بعد التسهيل لتشكيل الحكومة هل انتقل “التيار” إلى الهجوم؟ “لبنان القوي”: وحدة المعايير وإلا..
بعد مرور أكثر من 10 أيام على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة الجديدة، أمر واحد يبدو أكيدا: خسر الرجل رهانه في أكثر من مكان. ذلك أنه لن يستطيع استيلاد تشكيلته الحكومية قبل الانتخابات الأميركية المنتظرة غدا. كذلك لن يحقق الرئيس المكلف هدفه الذي كان أولا تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين عن القوى السياسية، عله بذلك يكسب رضى شارع ثائر غاضب، وقاعدة شعبية لم تتلق بكثير من الترحاب الخيارات التي ركن إليها في الفترة الأخيرة.
إلا أن الحريري، وفي محاولة إعتقد أنها تصب في خانة تسهيل التشكيل، قدم تنازلا جديدا للثنائي الشيعي حيث قبل بأن يحتفظ بحقيبة المال السيادية. موقف اعتُبر ضربة قاتلة لإستقلالية الحكومة العتيدة، كما للمبادرة الفرنسية التي كانت تتماهى في خطوطها العريضة مع مطالب الناس.
على أي حال، فإن مصادر مراقبة نبهت إلى أن مبادرة الحريري إلى إطلاق الإشارات الإيجابية في اتجاه الثنائي الشيعي تتجاوز الحصص الحكومية والموازين السياسية في المرحلة المقبلة، إلى توقيتها، وما يعنيه ذلك من انعكاسات على مشوار التأليف برمته. وتلفت إلى أن المبادرة الايجابية الشيعية أتت في وقت كان التيار الوطني الحر، الرافعة الأولى للعهد، ينادي بوحدة المعايير في التمثيل الحكومي، بعدما أطلق وعودا كبيرة لجهة تسريع مهمة التشكيل، بدليل النبرة الايجابية التي حرص النائب جبران باسيل على استخدامها في الفترة الأخيرة، ما خلا الخطاب الناري في ذكرى 13 تشرين.
وانطلاقا من غياب ما يعتبره التيار وحدة في المعايير، تعتبر المصادر أن أمام التساهل مع القوتين الشيعيتين الأساسيتين، كان لا بد للتيار أن ينتقل من المهادنة إلى الهجوم، في محاولة لحفظ مكان لنفسه في إطار ما يمكن أن تكون حكومة العهد الأخيرة، وهو ما قد يكون حدَا به إلى إصدار بيان عالي النبرة السبت الفائت يطالب فيه بحكومة موسعة. ولا يخفى أن في ذلك ضغطا على الرئيس المكلف لضم رئيس الحزب الديموقراطي طلال إرسلان إلى التوليفة الجديدة، في مواجهة الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط الذي نام على حرير وعد “الحريري” بأن يكون ممثل الدروز في الحكومة المصغرة التي ينادي بها الرئيس المكلف.
وردا على هذا المشهد الذي يعني عمليا إغراق المبادرة الفرنسية وطمرها في وحول التحاصص، كيلت الاتهامات لباسيل بإطاحة التفاهم الحكومي الذي كان الحريري يسير بهديه، مع العلم أن هذه الاتهامات طالت أيضا بعبدا التي حط فيها إرسلان قبل أسبوع مطالبا بحصته الحكومية.
أما الأوساط البرتقالية، فلا تستغرب كل هذه الاتهامات، بحسب ما تقول، على اعتبار، أن الجميع يرون أن “جسم باسيل لبيس”، مع العلم أنه لم يطلب شيئا من الرئيس الحريري منذ تكليفه، بل انكب على تسهيل مهمة الرئيس المكلف.
وردا على تغريدة النائب السابق مصطفى علوش التي أعلن فيها أن الرئيس الحريري غير مجبر على تلبية مطالب القوى التي لم تسمه في استشارات التكليف، نبهت المصادر إلى أن التيار لا يزال عند موقفه لجهة ضرورة احترام معايير موحدة في التشكيل. لذلك لا يستطيع الحريري أن يرضى تجرع السم لارضاء الشيعة، ويرفض المطالب المسيحية.
وإذ رفضت المصادر تأكيد الكلام عن أن التيار متمسك بوزارة الطاقة مقابل بقاء حقيبة المال في يد الثنائي الشيعي، أشارت إلى إمكانية بقاء التيار خارج الحكومة، “وإذا أرادوا اصواتنا وثقتنا، فليراجعوا أداءهم”، مستغربة، على صعيد آخر، أن يدفع الكاثوليك ثمن المعركة بين جنبلاط وإرسلان”، في إشارة إلى اعتماد تعداد حكومي يساوي عدد مقاعد الطائفتين في مجلس الوزراء.
المركزية