شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – العسكر VS العسكر
لافتاً كان المشهد، أمس، في ساحة النجمة، على مداخل مجلس النواب عندما وُضِعَ العسكريون الذين في الخدمة الفعلية في مواجهة «رفاق الصفّ» المتقاعدين.
لم يبقَ سوء لم نرَهُ في هذا الزمن اللبناني الرديء، لكن بين أسوأ ما عاينّاه هو كابوس يوم أمس.
مَن معه حق ومَن عليه حق؟ السؤال ليس هنا ولا الجواب هنا أيضاً. إنما السؤال المفترَض طرحُه هو الآتي: كيف تُقَرّ موازنة يُرفع الرسم الجمركي فيها عشرة أضعاف بينما تبقى المرتبات والتعويضات والمعاشات كما هي؟ أي أن المرتب الذي يتقاضاه المتقاعد (ومَن في الخدمة أيضاً) لم يعد يغطّي متطلبات الحياة إلّا لأقل من أسبوع في الشهر، ومع ذلك يَفرِض مشروع الموازنة، الذي كان يدرسه النواب أمس، ضريبةً جديدة، عبر رسم جمركي بعشرة أضعاف، من شأنه أن يُلهب الأسعار بأرتفاع كبير، في وقتٍ لا أمل أو خطة لوقف ارتفاع الدولار الأميركي مقابل انهيار الليرة.
وأما قدامى العسكريين الذين نفذوا، أمس، الحراك الاعتراضي على مشروع الموازنة، التي هي في وادٍ، وأوضاع البلاد والعباد في واد آخر، فأضعف الإيمان أن يطالبوا بلقمة العيش الكريم.
وأما العسكريون من جيش وقوى أمنية الذين وُضعوا في مواجهة رفاقهم القدامى، فلم يفعلوا سوى القيام بالواجب وتنفيذ التعليمات، وليس عليهم من حَرَج…
وأما السؤال الأبرز الذي يطرح ذاته فهو: صحيح أن الأزمة الاقتصادية تجاوزت الحدود ولا أمل بوضع حد لها في المستقبل المنظور. وصحيح أن المطالب الإنسانية والاجتماعية هي حق صراح سواء للمتقاعدين أم للذين في الخدمة الفعلية، وللعسكريين والأمنيين أم للمدنيين. والصحيح كذلك أن آخر مقوّمات الصمود لدى الناس قد استُنفِدت عن بكرة أبيها…
ولكن الأصح من ذلك كله أن أحداً لم يأتنا بجواب عمّن هو المسؤول، في أي موقع أو قطاع، عن هذا الانهيار، وهل زُجَّ به في السجن؟!.
وما سوى ذلك فليس أكثر من الكذب على اللبنانيين وبيعهم وهماً.