“الشيعي الأعلى” يستقبل “الجمهورية القوية”: عهد علينا السلاح لن يُستخدم في الداخل
إستقبل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، العلّامة الشيخ علي الخطيب، في مقر المجلس، وفدًا من “كتلة الجمهورية القوية”، موفدًا من رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، ضمّ النواب: أنطوان حبشي؛ وهبه قاطيشا؛ سيزار المعلوف؛ إدي ابي اللمع؛ رئيس جهاز العلاقات الخارجية في الحزب، الوزير السابق ريشار قيوميحيان؛ رئيس مكتب التواصل مع المرجعيات الروحية، أنطوان مراد؛ وعضو المكتب، الدكتور جان كلود صعب؛ في حضور الأمين العام للمجلس الشيعي، نزيه جمول.
وتمّ، في اللقاء، التداول في الأوضاع العامّة في لبنان. ورحب الشيخ الخطيب بالوفد مؤكّدًا أنّ “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أسّسه الإمام السيّد موسى الصدر على أسس المحبّة والتلاقي والتعاون والإنفتاح، وإنطلاقًا من الآية الكريمة «تعالوا إلى كلمة سواء»، لافتًا إلى أنّ “الإمام الصدر هو أوّل رجل دين مسلم يدخل الكنيسة محاضرًا ومصليًّا”.
وشدّد الخطيب على ضرورة “إزالة الهواجس بين اللبنانيين، وبناء الثقة بين الجميع”، مؤكّدًا أنّ “القرار الشيعي، بكلّ مكوّناته، ضدّ أيّ حرب أهلية أو مذهبية، وقال: “نحن لسنا هواة حرب، وعهد علينا أنّ السلاح لن يُستخدم في الداخل، وواجبنا الديني والوطني الحفاظ على المسيحيين، وسنحافظ على هذه الخصوصية، وسندافع عنها، وعلى الآخرين مراعاة هواجس الجنوبيّين والخطر الذي يتهدّدهم من قِبَل العدوّ الإسرائيلي”.
وأكّد الشيخ الخطيب أنّ “المقاومة هي نتيجة الإحتلال الإسرائيلي وضعف الدولة، وهي مرتبطة بإزالة الخطر وقدرة الدولة على الدفاع عن حدودها وشعبها، فسلاح المقاومة لن يتوجّه للداخل، إنّما هو لردع العدوان الإسرئيلي الذي إحتلّ الجنوب ودمّر لبنان، والذي ما زال يشكّل خطرًا على لبنان، والحديث عن حياد لبنان، في ظلّ التهديدات والإنتهاكات اليومية للسيادة برًّا وبحرًا وجوًّا من قِبَل عدوّ تاريخي، لا يُبنى عليه لحلّ أزمات لبنان”، مشيرًا إلى أنّ “أيّ رهان على الخارج هو رهان خاسر”.
ورأى أنّ “لبنان في خطر وجودي، وعلى القوى السياسية تحمّل مسؤوليّاتها في أسرع وقت، والبدء في تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع”، داعيًا إلى “التعاون مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بِرّي، لتقريب وجهات النظر وحل الخلافات لإنقاذ الدولة من الإنهيار الإقتصادي والمالي والمعيشي”.
وأشار الشيخ الخطيب إلى “أنّنا أصبحنا في القعر، والحلّ، اليوم، ليس في الأكثريات والأعداد، بل في تطبيق إتّفاق الطائف، وإلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس شيوخ، وقانون إنتخاب على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة لبناء دولة على أسس متينة، دولة لا تميّز بين منطقة وأخرى ومواطن وآخر”.
حبشي
وبعد اللقاء، تلا النائب حبشي بيانًا بإسم الكتلة، جاء فيه:
“في إطار تواصلنا مع كافّة العائلات الروحية في لبنان، جئنا اليوم في وفد من حزب القوات اللبنانية لزيارة هذه المرجعية الكريمة، المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لما يُمثّله في ضمير أهله وكل اللبنانيين. وقد تداولنا مع سماحة الشيخ، علي الخطيب، والحاضرين، في شؤون الوطن اللبناني وشؤون أهله، في هذه الأوقات العصيبة التي تتطلّب تضامنًا فوق العادة، لكي نعالج الأسباب العميقة، للأزمة التي نعيش، بغية تخطّيها، لأنّ وجودنا معًا، في المركب اللبناني، يحتّم علينا التعاضد في الصواب، ولأنّ غرق هذا المركب يعني غرقنا جميعًا، أمّا معالجة أزماتنا فتعني خلاصنا جميعًا.
وإنّنا إذ نتوجّه إلى هذه المؤسسة، إنّما نتوجّه إلى مرجعية الطائفة الشيعية الكريمة التي هي خير مثال على ثمرة العيش اللبناني المشترك، لأنها نتاج الصيغة اللبنانية، صيغة وفّرت، بثوابتها، الإطار الخصب لنمو وإستمرار كلّ الجماعات الروحية في لبنان، ثوابت تُولي القيمة الأساسية للإنسان- الفرد في مناخ من الحرية، يوفّره نظام ديموقراطي تعدّدي يحترم الآخر، ما سمح للوطن بتحقيق ذاته وعيش إزدهار إقتصادي وإجتماعي. وما كان تحقّق ما تحقّق لولا إحترام ثوابت الكيان اللبناني. وإنّ نشأة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الذي نزور اليوم، هو دليل آخر على ثمرة هذا التعايش في إحترام ثوابته.
وهدف هذا المجلس منذ تأسيسه، إلى الحفاظ على وحدة لبنان وحرّيته وإستقلاله. كيف لا؟ وكان قد وُلد نتيجة تلاق بين المكوّنات السياسية، إذ أنّه أُقرّ إنشاؤه في مجلس النواب بتاريخ 16/5/ 1967 وإنتُخب له أوّل رئيس، عام 1969، وكان الإمام موسى الصدر.
والأسس، التي يبشّر بها الإمام موسى الصدر، هي أسس نشأة لبنان الوطن والدولة. ومن أسس قيامة لبنان، قيام الدولة، الدولة القوّية التي تحمي كلّ أبنائها، والتي لا قيامة لها، اليوم، إلّا من خلال حصرية العنف والسلاح بيد القوى الأمنية اللبنانية، ما يعطيها القدرة على حماية كلّ اللبنانيين، كما حماية لبنان من أيّ إعتداء، أكان مصدره العدوّ الإسرائيلي أو أيّ مصدر آخر.
كذلك، في أسس قيام لبنان وإزدهاره، حياده وبناء أفضل العلاقات مع محيطه العربي والدولي، وهذا ما شدّد عليه الإمام موسى الصدر عندما قال: «إنّنا نريد أوثَق التعاون مع الدول العربية الشقيقة، ليكون هذا التعاون في مصلحة قضيّتنا الكبرى ومصلحة لبنان في آن معًا». ويتردّد اليوم صدى هذا الكلام في مبادرة الحياد التي أطلقها غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وما أراده الإمام الصدر، ويبادر به البطريرك الراعي، كان قد أوصى به الشيخ محمّد مهدي شمس الدين حين قال: «أوصي أبنائي، إخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وألّا يميّزوا أنفسهم بأيّ تميز خاص، وألّا يخترعوا لأنفسهم مشروعًا خاصًا يميّزهم عن غيرهم…» مقيّمًا تجربة الشيعة اللبنانيّين إذ أنّه إعتبرهم “نموذجًا للنجاح الوحيد الذي تحقّق في العصر الحديث لتصحيح وضع الشيعة في مجتمع متنوّع”. إنّه النموذج اللبناني، نموذج لبنان الرسالة.
أن نعاني ما نعانيه اليوم من أزمات، ما هو إلّا نتيجة لإبتعادنا عن الأسس المكوّنة للبنان، مثل الحياد، وإنغماسنا في مشاكل الآخرين، ومعاداة العالم العربي المحيط بنا كما المجتمع الدولي، ناهيك عن إضعاف سلطة الدولة وقواها الأمنية بتواجد سلاح خارج مؤسّساتها الأمنية، وقرارت خارج مؤسّساتها الدستورية.
إنّ باب الخروج من هذه الأزمات المتنامية يكمن في العودة إلى ثوابت الكيان اللبناني الذي في تعدّديته ووحدته إنّما يُجيب على قول الإمام علي أنّ «الناس صنفان :إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق».
أما واقعنا اليوم، فيستوجب قوله «ذهاب النظر خير من النظر إلى ما يُوجب الفتنة».
هكذا نستعيد لبنان بعيدًا عن الفتنة والأزمات، وطنًا حرًّا سيّدًا مستقلًّا، وطنًا يعيش شعبه الراحة الإقتصادية والإجتماعية، وطنًا يعيش كرامته”.