لقاء سري إسرائيلي سعودي.. رسالة قوية للرئيس الأمريكي المنتخب في شأن إيران
أطلق لقاء تاريخي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وولي العهد السعودي رسالة قوية للحلفاء والأعداء على حد سواء مفادها أن البلدين لا يزالان ملتزمين بشدة باإحتواء خصمهما المشترك إيران.
فقد نقل اللقاء السري، الذي عقد يوم الأحد الماضي في مدينة نيوم السعودية وأكده مسؤولون إسرائيليون ونفته الرياض علنا، رسالة مشتركة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن خلاصتها أن حليفي واشنطن الرئيسيين في المنطقة يعملان على توحيد جهودهما.
وهذه أول زيارة مؤكدة علانية يقوم بها زعيم إسرائيلي للسعودية وتعد لقاء لم يكن ليخطر على بال أحد حتى عهد قريب في ضوء عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين.
غير أنها تؤكد عمق مخاوف البلدين من إيران وتبرهن على أن التصدي لطهران يدفع إلى اصطفاف استراتيجي جديد لبلدان الشرق الأوسط.
وردا على سؤال عن الزيارة قال تساحي هنغبي عضو مجلس الوزراء الإسرائيلي لراديو الجيش “إيران، إيران، إيران. من المهم جدا جدا إقامة محور لعزل إيران”.
وقد تمتع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدعم قوي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأيد الاثنان حملة “الضغوط القصوى” التي استهدف بها إيران.
ويخشى الاثنان أن يتبنى بايدن فيما يتعلق بإيران سياسات مماثلة للسياسات التي كانت سارية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما وأدت إلى توتر العلاقات بين واشنطن وحلفائها التقليديين في المنطقة.
وقد قال بايدن إنه سينضم من جديد إلى الاتفاق النووي الدولي المبرم مع إيران الذي انسحب منه ترامب في 2018 وسيعمل مع الحلفاء لتقوية أحكام هذا الاتفاق وذلك إذا عاودت إيران أولا الالتزام الحرفي به.
وفي الآونة الأخيرة عمدت إسرائيل والسعودية إلى تصعيد تصريحاتهما المناوئة لإيران التي تخوض عدة حروب بالوكالة مع الرياض في المنطقة.
وكانت طهران قد أقامت شبكة من الفصائل الشيعية المسلحة في أنحاء مختلفة من العالم العربي من العراق إلى سوريا ولبنان وحتى اليمن في الجنوب. وقد هاجم الحوثيون المدعومون من طهران في اليمن منشآت نفطية سعودية الأسبوع الماضي في أحدث حلقة من سلسلة هجمات على أهداف سعودية.
وتشن إسرائيل حربا خفية على القوات الإيرانية، تتم في الغالب من خلال غارات جوية في سوريا على جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية وعلى الحرس الثوري الإيراني وعلى إمدادات الأسلحة أثناء نقلها عبر البلاد.
دون علم العاهل السعودي
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن اجتماع يوم الأحد انعقد بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ورئيس المخابرات الإسرائيلية.
وامتنع بومبيو عن التعليق. وقد سعى بومبيو لتحفيز السعودية على الاقتداء بالإمارات والبحرين والسودان في إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل. غير أن دبلوماسيين في المنطقة قالوا إن مبعوثين أمريكيين أكدوا في لقاءات خاصة انعقاد الاجتماع.
كما امتنع نتنياهو عن التعليق على الاجتماع. ولم يزر نتنياهو الإمارات أو البحرين منذ إقامة العلاقات الرسمية معهما إلا بموافقة ضمنية من جانب السعودية.
وقال نتنياهو يوم الخميس إنه يتوقع أن تقيم دول أخرى علاقات طبيعية مع إسرائيل في الأشهر القليلة المقبلة.
وكانت التعليقات محدودة على الاجتماع على وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية غير أن بعض الشخصيات المعارضة نددت بالزيارة. وقال محللون سياسيون إن النفي السعودي لانعقاد الاجتماع ربما كان وسيلة لاختبار الوضع في الداخل.
وقد خففت السعودية موقفها من إسرائيل في السنوات الأخيرة لكنها أشارت إلى أنها غير مستعدة حتى الآن لإقامة علاقات طبيعية رسميا معها. ويقول محللون إن تلك خطوة صعبة بالنسبة للملك سلمان في غياب اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال نيل كويليام الباحث الزميل في تشاتام هاوس إن الاجتماع مع نتنياهو “استهدف تسليط الضوء على كون محمد بن سلمان أكثر استعدادا من أبيه لأخذ خطوات في اتجاه التطبيع دون شرط التوصل أولا لحل الدولتين”.
وقال مصدر سعودي يتمتع بصلات قوية بذوي الشأن ودبلوماسي أجنبي في الرياض إنه ليس من المتوقع رغم ذلك أن يحدث التطبيع في حياة الملك سلمان.
وأضاف الدبلوماسي “التطبيع… جزرة لصرف انتباه (بايدن) عن أمور أخرى لا سيما حقوق الإنسان” في السعودية.
وقال المصدر السعودي والدبلوماسي إنه لم يتم إطلاع العاهل السعودي على زيارة نتنياهو.
ورغم تولي الملك سلمان رئاسة القمة الافتراضية التي عقدها زعماء مجموعة العشرين في العطلة الأسبوعية فقد انتشرت شائعات عن تدهور صحته منذ دخوله المستشفى خلال الصيف.
وظهر الأمير محمد في مقطع فيديو مسرب خلال قمة مجموعة العشرين وهو يصحح معلومة للملك الذي بدا عليه التشوش وقالت مصادر إن تسريب هذا المقطع كان متعمدا.
ولم يرد مركز التواصل الحكومي السعودي على الفور على طلب للتعليق.
تسريب إسرائيلي
ربما كان تسريب خبر اجتماع الأمير محمد ونتنياهو مقصودا من جانب إسرائيل. فقد تم استخدام طائرة من طائرات رجال الأعمال في الرحلة المباشرة التي انطلقت من تل أبيب وسرعان ما رصدتها خدمات متابعة الرحلات الجوية ولم يبذل الرقباء الإسرائيليون أي جهد لمنع نشر التقارير عن الرحلة.
إذ منح تسريب النبأ نتنياهو فرصة لإحراج منافسه السياسي وزير الدفاع بيني جانتس الذي من المقرر أن يتولى رئاسة الوزراء بعد عام من الآن بموجب اتفاق لاقتسام السلطة.
وتضمن التسريب أن نتنياهو لم يبلغ جانتس بالرحلة فيما يعد إيعازا للناخبين الإسرائيليين أن جانتس لا يؤتمن على سر وذلك في أعقاب تكهنات بأن إجراء انتخابات مبكرة أمر وارد.
ووصف جانتس التسريب بأنه تصرف “غير مسؤول”.
كما اعترف نتنياهو بأنه لم يبلغ جانتس بالمفاوضات السرية التي أدت إلى التطبيع مع الإمارات.
Reuters