مقدام ليضع الإصبع على الجرح ويهدم الأصنام ويرعب تجار ولصوص الهيكل عوضاً عن التنصل من واجبه وتقاذف المسؤوليات مع مؤسسات أخرى في دولة فاشلة تحت ستار عنوان جذاب”الإلتزام بالقانون”، في حين أن الهدف واحد لا ثاني له، محاولة طيّ الإخبار ليلفّه النسيان، وهذا ما لن نسمح به.
على ضوء ذلك، يجدر التنويه بأن تأخر الجباية حصل قبل الثورة وقبل جائحة كورونا كي لا يتذرّع البعض بما ليس هوعذرًا. نرى المسؤولين اليوم يطالبون بسلفة، وبالليرة اللبنانية، بدلاًمن أن يُحاكَموا بسوء الإدارة وبهدر المال العام.
إن موافقة مجلس النواب على هذه السلفة هوإقرار يضعه بمصاف المتواطئ في هدر المال العام وما هو إلا محاولة واضحة منه للتنصّل من مسؤوليته في مراقبة المال العام ورمي الكرة في ملعب مصرف لبنان لتغطية فرق سعر الصرف. فمن أين سيؤمن الأخير الفرق في سعر الصرف للدفع بالعملة الأجنبية؟ حتمًا من الإحتياطيّ الإلزامي، أي ما تبقى من أموال المودعين.
إن إقرار هذا القانون هو بمثابة سرقة أخرى لأموال المواطنين لأن هذه الأموال لم تعد مالًا عامًا بل مالًا خاصًا.
وتحت أي حجّة يُمرّر هذا القانون؟ الإبقاء على التقنين على حاله لمدّة أشهر، لتعود العتمة شاملة بعد حين ولتتراكم الديون أكثر فأكثر فلا تدفعها الحكومة ويتحمّل أعباءها المواطن اللبناني عبر إرتفاع سعر الصرف وغلاء المعيشة ونفاذ ودائعه الخاصة…والعتمة . إنه تأجيلٌ للمشكلة.
وكيف يحصل كلّ ذلك؟ إن ذلك لا يمكن أن يحصل عبر مطالبة فريق واحد وإنما من خلال موافقة أفرقاء آخرين، أفرقاء يلعنون بعضهم كل يوم على وسائل التواصل الإجتماعيّ ولكنهم يتشاركون الحصص في مجلس إدارة كهرباء لبنان الّذي تقدّم احد اعضائه الجدد بالاستقالة… من أفواههم يُدانون!
واليوم تتكرّرالمسألة،كيف؟ تأمين نصاب جلسة مجلس النواب بتاريخ 10/3/2021 مقابل تمرير السلفة. والثمن دومًا، يدفعه المواطن اللبنانيّ!
إستهتار بعقول الناس، ذرّ للرماد في العيون وإمعان في هدر المال العام والخاصّ”.