مجلس البطاركة: مع إعلان حياد لبنان الناشط والملتزم وضرورة الحوار لتنقية ذاكرة اللبنانيين
عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورة إستثنائية في بكركي برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، واصدر البيان الختامي تلاه الامين العام الاب كلود ندره، قال فيه:
“عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورة إستثنائية في الصرح البطريركي في بكركي، نهار الأربعاء 21 نيسان 2021، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة بطريرك انطاكية وسائر المشرق للموارنة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، وبمشاركة صاحبي الغبطة بطريرك السريان الأنطاكي اغناطيوس الثالث يونان، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، وأصحاب السيادة المطارنة، وقدس الرؤساء العامين، وحضرات الرئيسات العامات والرئيسات الإقليميات أعضاء المكتب الدائم للرهبانيات النسائية.
افتتح الدورة صاحب الغبطة والنيافة رئيس المجلس بالصلاة، ثم ألقى كلمة رحب فيها بالحاضرين وعرض موضوع الدورة في قسمين: الأول يخصص لانتخاب رؤساء اللجان الأسقفية والامين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان، والثاني لتداول الأوضاع الراهنة في لبنان، مشددا على أن الحياد من هوية لبنان”.
وتابع: “بما أن لبنان بات فاقدا سيادته الداخلية والخارجية، وباتت القوى السياسية اللبنانية عاجزة عن الجلوس معا، طالبنا بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظمة الأمم المتحدة. وأمام تأزم الواقع الراهن، طالب الآباء بتأليف حكومة إنقاذ قادرة على القرار والعمل”.
بيان
بعد ذلك، تدارس الآباء شؤونا اجتماعية ووطنية وإدارية. وفي ختام الدورة، أصدروا البيان التالي:
“في الشأن الاجتماعي
آلم الآباء ما بلغت اليه حال المواطنين اللبنانيين من جوع وحرمان وفقر وبطالة، ليس فقط بسبب جائحة كورونا ولكن على الأخص بسبب عدم وجود حكومة انقاذ فاعلة ومتحررة من التدخل الحزبي والسياسي. وهي حاجة ملحة لإجراء الإصلاحات ومكافحة الفساد، وتحقيق التدقيق الجنائي عبر قضاء مستقل، وإنعاش الاقتصاد بكل قطاعاته وإعادة الحياة الى القطاع المصرفي وتوفير أموال المودعين وحرية التصرف بها.
تابع الآباء الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمعيشية والصحية المتردية التي يتعرض لها شعب لبنان بكل فئاته ومناطقه. وجددوا التزامهم خدمة المحبة الاجتماعية بتقديم المساعدات عبر بطريركياتهم وأبرشياتهم ورهبانياتهم ومؤسساتهم الكنسية، لا سيما رابطة كاريتاس لبنان، والمنظمات الخيرية مع المحسنين من أبناء الكنائس وبتوفير الحاجات المادية والضرورية للعائلات المعوزة.
يرفع الآباء صوتهم من جديد ليستنكروا تقصير الدولة في مؤسساتها الرسمية في التعامل مع تداعيات انفجار مرفأ بيروت الإجرامي، وقد مر عليه أكثر من ثمانية أشهر، أولا من حيث التباطؤ في التحقيق وكشف الأسباب والفاعلين الحقيقيين وراء هذه الفاجعة ومحاكمتهم. وثانيا من حيث تعويض عائلات الشهداء والمصابين والمنكوبين بما يحق لهم. وأسفهم تهاون الدولة في إعادة بناء المرفأ بكونه من المقومات الاقتصادية للوطن على أسس حديثة تمكنه من مضاعفة دوره مرفقا اقتصاديا حيويا للبلاد.
في الشأن الوطني
استمع الآباء إلى سيادة المطران منير خيرالله يقدم ورقة عمل عن كنيسة لبنان والأوضاع الراهنة بعنوان “أي دولة نريد للبنان؟”. وجرت مناقشتها من أعضاء المجلس الذين تبنوا خطة العمل المقترحة في 4 نقاط:
أولا: يقف الآباء إلى جانب صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي رئيس المجلس الكلي الطوبى في تحركه الوطني الهادف إلى إنقاذ لبنان بعد استعصاء التوافق السياسي بين المسؤولين وانسداد الأفق أمام إيجاد مخرج للأزمات المتراكمة، وذلك عبر الدعوة إلى إعلان حياد لبنان الناشط والملتزم، وإلى مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لأنها هي المخولة بحكم تأسيسها وقوانينها، بل الملزمة، الدفاع عن الشعوب المظلومة والمغلوب على أمرها، وتطبيق القرارات الدولية المتخذة التي لم تطبق.
ثانيا: يدعو الآباء جميع اللبنانيين، وبخاصة المسؤولين السياسيين منهم، إلى التعالي عن المصالح الشخصية وخدمة المصلحة العامة ومحبة لبنان والتعامل بثقة ومحبة وانفتاح ومسؤولية، وإلى إقامة الحوار في ما بينهم، حوار المحبة والمصارحة والمغفرة والمصالحة، أي “الحوار الحقيقي الصادق والجريء والشجاع والبناء”، كما طلب منهم القديس البابا يوحنا بولس الثاني عام 1997 في إرشاده الرسولي “رجاء جديد للبنان”، وكما يطلب منهم قداسة البابا فرنسيس في رسالته إلى اللبنانيين في 24/12/2020.
ثالثا: هذا الحوار بين اللبنانيين بات ضروريا اليوم، بل ملحا، ويفترض عملية تنقية ذاكرة جميع الأطراف اللبنانيين، أي أن يقوم كل طرف بفحص ضمير عميق وفعل توبة صادق وقراءة نقدية لمسيرته السياسية، فنصل جميعا إلى الاعتراف بالأخطاء وطلب المغفرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة.
ولا يكون في هذا الحوار أي مصلحة سوى قيامة لبنان وإعادة بنائه وطنا رسالة. فيلتقي اللبنانيون بقلوب صافية ويعملون معا على بناء دولة القانون، دولة حديثة، دولة مواطنة يتساوى فيها المواطنون ويعيشون معا في احترام انتماءاتهم الطائفية المتعددة.
رابعا: تأليف لجنة مصغرة من أعضاء المجلس للتواصل مع القوى الحية والتغييرية الناشطة في المجتمع المدني، ومع الجماعات الأخرى المسيحية والإسلامية، بهدف الوصول إلى تشكيل خلية دراسة وتفكير تهيئ للحوار بين الأطراف كافة برعاية سيد بكركي ومصحوبة بآلية تنفيذية لإجرائه.
الأخطار تشتد على لبنان مهددة بتغيير كيانه ونظامه وهويته، ومعظم الشعب اللبناني لم يعد يقوى على توفير قوت يومه، ومعظم المسؤولين يعملون لغاياتهم الخاصة، والبلد يشهد انقسامات حادة.
لذا يعتبر الآباء أن من واجبهم مواصلة العمل معا على توظيف إمكانات كنائسهم وأبرشياتهم ورعاياهم ورهبانياتهم ومؤسساتهم في المشروع الوطني الإنقاذي الذي يقوده غبطة البطريرك الراعي رئيس المجلس بأمانة وشجاعة، وقد أعلن صراحة أنه مصمم على المضي في هذا المسعى حتى النهاي. وقداسة البابا فرنسيس يلتقي معه في هذا الموقف إذ توجه “مجددا إلى المجتمع الدولي قائلا: فلنساعد لبنان على البقاء خارج الصراعات والتوترات الإقليمية. فلنساعده على الخروج من الأزمة الحادة وعلى التعافي”.
في الشأن الإداري
إطلع الآباء على البيان المالي للمجلس للعام 2020 الذي قدمته الأمانة العامة. ووافقوا عليه. ثم أقروا موازنة العام 2021. ثم انتخبوا رؤساء للجان الأسقفية التي انتهت ولاية رؤسائها ونوابهم. وانتخبوا الأب جان يونس، المرسل اللبناني، أمينا عاما للمدارس الكاثوليكية خلفا للأب بطرس عازار الراهب الأنطوني الماروني المنتهية ولايته”.
وختم البيان: “رجاؤنا كبير أن لبنان سينهض من جديد ليعود وطنا رسالة في الحرية والديموقراطية والعيش الواحد في احترام التعددية بفضل وحدة شعبه وطاقة شبابه التواقين إلى بناء دولة حديثة تحقق طموحاتهم وتحمل رسالة لبنان التاريخية وتستعيد دوره الرائد بين الأمم”.