السلم الأهلي ضمانة الأقليات في الشرق الأوسط؟

بقلم مصباح العلي
تنعكس الأحداث السورية مؤخراً مدى إشكالية الاقليات في الشرق الأوسط، رغم كونها معضلة قديمة – حديثة.
فمن زمن القناصل وتحريك الامبراطوريات القديمة أساطيلها صوب البحر المتوسط وصولاً حتى التدخل الاميركي المباشر في العراق وسوريا، كان مصير بقاء الاقليات كما حمايتهم وحضورهم مرتبط بحسابات الدول العظمى.
لعله من المعيب التحدث بمنطق الاقليات والأكثريات لكن التوغّل قليلاً في أحوال الشرق توصل الى استنتاج أولي بأنّ التفرقة باتت سمة أساسية على طول العالم العربي وعرضه، فالهويات الاقلية تطغى على روابط اللغة والحضارة والدين، وهذا الوضع يستدعي حكماً لجوء بعض الطوائف الدينية أو المجموعات العرقية الى “حمايات” غربية أو شرقية، علماً بأنّ الحظي بالمساعدة يبث تلقائياً مشاعر التفرقة ضمن الصف الوطني بمطلق بلد، فكيف بلوثة الانقسام والتقسيم.
أنتج الاتفاق السني – الكردي في سوريا نوعاً من الحماية لمصير الاقليات في سوريا، من أكراد ودروز ومسيحيين وعلويين، فبعد سلسلة حوادث دامية كادت أن تلقي بسوريا في أتون الاقتتال الاهلي من جديد، فضلاً عن كون توقيع الشرع – عبادي يشكّل نوع من الاعتراف بتنوّع الحكم السوري مسقبلاً ما يفرض عقد اجتماعي قائم على التنوّع عكس الحكم البعثي القائم على شكل علماني ظاهرياً.
ونتائج هذا الاتفاق، لا تنحصر في الحدود الجغرافية لسوريا، بل هي ستمتد الى لبنان والعراق وفلسطين في الحد الأدنى، حيث الرؤية الاميركية تقوم على مجتمعات تحمل نزعات إنفصالية تعيش ضمن فدارليات مقابل قوة إسرائيلية دون حدود ولا ضوابط.
إنطلاقاً من ذلك، يبرز السؤال إذا كانت الإرادة الدولية ضمانة العيش الواحد في هذه البلدان، أو البحث في سبيل تعزيز السلم الاهلي وحماية حقوق الانسان من باب المواطنة؟
عبر التجارب التاريخية، لطالما كانت التدخلات الغربية لحماية الاقليات الدينية مجرّد شعارات لبُعد استعماري لطالما ينتهي عند تبدّل الأمم، وضمانة أهل البلد هو الانتماء لحقيقة تاريخية مفادها التشبّث بالارض، كي لا يتحوّل الوطن الى مجرّد حقيبة سفر.