موجة غضب تندلع في العراق بعد سلسلة اغتيالات استهدفت ناشطين مدنيين
أصيب الصحافي العراقي أحمد حسن بجروح خطيرة إثر تعرّضه لمحاولة اغتيال بالرصاص في الديوانية وذلك ساعات بعد مقتل الناشط المناهض للحكومة إيهاب الوزني بهجوم مماثل في كربلاء، التي اندلعت فيها احتجاجات تلقائية ضد هذه الجرائم.
أفاد مصدر أمني عراقي، أمس (الأحد التاسع من مايو/ أيار 2021) اندلاع احتجاجات تخللتها “أعمال حرق” قرب القنصلية الإيرانية في كربلاء بعد ساعات من مقتل الناشط المناهض للحكومة إيهاب الوزني في المدينة.
وقال المصدر في تصريحات لـ”السومرية نيوز”، إن “العشرات نظموا احتجاجات امام القنصلية الايرانية في كربلاء وتم حرق كرفانات الحماية خارج القنصلية” بحسب موقع” السومرية نيوز” العراقي. وأضاف أن “قوات مكافحة الشغب قامت بتفريق المحتجين الذي خرجوا احتجاجاً على اغتيال ناشط مدني في كربلاء”.
وكان مسلحون مجهولون قد اغتالوا الناشط المدني العراقي إيهاب الوزني أمام منزله وسط كربلاء ولاذوا بالفرار ليلة أمس. كما أصيب أصيب الصحافي العراقي أحمد حسن بجروح خطرة نتيجة تعرّضه لمحاولة اغتيال بالرصاص في الديوانية فجر اليوم الإثنين.
وقال طبيب لوكالة فرانس برس إنّ حسن يرقد في العناية الفائقة بعدما “أصيب برصاصتين في رأسه وبرصاصة ثالثة في كتفه”. بدوره قال شاهد عيان كان برفقة حسن حين وقعت محاولة الاغتيال قرابة الساعة الأولى فجراً إنّ حسن تعرّض لإطلاق النار “أثناء نزوله من سيارته متوجهاً إلى منزله”. ويعمل حسن مراسلاً لقناة الفرات التلفزيونية العراقية.
إسكات أصوات مناهضة للحكومة
أما إيهاب الوزني من أبرز الأصوات المناهضة للفساد وسوء إدارة الدولة والمنادية بالحدّ من نفوذ إيران والجماعات المسلّحة في المدينة المقدّسة لدى الشيعة. وأحدث اغتيال الوزني صدمةً بين مؤيّدي “ثورة تشرين” الذين خرجوا على الإثر في تظاهرات احتجاجية في كربلاء ومدن جنوبية أخرى بينها الديوانية والناصرية. ومساء الأحد تجمهر متظاهرون غاضبون أمام القنصلية الإيرانية في كربلاء حيث أحرقوا إطارات وأضرموا النار في أكشاك مثبتة أمام المبنى.
ولم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن اغتيال الوزني، وهو أمر تكرّر في هجمات سابقة اختفى بعدها الفاعلون تحت جنح الليل في بلد تفرض فيه فصائل مسلّحة سيطرتها على المشهدين السياسي والاقتصاد.
وقال ناشط مقرّب من الوزني متحدثاً في الطبابة العدلية في كربلاء “إنّها مليشيات إيران، اغتالوا إيهاب وسيقتلوننا جميعاً، يهدّدوننا والحكومة صامتة”.
وكان الوزني نجا قبل نحو سنتين، في كانون الأول/ ديسمبر 2019، من مصير مماثل قُتل خلاله أمام عينيه رفيقه فاهم الطائي الذي فقدته أسرته وهو في الثالثة والخمسين من عمره، برصاص أطلقه مسلحون على دراجات نارية من مسدّسات مجهزة بكواتم للصوت.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، تعرّض أكثر من 70 ناشطاً لعملية اغتيال أو محاولة اغتيال، في حين اختطف عشرات آخرون لفترات قصيرة.
والأحد أعلنت شرطة كربلاء أنّها لن تدّخر جهداً للعثور على “الإرهابيين” الذين قتلوا الوزني. بدوره أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان أنّ “قتلة الناشط الوزني موغلون في الجريمة، وواهم من يتصور أنهم سيفلتون من قبضة العدالة، سنلاحق القتلة ونقتصّ من كل مجرم سوّلت له نفسه العبث بالأمن العام”.
غضب متنامي ضد الحكومة
ويرى الناشطون أنّ حكومة الكاظمي لم تنصف الناشطين الذين اغتيلوا بعد مرور عام على توليه الحكم فيما يدعي بعض مستشاريه أنهم جزء من “ثورة تشرين”.
بدوره، قال حزب “البيت الوطني” الذي خرج من رحم “ثورة تشرين”، ويسعى للمشاركة في الانتخابات المقرّرة في تشرين الأول/ أكتوبر، في بيان “كيف يمكن لحكومة تسمح بمرور مدافع كاتمة الصوت وعبوات أن توفر مناخا انتخابيا آمنا؟”. ودعا البيان الى “مقاطعة النظام السياسي بالكامل”.
وكما هي الحال في كل مرة، تكتفي الجهات المسؤولة بإعلان عدم قدرتها على كشف هوية مرتكبي هذه الاغتيالات التي تقف وراءها دوافع سياسية في بلد شهد حربا أهلية بلغت ذروتها بين 2006 و2009.
في شباط/ فبراير الماضي، خاطب الوزني رئيس الوزراء على صفحته على موقع فيسبوك، قائلا “هل تدري ما يحدث؟ هل تعلم أنهم يخطفون ويقتلون أم أنك تعيش في بلد أخر غيرنا؟”. ومنذ فترة طويلة، كان أقارب الوزني يشعرون بالخوف على الرجل الذي لم يكن يتردد في التعبير عن رأيه. ففي نهاية العام 2017، ولدى تصويت محافظة كربلاء على مرسوم محافظ بخصوص “الفحشاء” يحظر عرض فساتين السهرة وملابس نسائية داخلية على واجهات المحلات، هاجم الوزني كل من يعبرون عن فكر متشدد. وقال حينها لوكالة فرانس برس إن “هذا النوع من القرارات التي تتحدث عن الدين لا تختلف بأي شكل من الأشكال عن أيديولوجية داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)”.
من جهته، وصف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ظاهرة الاغتيالات في العراق بأنها اسلوب الجبناء أو من يريد النيل من أمن الوطن وسلامته. جاء ذلك في تغريدة للصدر على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. وقال “أدعو الحكومة لتقديم الجناة إلى العدالة بأسرع وقت كما ندعو الجميع إلى ضبط النفس والتحلي بالصبر”. كما دعا إلى الالتزام بالأطر الشرعية والعقلية والوطنية وليست الاغتيالات عند المشاركة بالانتخابات.
الكاظمي لن يترشح لخوض الانتخابات المقبلة
أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي عدم الترشح لخوض الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة التي ستجرى في العراق في العاشر من تشرين أول/ أكتوبر المقبل.
وقال الكاظمي خلال لقائه بعدد من مقدمي البرامج في عدد من الفضائيات العراقية أن ” قرار عدم ترشحي متخذ منذ اللحظة الأولى لهذه الحكومة”. وأضاف “جئت في ظروف استثنائية كان العراق يمر بأزمة وكان هناك خلاف واضح بين المجتمع والقوى السياسية، اتخذت قراراً بأن أكون بمسافة واحدة من الجميع”.
وتابع الكاظمي أن البعض حاول أن “يشيطن” رئيس الوزراء، لكن ثبت ما وعدتُ به شعبنا العظيم بأن أكون محايداً في هذه المرحلة” . وذكر أن “هناك من حاول في أكثر من مرة إتهام الحكومة ورئيس الوزراء باتهامات باطلة، وعندما تم تكليفي كانت هناك رسالة واضحة للنخب السياسية بأن ندعم الانتخابات القادمة والكتل السياسية الفائزة بتشكيل هذه الحكومة، وان نأتي برئيس للوزراء من هذه الكتل لكي تتحمل المسؤولية الكاملة”.
وأوضح الكاظمي أن” السلاح يجب أن يكون بيد الدولة فقط، وهذه الحكومة حاربت السلاح المنفلت منذ اللحظة الأولى وتحارب أي جهة تحاول أن تستغل أي عنوان لحمل السلاح، لو أردنا أن نبني عراقاً حقيقياً علينا أن نفكر بمعالجة هذه القضية”.
وذكر أنه “منذ اللحظة الأولى قمنا بتغييرات أمنية كبيرة، كانت بعض هذه الجماعات وحتى العصابات مخترقة لأجهزتنا الأمنية في وزارة الداخلية، وقمنا باعتقال مجموعات كثيرة حاولت أن تعبث بالأمن عن طريق الصواريخ واستهداف بعض الارتال التي تحمل معدات للجيش العراقي هدية من قبل دول صديقة، اعتقلنا مجموعات كثيرة وعدد كبير منهم في المعتقلات”.
وشدد رئيس الوزراء على انه “سنبقى نحارب كل سلاح يهدد كيان الدولة العراقية، العراق متعب من الحروب والآن حانت لحظة بناء الاستقرار ولا يمكن بناء الاستقرار بوجود السلاح المنفلت”.
AFP | DPA