نصر الله في يوم الشهيد: العقوبات الأميركية لن تؤدي إلى أي نتيجة
أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر شاشة قناة “المنار”، مساء يوم الأربعاء 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، متحدثا في “ذكرى يوم الشهيد”. وتطرق الى عدد من الملفات، ومنها ترسيم الحدود، والمناورة الاسرائيلية، والانتخابات الاميركية، ومسار السياسة الاميركية ومسار العقوبات.
وتحدث عن “العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي أحمد قصير ضد مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في صور في العام 1982″، واصفا إياها بأنها “الأكبر والأضخم في تاريخ الصراع العربي- الاسرائيلي بسبب ما ألحقته من خسائر بشرية في صفوف العدو الاسرائيلي وضباطه وجنوده، بما تجاوز المئات”. وأعرب عن أمله في “أن ينفذ استشهاديون عمليات أكبر من هذه العملية”.
وذكر أن “اختيار هذا اليوم بسبب أهمية هذه العملية، والتي كانت رسالة مدوية لمن ادعى أن البلد دخل العصر الاسرائيلي، وكذلك لإحياء ذكرى أرواح جميع الشهداء الذين نعترف بفضلهم وعظمة ما قدموه إلينا، من تحرير وانتصارات”، مشددا على “ضرورة إبقاء ذكرى هؤلاء الشهداء في أذهاننا وقلوبنا، وأن نستعيد أسماءهم كيلا ننساهم”، منوها بصبر أهالي الشهداء، لافتا إلى “التنوع في انتماء الشهداء مناطقيا وتراتبيا”.
ومن ثم انتقل نصر الله إلى ملف ترسيم الحدود البحرية، وأعاد بالذاكرة الى ما قاله سابقا من أن المقاومة “لا تدخل في ترسيم حدود برية أو بحرية، لأن هذا الأمر من صلاحيات الدولة، بمؤسساتها الدستورية، والمقاومة تلتزم بما تحدده الدولة وهو ما زال موقفنا”.
وأضاف: “بعد العام 2000 ذهبت الدولة إلى مفاوضات في شأن نقاط خلافية في الحدود البرية في عهد الرئيس (إميل) لحود، وقد تم استعادة مساحات واسعة من الاراضي من الاحتلال، ويومها لم تتدخل المقاومة في إبداء أي رأي، ولكن بعد اكتشاف النفط والغاز بدأت الدولة الاهتمام بترسيم الحدود”، مؤكدا أن “هذا الملف موجود لدى الرئيس نبيه بري قبل انتقاله الى رئيس الجمهورية”.
وأشار إلى “زيارات الوفود الاميركية المتكررة”، متوقفا عند “ما أثاره إعلان الرئيس بري عن بدء الاعلان عن إطار ترسيم الحدود، وما أدى عند الطرف الآخر على ربط هذا الاعلان بأجواء مفاوضات التطبيع في المنطقة”، ولكن نصرالله نفى “أي ربط في هذا الملف”، وقال إن مفاوضات الترسيم تقنية فقط. كما نفى وجود “مفاوضات تحت الطاولة لا بين ايران واسرائيل في هذا الملف، ولا بين حماس والاسرائيليين، ولا معنا، وإنما هذه اتهامات ناجمة عن غرفة عمليات سوداء، وإنها مجرد خيالات وأكاذيب ولا تستحق من حزب الله إصدار بيان ردا على هذه الأكاذيب”.
وكرر موقفه من “العدو الاسرائيلي الواضح ومن أنه وجودها غير شرعي وهم مجموعة من العصابات المغتصبة، رافضا مفاوضات السلام مع هذا العدو”.
وأشار السيد نصرالله الى “حصول خلاف مع الرئيس ميشال عون على تركيبة الوفد، وذلك من حرصنا الشديد على عدم إثارة أي سؤال، وقد تجاوب فخامته بعدم ضم الوفد شخصيات سياسية”، ملمحا إلى أن “بيان حزب الله ضد أن يضم الوفد شخصيات مدنية وسياسية كان لتسجيل موقف”، مجددا “الثقة بإدارة الرئيس عون لهذا الملف، وبانضباط الوفد المفاوض، لأن المهم بالنسبة إلينا هو أن يحصل لبنان على كامل حقوقه”.
وتابع: “من يريد أن يمنعنا من الاستفادة من ثروتنا الوطنية في النفط والغاز سنمنعه أن يستفيد وهذا بسبب قوتنا ويجب أن نحصل على حقوقنا من موقع قوتنا”.
ومن ثم انتقل الى الحديث عن المناورة الاسرائيلي الأخيرة.
وقال: “لقد كانت مناورة ضخمة وكبيرة، وكان هدفها الرئيسي وجود قوات للمقاومة الاسلامية في لبنان، وقد دخلت الى مواقع في الجليل”، مبديا “ملاحظة تتعلق بأهم إنجازات الشهداء، وهي مخاوف هذا العدو وتبدل نظرته وتوجسه من احتمال عدوان من لبنان، وانتقاله الى الدفاع عن مستوطناته ومواقعه، وهذا أكبر دليل على قوة المقاومة في عين العدو”.
وأشار إلى “إصرار العدو على إجراء هذه المناورة في زمن كورونا إنما هو دليل على أزمة جهوزية ونفسية في صفوف العدو وبخاصة في صفوف القوة البرية الاسرائيلية”، كاشفا عن أن “المقاومة كانت في حالة استنفار أثناء قيام العدو يجري مناورته، وقد عرف به الاسرائيلي، وكان هذا الموضوع يهمنا أن يعرفه العدو، وأن ردنا سيكون جاهزا إذا ارتكب العدو أي حماقة”، مشيرا إلى أن “أحدا من الناس لم يشعر بالاستنفار الذي قمنا به”، لافتا أيضا إلى أن “في سوريا حصل استنفار وفي ذات السياق”.
ورأى أن “مجريات الانتخابات الاميركية وخطابات المرشحين قدمت أكثر من أي مرة صورة عن الواقع السياسي وتستحق التوقف من شعوب العالم أمام ما شاهدنا، وخاصة للتأمل في هذا الذي يصفوه بأنه النموذج الأعلى وعلينا الاقتداء به”.
وتوقف عند “حجم الديون في اميركا، ونسب البطالة، وخيم الفقراء في الشوارع، والارقام المذهلة بكورونا، والامراض النفسية والعصبية والمدمنين على المخدرات وارتفاع الجرائم، والفساد في الادارة”.
وعن مسألة الديموقراطية، سأل نصر الله: “اين هي الديموقراطية؟ وما معنى ألا يتم الاعتراف بنتائجها من أحد طرفيها وهو الحزب الجمهوري، مطالبا إياهم بعدم التنظير علينا بممارسة الديموقراطية”.
كما وتطرق إلى موضوع الادارة الاميركية الجديدة، فقال: “مصيبتنا أننا في منطقتنا هو ثوابت السياسات الاميركية الداعمة لاسرائيل سواء أكانت الادارة من الحزب الجمهوري او الديموقراطي، لذلك نرى أن سياستهم تجاه منطقتنا لن تتغير”، داعيا إلى “عدم توقع حصول تغييرات جوهرية في هذه السياسة”، مستبعدا “قيام ادارة بايدن بإعادة نقل السفارة الاميركية من القدس الى تل ابيب”.
وفي المقابل فقد وصف نصر الله إدارة ترامب بأنها “الأسوأ والأكثر وقاحة، بما فيه تجاه حلفائهم، والأكثر عنجهية وإرهابا، إذ أنه وضع العالم خلال اربع سنوات على حافة الحرب، في تشديد الحصار، وفي أقصى العقوبات على ايران، وعلى سوريا، ومزيد من الحرب على اليمن، ومحاولة إثارة الفتن في العراق، لكن سياسة ترامب قدمت الوجه الحقيقي لأميركا ومن دون ماكياج”.
وأضاف: “ومع ذلك فقد فشل، فلا صفقة القرن ماشية، لأن ترامب سقط، ونتنياهو في أسوأ حال، وومحمد بن سلمان قلق من سقوط ترامب، والشعب الفلسطيني لم تنكسر ارادته، ومثله ايران وسوريا والشغب العراقي. ونحن في لبنان حيث تغلبنا على الفتنة”، مستنتجا “أنا فرح للسقوط المذل لترامب، وبخاصة في ارتكابه جريمة العصر باغتياله قاسم سليماني والمهندس”، مؤكدا شعوره بالفرح لسقوط ترامب.
وعما “يحكى عن خشية مما يمكن أن يقدم عليه ترامب في الشهرين الأخيرين من ولايته”، رفض نصر الله “إعطاء تفسير لما يثار في هذا الموضوع”. لكنه دعا الى “الحذر واليقظة وأن نبني على أسوأ الاحتمالات، وعلى درجة عالية من الاستعداد، ورد الصاع صاعين اذا ذهبت الإدارة الاميركية في ارتكاب حماقة من هذا النوع”.
كما وتطرق إلى السياسة الاميركية في لبنان، وقال إن “هدفها وهمومها الحفاظ على أمن اسرائيل”، لافتا الى ان “مشكلة اميركا في لبنان هي وجود المقاومة أي حزب الله وليس أي أمر آخر”.
ورأى أن “العدو الاسرائيلي ليس مرتاحا لأن ثمة مقاومة في لبنان تدافع عنه، ومن هنا عمل الاميركي منذ 2005 على سبل التخلص من حزب الله، ومن سلاحه، على أيدي أدوات أميركا ايضا في لبنان”، معددا “ما حصل في العام 2006، ومن ثم اغتيال الحاج عماد مغنية، في مؤامرة 7 ايار العام 2008، وايضا العام 2011، ومحاولات الانتهاء من حزب الله بعد انتهاء سوريا من نظامها”، مشيرا الى فشل كل هذه المحاولات.
كما ولفت الى “محاولات تأليب البيئة الحاضنة وخاصة الشيعيى ضد حزب الله وتحريض البيئة الشعبية العامة من خلال الوضع المعيشي، فأقدموا على تضييق الوضع الاقتصادي والمالي، لقاء الخلاص من حزب الله، إضافة الى محاولة تحميل حزب الله مسؤولية انهيار هذا الوضع”، لافتا الى فشل كل هذه المحاولات…
وأشار الى “مليارات الدولارات التي انفقتها اميركا باعتراف دايفيد هيل على وسائل اعلام والجمعيات غير الحكومية وشخصيات”، متسائلا: “أين هي هذه المليارات؟”. وقال: “كل ذلك فشل، والذي عنده ملف ضدنا فليذهب الى القضاء وليحاسبنا إن كنا فاسدين”.
ومن ثم تطرق الى مسألة العقوبات وقال: “انها في باب الضغط النفسي، ولتفعلوا أي عقوبة ضد حزب الله فلا يهمنا لأنه لا أموال لدينا في المصارف، ونحن نعيش حياة عادية، ولا نسافر”، معلنا أن “الخطوة التي كرهناها كانت خيرا لنا”.
وأضاف “ان تشديد العقوبات على حزب الله لم يصل الى اهدافها وأما بالنسبة الى العقوبات على الحلفاء، فقد بدأت مع الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ومن ثم مع جبران باسيل”.
وقال: “مسار العقوبات لن يصل الى نتيجة”، ولفت الى ان “العقوبات على (الوزير) جبران باسيل بحسب الاميركيين، قد تهز التيار الوطني الحر وتحالفاته”، واصفا هذه العقوبات بأنها “كانت مشكلة كبيرة بلا شك، ولكن باسيل وقد حكى معي في شأن طلب الاميركيين منه فسخ العلاقة معنا، رفض هذا الأمر، وقال لي: لن أقبل حتى لو وضعوني على لائحة العقوبات”.
وأوضح ما قاله لباسيل: “علاقتنا معكم فيها صداقة ومودة، ونحن نتفهم أي موقف ستتخذونه، وإذا كنا قادرين على المساعدة فلن نتأخر، ولكن باسيل قال لي لا نريد شيئا”.
وعلق على الموقف الاميركي قائلا: “بأي حق قانوني للولايات المتحدة الاميركية وبأي حق خلقي تصنف العالم بخاصة وأنها (الولايات المتحدة) هي الارهابية”.
وتابع: “انها عقوبات لفرض شروط سياسية”، وأكد ان “موقف حزب الله حاسم تجاه هذه السياسة الاميركية، وأن ما قامت به هو خرق للسيادة اللبنانية”.
وأعلن: “لا يحق لاميركا أن تصنف أي لبناني بأنه فاسد لأن هذا من واجب الدولة اللبنانية”. وعن العقوبات على الوزير باسيل فقد وصف نصر الله موقف باسيل بأنه “شجاع، ونحن نعبر عن التزامنا هذه العلاقة، وقد ثبت الوزير باسيل صدقيته وقد قلت له ذلك في الاتصال بيننا”.
واضاف: “من يريد أن يكون حرا ومستقلا عليه أن يفعل ما فعله الوزير باسيل برفضه الخضوع للشروط”.
وشرح معنى التفاهم مع “التيار الوطني الحر” وقال: “انه يحتاج الى مناقشات جديدة ومعالجات، ومن الأكيد أننا سنقوم بهذه المراجعات، والرد على العقوبات الاميركية ستكون بتطوير هذه العلاقة من دون أن يعني ذلك انها جبهة ضد أحد”.