باسيل في «لبنان القوي»: أنا صاحب القرار..
بقلم جوزفين ديب
«فخامة الرئيس عذراً وآمل التوجيه، ما معنى أن يُطلب إلينا قبل أسبوع من انتخابات أيار 2022 أن نتراجع عن أخبار بحقّ رياض سلامة وomt، وهو يتعلّق بمال الناس واستغلال الأوضاع لمزيد من الإثراء غير المشروع؟ أليس دورنا كما علّمتنا حماية الضعفاء والفقراء أم أنّ وقف التحقيقات أمر عادي ومحقّ». هذه تغريدة النائب السابق زياد أسود، المفصول من التيار الوطني الحر بقرار من رئيسه جبران باسيل وبمباركة من رئيس الجمهورية ميشال عون.
الخلافات تتسع
أسود فُصِل تزامناً مع فصل الدكتور ماريو عون أيضاً. الرجلان بدأ الخلاف معهما منذ ما قبل الانتخابات النيابية. لا بل أنّ الخلاف مع أسود بدأ منذ سنوات حين حدث شرخ بين جبران باسيل في أثناء رئاسته الأولى للتيار وبين مجموعة أخرى من «العونيين»، من النوّاب والناشطين، ثمّ كرّت سبحة الخلاف التي أصبحت معروفة.
غير أنّ الخلاف والانقسام عادا اليوم بين مجموعتين داخل كتلة التيار الوطني الحر ليظهرا إلى العلن بعدما كانا محصورين في الكواليس. فهل ينفجر الخلاف قريباً مع الاقتراب من الرئاسة؟
يُروى عن اجتماع «تكتّل لبنان القوي» الذي عُقد في دارة النائب أسعد درغام في سمار جبيل أنّه كان عاصفاً جدّاً لناحية حجم الاختلاف في وجهات النظر بين مجموعة نيابية وبين طروحات جبران باسيل.
ونُقل عن اللقاء دعوة النائب أسعد درغام إلى باسيل لتسهيل تشكيل الحكومة من دون المطالبة بستّة وزراء سياسيين فَجُوبِهَ كلام درغام بالرفض القاطع من باسيل.
في الواقع، يعود الشرخ الحاصل بين مجموعتين نيابيّتين داخل التيار الوطني الحر إلى سلسلة استحقاقات ماضية لم يكن فيها مجموعة من النواب موافقين على خيارات باسيل ولا على معاركه في السياسة، ولا سيّما في تشكيل الحكومات منذ الأزمة التي بدأت مع الرئيس سعد الحريري وصولاً إلى أزمة اليوم مع الرئيس نجيب ميقاتي.
جذر الاختلاف والخلاف
في المعلومات أنّ التباين بين المجموعة النيابية وبين خيارات باسيل بدأ يكبر يوماً بعد يوم. باكورة الخلافات بدأت عند زيارة النائب إبراهيم كنعان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الأمر الذي خلق حساسية لدى رئيس التيار الوطني الحر، ولا سيّما مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي.
فتح اقتراب موعد الـ31 تشرين الأول نقاشاً في مدى إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية من أحد نواب التيار في حال استحال ذلك على باسيل نفسه. خلق هذا النقاش الذي نشره موقع «أساس» منذ حوالي أسبوعين، جدلاً داخليّاً في التيار، سرعان ما حسمته تغريدة كتبها النائب السابق إدي معلوف المقرّب من باسيل قال فيها «النقمة تكبر داخل التيار بسبب عدم مبادرة باسيل إلى ترشيح نائب ماروني للرئاسة من داخل التكتل. هيدا الخبر منقول من مقالة في «أساس ميديا»، إذا حداً بالتيار سامع، حاسس أو مستشعر بالنقمة بخصوص هالموضوع please يخبرني… صرلي شهرين قاعد بكفرعقاب، بعد ما قرأت الخبر حسيت حالي قاعد بدير الصليب».
رَدَّ معلوف ومن خلفه باسيل في هذه التغريدة على كلّ من تسوّل له نفسه طرح اسمه للرئاسة. فعكست تغريدة معلوف حجم الانقسام الذي بدا واضحاً في غياب عدد من النواب عن اجتماعات باسيل، ولا سيّما في المؤتمر الصحافي الأخير الذي عقده في مركز التيار في ميرنا الشالوحي.
أعضاء بالتكتل يرفضون الإملاءات
تشير المعلومات إلى أنّ الردّ الاستباقي لباسيل عبر تغريدة معلوف لم يثنِ النواب المعترضين عن مقاربتهم الخاصة للاستحقاق الرئاسي، وهم يتصرّفون على أنّهم شركاء أساسيّون في صياغة القرار المتعلّق بهذا الاستحقاق وأسياد أنفسهم فيه وفي التصويت. ولا يملي أحد عليهم الاسم الذي يسقطونه في الصندوق إن لم يكونوا شركاء في اختياره. وبالتالي حسابات باسيل قد لا تنطبق مع حساباتهم الرئاسية.
قرارات الفصل وأسبابها
من جهته يستمرّ باسيل بخوض معاركه. فإلى جانب المعارك السياسية، فتح معركة داخلية عبر فصل من يراه «مسيئاً للتيار». فقد لفت إلى أنّ ماريو عون أعلن قبل الانتخابات على الملأ أنّه سيعمل لمصلحة وئام وهاب بدل العمل لمصلحة غسان عطالله. واعتبر أنّ زياد أسود هو من سبّب أزمة جزّين بخلافه مع النائب السابق أمل أبو زيد.
تنبع قدرة باسيل في مواجهة كلّ معترض على قاعدة أنّه محميّ بغطاء ميشال عون الروحيّ. فهما سيكملان معاً مسيرتهما السياسية من الرابية حيث سيشكّل باسيل معارضة سياسية يعتقد أنّها ستتيح له استرجاع ما خسره من شعبية. في المقابل هناك حالة ترقّب وانتظار داخل التيار للخطوة اللاحقة للنواب وتوقيتها، ولا سيّما في الاستحقاق الرئاسي. بعض المعنيين بمشهد الخلاف هذا يقولون إنّه ليس خلافاً بل اختلاف بوجهات النظر واختلاف بمقاربة الاستحقاقات السياسية وحسب. هل ما يحدث هو حقّاً اختلاف أم خلاف؟
لننتظر خروج الرئيس عون من بعبدا في نهاية الشهر المقبل.. وبعدها لكل «إنقسام» حديث…