عون يخرج من القصر بدون «بيجاما» ويعيّـن نفسه وزير عدل أميركا
كتب عوني الكعكي:
تاريخ عون… عفواً فخامة الرئيس ميشال عون لا يتغيّر، لأنه صاحب مبدأ، فمنذ عام 1990 خرج ميشال عون من القصر الجمهوري الذي كان متمرّداً فيه بعد انتخاب المغفور له الرئيس الياس الهراوي، وهو يحافظ على مبادئه… لكنه قبل خروجه هرباً بالبيجاما الى السفارة الفرنسية في مار تقلا كان قد صرّح بأنه سيكون آخر مقاتل على الجبهة ضد الجيش السوري، ولكن طائرة الـ»سوخوي» السورية التي كانت تطير وتحلق فوق قصر بعبدا أفقدته عقله ففر هارباً كما هو معروف بالبيجاما.. .إنّ افتراءاته ضد الآخرين، برزت أمس عند إلقاء كلمته، فتلعثم ولم يستطع التلفظ باسم حاكم مصرف لبنان. وهذا يدل على تجنّيه على الحاكم فلم يستطع ذكر اسمه.
كنا نظن ان هذا الرجل شبع من جوعه للسلطة، وأنّ 6 سنوات كافية لتشفيه من هذا المرض المزمن. ولكن يبدو أننا كنا على خطأ لأنه لا يوجد في العالم دواء يشفي حبّه للسلطة، وهناك من حالته النفسية والعقلية أسوأ منه، والمقصود هنا الصهر العزيز الصغير الذي أصابه مرض عمّه: أي الجوع المزمن للسلطة ولكن بطريقة أسوأ.
والتاريخ يشهد أنّ «فخامتو» ينسجم مع نفسه ظنّاً منه انه إذا وقّع مرسوم استقالة الحكومة فسوف يربك الدولة… ويضع الحكومة في وضع غير دستوري.. ولكن رجالات القانون والدستور، أربكوه وكانوا عكس رأيه، إذ تقول الدراسات القانونية والدستورية التي تبرّر الطابع الاعلاني لمرسوم استقالة الحكومة المستقيلة أصلاً قبل صدوره، بحكم الدستور سنداً لأحكام الفقرة (5) من المادة 69 التي تنص على ان الحكومة تعتبر حتماً مستقيلة عند بدء ولاية أي مجلس نيابي جديد، بما يحوّلها تلقائياً الى حكومة تصريف للأعمال سواء صدر مرسوم بقبول استقالتها أم لم يصدر المرسوم الاعلاني باستقالتها، وهو بروتوكول شكلي لا يُنْشَأ عليه أي وضع قانوني جديد، ما دام لم يصدر مرسوم تشكيل الحكومة العتيدة الذي (وحده) يلغيها كلياً من الحياة السياسية والدستورية.
وعملاً بمبدأ عدم جواز الفراغ في المؤسّسات الدستورية منعاً لحدوث أي شلل فيها، وهو مبدأ ذو قيمة دستورية على ما أكد مراراً وتكراراً المجلس الدستوري اللبناني ونظيره الفرنسي.
لذلك، وعلى ما يبدو فإنّ مجتهدي القصر في بعبدا، خلطوا ما بين الاستقالة، وما بين اعتبار الحكومة مستقيلة!
فحكومة الرئيس نجيب ميقاتي لم تتقدّم بالاستقالة، وإنما اعُتبرت مستقيلة بحكم النص الدستوري الذي يعتبر الحكومة مستقيلة عند انتخاب مجلس نيابي جديد، كما ذكرت… أو عند انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وبالتالي، فإنّ صدور مرسوم من قِبَل فخامة الرئيس بقبول الاستقالة، ليس سوى هرطقة دستورية، كذلك فإنّ إصدار المرسوم باعتبار الحكومة مستقيلة هو لزوم ما لا يلزم.
فحكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي حكومة مستقيلة بحكم الدستور، لذا لا يجوز إصدار مرسوم بقبول استقالتها إلاّ عند تشكيل الحكومة… فيصدر مرسوم بقبول الاستقالة وتكليف رئيس لتشكيلها مع مرسوم التشكيل، وعملاً بمبدأ إلزامية واستمرارية عمل المرافق العامة وذلك تأميناً لمتطلبات المصلحة العامة.. فإنّ ما يبرّر بالاضافة الى ذلك حق الحكومة المستقيلة بنص دستوري يعلو مرسوم إعلان استقالتها في تصريف الأعمال بالمفهوم الضيّق، ما يعني أيضاً حقها في إجراء الاعمال اللازمة إذا ما ألجأتها ظروف استثنائية طارئة لمواجهة خطر داهم يتعلق بالأمن القومي أو بحماية الانتظام العام، وهو مبدأ الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد الذي يوجب عدم ترك الدولة لمصير الفوضى، من دون أي حكم بما يبرّر أصلاً التخطي لكل الشكليات والدستور حماية لتلك الغاية السامية على أي اعتبار مهما تكن ماهيّته وطبيعته.
بالعودة الى ما قاله فخامته قبيل مغادرته قصر بعبدا إنّ صهره العزيز الصغير سوف يترشّح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وإنه طبعاً سيكون رئيساً وأميركا ستتعامل معه على انه رئيس، فتلغى عنه العقوبات. هنا لا بد من تذكير فخامته بتصريح سفيرة أميركا في لبنان السيدة «شيا» ان الأحكام القضائية الاميركية لا تأتي من الفراغ بل انها مبنيّة على معلومات ووثائق، وبعد التحقق منها تصبح نافذة، وذلك يستغرق سنوات حتى يصدر حكم قضائي فيها طبعاً. وهنا تصرّ السفيرة انها متأكدة من الأحكام التي صدرت.
لذلك، ننصحه بأن لا يتورّط بكلام يفرح به أنصاره، لأنه في النهاية ستظهر الحقيقة وسوف يكون في موقف حرج، ونحن حرصاء على سمعة فخامته.
اما العنتريات و «البهورات» والاتهامات للقضاء، فأقل ما يُقال عنها إنها سخيفة ولا تستحق منا الرد.
وأما الاتهامات التي وجهها أيضاً للقضاء عن موضوع تفجير مرفأ بيروت فهو يعلم علم اليقين ان المشكلة ليست عند القضاء، بل المشكلة عند مسبّبي ذلك التفجير، أي حلفائه الذين افتروا على البلد وجاءوا به رئيساً، وهو يُعتبر من أسوأ الرؤساء في تاريخ الجمهورية اللبنانية والجميع يعلم ذلك. فكفى اتهامات وتزوير حقائق.
أما حول التوقيع على المرسوم، فذلك يؤكد المؤكّد لأنه يعلم ان توقيعه «مثل (…) على البلاط» لا قيمة له.
أحد الجنرالات السابقين صرّح ان لا قيمة لمرسوم فخامته، ولكن مع ذلك فإنه يحاول أن يدافع عن عهد التخريب والتدمير لأنه جاء من المدرسة نفسها التي جاء منها فخامته وهي حب الذات وشهوة الحكم.
أما بالنسبة لخروجه من القصر قبل يوم فنقول ليس المهم التوقيت، ولكن رأفة بالبلاد والعباد عليك أن تجلس في بيتك الذي بنيته بعرق جبينك وتبرّعات المحسنين والمحسنات، وأن تترك شيئاً لآخرتك.