شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الزمن اللبناني العجيب
ما يُدار على المسرح اللبناني من فصول يتجاوز اللامعقول بأشواط. إنه زمن الغرائب والعجائب… أما الأمثلة فلا تُعدُّ ولا تُحصى. ولو شئنا أن نعطي الأمثلة لما توقفنا.
ويُحار المراقب من أين يبدأ. هل من السياسة، أو المال، أو الاقتصاد، أو الأمن الغذائي، أو الأمن الأمني، أو الانهيار الشامل في القطاعات كافةً والمجالات كلها، أو من مسرحية انتخاب رئيسٍ للجمهورية، أو ملهاة الوضع الحكومي، أو الجريمة الفردية بأشنع وجوهها من أبناء يقتلون آباءهم وآباء يصرعون أبناءهم، وزوجات يخطّطن مع عشاق لقتل الأزواج والعكس صحيح، والجوع الذي يضرب أطنابه فيما المطاعم ومراتع اللهو تعج بروادها حتى الاختناق ويتعذر ارتيادها إلّا بالحجز المسبق، أو بتعذر حصول المودعين على ودائعهم وجنى أعمارهم لا سيما أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إلى القرش الأبيض في اليوم الأسود وليس في لبنان، من أسف وألم شديدَين، إلّا أيام سوداء…
وعلى سيرة الودائع استوقفني، أمس، كما استوقف الجميع، إقدام النائبة سنتيا زرازير على الاعتصام في المصرف مطالبة بوديعتها (المتواضعة جدّاً – ثمانية آلاف وخمسماية دولار) ما يدعو إلى التساؤل حول هذا التصرف الاستعراضي، نبادر إلى القول إن للنائبة «المعتصمة» حقّاً لا يجادل فيه أحدٌ، وربما هي فعلاً بحاجة ماسّة إلى سحب وديعتها، ولكن هل هذا هو الطريق الأسلم؟
صحيح أن النائب مواطن عادي، ولكن الأصح أن لدى النائب سبيلاً آخر يسلكه للوصول إلى حقه وحقوق الآخرين وهو التشريع، إذ كان، ولا يزال، على النائبة زرازير أن تُعِدّ اقتراح قانون توفر له تأييداً من زملائها «التغييريين»، وربما من سواهم أيضاً، وتتقدم به من مجلس النواب، وتسعى إلى إقراره… وهذا أضعف الإيمان، أمّا أن تعتصم في فرع المصرف فهذا لا يمكن تبريره أياً كانت الأسباب والدواعي والظروف، بما فيها الظرف الصحّي.
إن النائب يجب أن يكون قدوة… وإذ نكرّر أننا لا نجادل في حق المودعين بأموالهم، فإننا نود أن نتوقف عند قول النائبة زرازير إنها مواطنة عادية وهي تمرّ في وضع صحّي مُلِحّ يزيد من حاجتها إلى وديعتها، نتوقف لنقول لها: تمثّلي بالمواطنين وتوجهي إلى الطبابة «على وزارة الصحة» بدلًا من العرض الذي لم يستمتع به اللبنانيون أمس. علماً ان من حقك ان تكون الطبابة والاستشفاء من الدرجة الممتازة على حساب مخصصات مجلس النواب.
مع أطيب الدعاء للنائبة زرازير بالصحة، نرجو أن تكون قد تفهّمت من أي منطلق كتبنا ما تقدم أعلاه.