مزيد من التدهور الاجتماعي .. والجمود السياسي
كل الأزمات الخطيرة المحدقة بالبلاد التهبت دفعة واحدة، مهددة بفوضى معممة تفتح الافق على تفجير امني يخشاه اللبنانيون. أزمة المصارف واقتحاماتها الممنهجة شكلت انموذجا حيا لما يمكن ان تكون عليه صورة الانفجار المغلف بطابع شعبي اجتماعي، فيما هو محرك من جهات محددة معروفة ولاءاتها. ازمة ترسيم الحدود تتفاعل مبشّرة بأكثر من تفجير والارجح بحرب واسعة في ضوء المواقف الاسرائيلية الاخيرة وحديث امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اول امس عن وضع حقل كاريش تحت الرقابة اللصيقة لصواريخ الحزب اذا بدأ استخراج الغاز منه قبل نيل لبنان حقوقا مماثلة. ازمة الدولة المالية واصطدامها بجدار منع اقرار الموازنة بافقاد الجلسة البرلمانية نصابها. ازمة عدم تشكيل حكومة تتولى مرحلة ادارة الفراغ في ضوء الاتجاه الى عدم انتخاب رئيس وتلويح العهد بخطوات تمنع الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته المستقيلة من تسلم السلطة، وما قد يترتب على ذلك من سيناريوهات فوضوية غير معروف الى اين تقود البلاد الا ان الثابت فيها انها ستكون مأسوية.
سبحة الازمات هذه مجتمعة وتدحرجها بوتيرة سريعة نحو الاسوأ، تبدو حملت المسؤولين على التفكير مرتين، وحزب الله على رفع مستوى مساعيه الى الحدود القصوى لفرملة الاندفاعة الخطيرة نحو الانفجار، بحيث حينما يعود الرئيس نجيب ميقاتي من زيارتيه البريطانية للمشاركة في جنازة الملكة اليزابيت الثانية،والاميركية لترؤس وفد لبنان الى الجمعيّة العموميّة للأمم المتحدة، منتصف الاسبوع المقبل، تكون الجهود اثمرت والضغوط على المعرقلين فعلت فعلها لتصبح الحكومة الميقاتية الرابعة شبه جاهزة للولادة وهي طبعة منقحة عن الحالية باستثناءات طفيفة. وعلى امل الا تكمن الشياطين في تفاصيل مباحثات ما بعد العودة.
جابر بدل خليل؟
في السياق الحكومي، كشفت معلومات صحافية عن ان صورة الحكومة لم تكتمل نهائيّاً، ولكنّها ستقوم على تنازلٍ مشترك من الرئيس ميشال عون ومن الرئيس نجيب ميقاتي. فيتنازل الأول عن مطلب توسيع الحكومة الى ٣٠ وزيراً والثاني عن شرط الإطاحة ببعض الوزراء، من أبرزهم الطاقة والاقتصاد. وكشف مصدر لموقع mtv أنّ الحكومة الجديدة ستكون أقرب الى التعديل الوزاري الذي سيشمل بعض الحقائب، ومنها وزارة المال المرشّح لأن يتولاها النائب السابق ياسين جابر، بناءً على رغبة الوزير يوسف خليل بالخروج من الحكومة والتخلّص من عبئها.كما تجدر الإشارة الى أنّ وزراء آخرين يرغبون بالخروج من الحكومة، ولكنّهم قد يحجمون عن هذه الخطوة بناءً على رغبة من سمّاهم.
آمال كبيرة بالتأليف
يعزز التوجه هذا كلام اطلقه الامين العام لـ”حزب الله” في ختام مسيرة أربعين الامام الحسين في بعلبك، اذ قال في ملف تأليف الحكومة، أمل في تشكليها في وقت قريب، و”اليوم لدينا امال كبيرة في هذا المجال، منعا للدخول في نوع من انواع الفوضى”، مضيفا “نؤكد اهمية حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، هناك دعوات للاتفاق حول رئيس وندعو الى التوافق على اسم بعيدا من الفيتوات”.
وعن ترسيم الحدود البحرية، لفت الى اننا “امام فرصة ذهبية وتاريخية لاستخراج الغاز والنفط لمعالجة ازمته، والمهم ان لا يحصل الاستخراج من حقل كاريش قبل حصول لبنان على مطالبه المحقة وفق خط 23. الخط الاحمر لدينا هو بدء الاستخراج للنفط والغاز من كاريش. عيننا على كاريش وصواريخنا كذلك. والاسرائيلي لديه من المعطيات الكافية على جدية موقف المقاومة. واذا فرضت المواجهة لا مفر منها على الاطلاق”.
وكان نصرالله قد التقى النائب السابق طلال ارسلان وبحث معه موضوع تشكيل الحكومة.
رد اسرائيلي
واثر كلام نصرالله، حذّر مسؤول عسكري إسرائيلي حزب الله، من أنه إذا قام بتنفيذ تهديداته بمهاجمة إسرائيل، فسيواجه ردًا قاسيًا. ونقل موقع “إيران إنترناشيونال”عن المسؤول العسكري الإسرائيلي الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه،
أن “أولوية بلاده هو الحل الديبلوماسي وليس العسكري”. ووفقا للمسؤول الإسرائيلي، “إن تهديدات حزب الله ستعود بالضرر أولًا على الشعب اللبناني واقتصاد واستقرار لبنان.”
لرئيس من صنع لبنان
في المقابل، التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب وفداً من نواب التغيير.وبعد اللقاء، قال النائب وضاح الصادق: “شرحنا أهمية مبادرتنا في إنقاذ البلد واتفقنا أن جميع نقاط المبادرة نلتقي فيها مع تكتل الجمهورية القوية”.أضاف: “مبادرتنا اليوم هي في صلب التغيير ونحاول تغيير النهج من أجل الوصول إلى رئيس جديد من صنع لبنان”.وتابع: “الأسبوع المقبل نبدأ بالأسماء”.
لعدم مقاطعة الجلسات
وليس بعيدا، اعلن وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري اثر اجتماعه مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في المقر البطريركي الصيفي في الديمان، “أن هناك تخوفا من تمدد ملف المصارف إلى كل شيء والمؤسف أن نتكلم عن هذه الصورة القاتمة”. أضاف: “أهم موضوع تداولناه هو انتخاب رئيس للجمهورية وضرورة عدم تأخير هذا الاستحقاق. ورأى أن “المشكلة لا تتوقف عند عقد جلسة انتخاب رئيس إنما عند اللعبة السياسية الدستورية التي تسمح بتعطيل النصاب من بعض الأفرقاء، فإذا استمر التعطيل هذا يعني أن لا انتخاب للرئيس والموضوع قد يطول وبالتالي الوقت الذي يمر مع الفراغ لا سمح الله سيكون قاتلا للبنان. لذا نناشد كل الافرقاء والكتل النيابية خصوصا الكتل التي كانت تنتقد تلك التي كانت تقاطع الجلسات، ألا تقع في الخطأ المميت عينه”.
الراعي وعودة
وأمس طالب البطريرك الراعي في عظة قداس كنيسة سيدة ايليج “بتشكيل حكومة جديدة قادرة وانتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية عهد الرئيس أي قبل 31 تشرين الأول، يكون رئيسا متمكنا من كل المواصفات التي يجمع عليها جميع اللبنانيين،
ومن جهته دعا متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة نواب الشعب كي لا يعملوا إلا من أجل خير الشعب، وأن يقوموا بواجباتهم بحسب ما يمليه عليهم ضميرهم، وأن ينتخبوا رئيساً للبلاد في أسرع وقت ليتحمل مسؤولية إخراج البلد من ظلمة الموت إلى نور الحياة”.