الرئيس عون في إستقبال الأسمر: التوازن لا يحصل عبر إحتكار شخص لعملية التأليف
أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ضرورة تشكيل حكومة، بأسرع وقت ممكن، قادرة على معالجة الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون. وشدّد، في المقابل، على أنّ الحكومة تُؤلّف وفق معايير محدّدة تحترم أسس توزيع التوازن وتمكّن أصحاب الصلاحيات من ممارسة صلاحياتهم، وليس عبر إعتماد مبدأ “إحتكار شخص لعملية التأليف”.
مواقف الرئيس عون جاءت خلال إستقباله، قبل ظهر اليوم (الإثنين 29 آذار/ مارس 2021)، في قصر بعبدا، رئيس الإتحاد العمّالي العام، بشارة الأسمر، على رأس وفد من الإتّحاد، عرض معه الأوضاع الإقتصادية الراهنة وموضوع رفع الدعم عن المواد الأساسية.
الأسمر
في بداية اللقاء تحدّث رئيس الإتّحاد بشارة الأسمر، مؤكّدًا أنّه “في ظلّ الأوضاع المعيشية والإقتصادية الصعبة، يجب تشكيل حكومة من الأكفّاء، ونظيفي الكفّ والمشهود لهم بالعمل الوطني وعلى الساحة الإقتصادية والإجتماعية كي يتمكّنوا من تحقيق النهوض المنشود في هذا الوضع الإقتصادي السيّء الذي يعيشه لبنان.”
وأشار إلى أنّ “ما يهمّ الإتّحاد العمّالي العام، هو إيجاد حلول لمشاكل الناس وهمومهم في هذه المرحلة، وهم جميعًا يعانون من الأوضاع الكارثية التي نمرّ بها، في ظلّ إرتفاع هائل وجنوني لسعر الدولار والإنخفاض بالقدرة الشرائية للمواطن اللبناني، ما يؤدّي إلى الإحتكارات التي تحصل في المواد الغذائية أو المشتقّات النفطية في غياب للرقابة.”
وأكّد الأسمر أنّ “دولة القانون هي الضمانة الوحيدة للإتّحاد العمّالي العام، وبالتالي، لا قيامة لهذه الدولة إلّا بمحاربة الفساد، والتدقيق المالي الجنائي، كي نتمكّن من معرفة أين ذهبت أموال الناس، وكيف إختفت هذه الأموال في المصارف”، مشيرًا إلى أنّ “التصرّفات التي إعتمدها مصرف لبنان أدّت إلى خسارة المواطنين ودائعهم وأموالهم”، مشدّدًا على التعويل على التدقيق الجنائي “الذي يجب أن يشمل مختلف الإدارات والوزارات، ما يعيد مسار الدولة إلى الطريق الصحيح”.
وإذ لفت إلى إمكان اللجوء إلى تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، أكّد في المقابل على الحاجة الملحّة لتشكيل حكومة ولسلطة تنفيذية لوضع الحلول والمعالجات. وقال: “نحن نشعر بغياب تامّ للسلطة التنفيذية، ما عدا عدد قليل من الوزراء الذين يقومون بواجباتهم”.
وتحدّث رئيس الإتّحاد العمّالي العام عن التلاعب بأسعار سعر صرف الدولار، معتبرًا أنّه سعر صرف سياسي، يؤثر بشكل سلبي على السوق، مشيرًا في الوقت نفسه إلى انّه “عبر عملية رفع الدعم عن المواد الأساسية، والتي يتم التسويق لها حاليًّا، نحن مقبلون على كارثة في ظلّ التلاعب بسعر الصرف، وفي ظلّ عدم وجود مشروع بديل لهذه العملية”.
أضاف: “نحن كإتّحاد عمّالي عام مع ترشيد الدعم، وإنما في المقابل نحن مع وضع مشروع بديل، يقدّم حصص تموينية معيّنة، أو بطاقة تموينية تغطّي جزءًا كبيرًا من اللبنانيين الذين أصبح أكثر من 70 % منهم تحت خطّ الفقر. نحن نتطلّع إلى دولة القانون والقضاء، وإلى دولة مؤسّسات الرعاية والمؤسّسات الرقابية.”
الرئيس عون
وردّ الرئيس عون، مثنيًا على ما جاء في كلمة رئيس الإتّحاد، مؤكّدًا أنّ ما طرحه “أكثر من صحيح”، مشيرًا إلى أنّ “خطّ الفقر في لبنان شهد تصاعدًا سريعًا، ما أدّى إلى إختفاء ما يسمّى بالطبقة الوسطى، وزادت هموم اللبنانيين ولاسيّما المعيشية منها”.
وقال:” إنّ الإرث المكوَّن من التراكمات ثقيل جدًّا، وجميعنا يعلم أنّه يتكوّن من مئات المليارات، إضافة إلى مآسي أثّرت بشكل مباشر على لبنان، تبدأ من الديون المتراكمة، ثم الحرب في سوريا، إضافة إلى الإنفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، وصولًا إلى جائحة كورونا العالمية، مع وجود نقص بإمكانية التعويض والإمساك بالإقتصاد إلى حين تحسّن الأوضاع”.
وتحدّث رئيس الجمهورية عن صعوبة وضع معالجات سريعة لمختلف المشاكل، خصوصًا أنّ “ذلك يتطلّب إمكانيّات نفتقدها، لا سيّما المالية منها. وكشف الرئيس عون أنّ العمل جار حاليًّا على تنفيذ خطّة لترشيد الدعم، وسيكون هناك بطاقة تموينية للذين يعانون من أوضاع إقتصادية ومعيشية صعبة”.
وأمل رئيس الجمهورية أن يتمّ تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، مؤكّدًا “ضرورة وجود قناعة، لدى المكلَّف تشكيل الحكومة، بصعوبة الوصول إلى حلّ في هذا المجال في حال اللجوء إلى التأليف من قِبَل شخص واحد، فهناك عدة معايير تُؤلّف على أساسها الحكومة، لا سيّما في ما خصّ توزيع التوازن، وهذا لا يحصل عبر إحتكار شخص لعملية التأليف. علينا إيجاد حلول كي نعيد التوازن إلى ما كان عليه، ويعود أصحاب الصلاحيات إلى ممارسة صلاحياتهم.”