تشويه سمعة حاكم مصرف لبنان… وراءه إنتخابات رئاسة الجمهورية
كتب، اليوم، نقيب الصحافة اللبنانية، عوني الكعكي:
منذ أكثر من ثلاث سنوات، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتعرّض لحملات إفتراء تستهدف تشويه سمعته، من خلال «تلبيسه» مسؤولية مشاكل الإقتصاد اللبناني والأزمة الراهنة التي يمرّ بها لبنان.
ويتناسى هؤلاء، أنّ عملية «تعثّر» الكهرباء وما سببته من خسائر تفوق الـ50 مليار دولار يتحمّل مسؤوليتها «التيار العوني» بدءًا بجبران باسيل مروراً بسيزار أبي خليل وندى البستاني الى الوزير الحالي ريمون غجر.
كل هذا، إضافة الى أنّ الصهر العزيز، عندما تسلّم مقاليد وزارة الاتصالات، عيّـن في شركة ألفا خمسماية موظف، لا عمل لهم ولا مؤهلات، إلاّ أنهم من أنصار جبران باسيل، فجاء تعيينهم لضرورات إنتخابية، فتراجعت أرباح الشركة من مليار دولار سنوياً الى 500 مليون فقط.
حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة من «اكتشاف» الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري، إذ كان يعمل في شركة «ميري لانش» براتب يزيد عن المليوني دولار سنوياً، وقد ترك عمله في باريس يومذاك وحسابه المصرفي 200 مليون دولار، وذلك في العام 1993.
جاء الحاكم الى لبنان وتسلّم إدارة المصرف المركزي، يوم كان لبنان يعاني من ارتفاع سعر صرف الدولار. فكانت باكورة أعماله بالاتفاق مع الرئيس الشهيد، تثبيت سعر صرف الدولار والمحافظة على الإستقرار الاجتماعي… ونجح سلامة نجاحاً باهراً رغم التحدّيات الكبرى التي واجهته ومنها:
- مجزرتا قانا عام 1996 و2006.
- حرب إسرائيل على لبنان وتدمير بناه التحتية والمنشآت الكهربائية ومحطاتها.
- حرب «لو كنت أعلم» عام 2006، والتي خلّفت أكثر من 5000 قتيل وجريح وخسارة 15 مليار دولار بعد خراب كل شيء تقريباً.
- تعطيل إنتخابات رئاسة الجمهورية لمدة عامين ونصف العام.
- «هدر» الوقت في تشكيل حكومة، والإصرار على أن يكون جبران باسيل في «المكان المناسب».
كل هذا عظيم وفظيع… لكن الطامّة الكبرى تمثّلت بإصرار الرئيس ميشال عون على «توريث» صهره العزيز والمدلّل… هنا ولتحقيق هذا الهدف كان لا بد من اتباع وسيلتين:
الأولى تشويه سمعة حاكم مصرف لبنان لإبعاده عن الوصول الى الرئاسة… والثانية محاولة إبعاد قائد الجيش للسبب عينه.
وانطلاقاً من هذا الهدف «غير المعلن» بدأت معاناة اللبنانيين… وبدأت حملة القضاء على القطاع المصرفي الناجح بعد ثورة تشرين… يوم «طُيّرت» الحكومة، وجيء بالرئيس حسان دياب بحكومته الحالية التي تصرّف اليوم الأعمال، حسان دياب، الذي لم يكن إلاّ وسيلة لتنفيذ رغبات باسيل والعمل على تحقيق أحلامه… وتمنّعت الحكومة اللبنانية عن دفع سندات «اليورو بوند» والبالغة قيمتها مليار ومائتي مليون يورو، ما شكّل ضربة قاضية للقطاع المصرفي، وهنا دخلت المصارف اللبنانية في «أزمة ثقة» تسبّبت بها حكومة دياب، ما أعاق عملية فتح اعتمادات لها في الخارج.
وأنتقل الى ما جادت به عبقرية البعض حول التحقيق الجنائي على حسابات مصرف لبنان. فقد عقد اجتماع في القصر الجمهوري لبحث موضوع التحقيق الجنائي ونال الموضوع موافقة حاكم مصرف لبنان. وتمّ الاتفاق مع شركة «الفاريز أند مارسال» للتحقيق المذكور. هنا أعطى الحاكم الشركة المذكورة كل الحسابات العائدة لمصرف لبنان… وبدأت عملية التدقيق. لكن الشركة طالبت بحسابات الوزارات. هنا تمنّع الحاكم ما لم يتسلّم كتاب موافقة من الحكومة عملاً بقانون السرّية المصرفية… وهنا بدأت القضيّة تتعقد، فهربت الشركة مع الإشارة الى أنّ من الواجب أن تبدأ الشركة عملها بالتدقيق في الحسابات، فإذا كان هناك من شك تلجأ الى عملية التحقيق الجنائي.
إشارة هنا الى أنّ مصدراً مقرّباً من حاكم مصرف لبنان أشار الى أنّ المصرف المركزي الفرنسي يجري التدقيق المالي في مصرف لبنان منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، وأوعز الحاكم بإعطاء المدققين الأجوبة عن كل تساؤلاتهم بهدف استشارة طرف آخر مستقل.
من جهة ثانية، فإنّ المبادرة الفرنسية لتشكيل حكومة مهمّة إنقاذية في لبنان، وكشرط للحصول على الـ11 مليار دولار من «سيدر»، لم تتحدّث عن تحقيق جنائي، وإنما كان هناك بحث بالتدقيق بالحسابات. كذلك فإنّ اجتماع حاكم مصرف لبنان بحاكم المصرف المركزي الفرنسي لإجراء تدقيق أعطى ثماره كما أشرنا، فالتدقيق جارٍ منذ ثلاثة أسابيع.
على كلٍ، فإنّ لنا عودة قريبة الى هذا الموضوع في الأيام المقبلة.
الشرق اللبنانية