الراعي يخشى اذا أحيل ملف إنفجار 4 آب الى المجلس النيابي أن يموت التحقيق ويسيس بين الكتل النيابية
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداس الأحد في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه المطارنة حنا علوان، بيتر كرم وانطوان عوكر، في حضور النائب ابراهيم كنعان.
وألقى الراعي عظة بعنوان “ميلاد يسوع المسيح، ابن داوود، ابن ابراهيم”، ومما جاء فيها في ما يخص الشأن اللبناني:
في هذه الأيام الأربعة الأخيرة، رأيت من واجبي كبطريرك القيام بمساع متنوعة الإتجاهات لدفع عملية تشكيل الحكومة. وذلك شعورا منا بمآسي إخوتنا وأبنائنا في لبنان، الذين هم فريسة الجوع والعوز والفقر والبطالة واليأس وفقدان الثقة بالوطن وبمستقبل أفضل؛ ورفضا لقبول شبح مرفأ بيروت ودمار نصف العاصمة ونكبة سكانها ومؤسساتها؛ وخوفا منا على سقوط المؤسسات الدستورية، وفي مقدمها السلطة الإجرائية المتمثلة بالحكومة وما يتصل بها؛ ورفضا لتسييس القضاء وتلوينه طائفيا ومذهبيا وعرقلة مسيرته، وهو العمود الفقري لحياة الدولة؛ وقراءة تشغل البال لما يجري في المنطقة من مفاوضات وتسويات وتطبيع ومن تهديدات بحروب. في كل الإتصالات التي أجريتها -ولن اتوقف- وكانت بمبادرة شخصية مني لا من احد، لم أجد سببا واحدا يستحق التأخير في تشكيل الحكومة يوما واحدا. لكني وجدت لدى الناس ألف سبب يستوجب أن تتألف الحكومة فورا من أجل هذا الشعب الذي هو مصدر السلطات كلها. وإذا كانت ثمة معايير فكلها ثانوية باستثناء معايير الدستور والميثاق.
أمام هذا الواقع المتشعب، نريد حكومة لا محاصصات فيها، ولا حسابات شخصية، ولا شروطا مضادة، ولا ثلثا معطلا يشل مقرراتها، نريدها حكومة غير سياسية وغير حزبية، وزراؤها وجوه معروفة في المجتمع المدني بفضل كفايتهم وإنجازاتهم وخبراتهم، على أن يتم تشكيلها وفقا لمنطوق من الدستور، بروح التشاور وصفاء النيات بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية في إطار الإتفاق والشراكة وقاعدة المداورة في الحقائب وفقا للمادة 95 من الدستور، كعلامة للمشاركة الحقيقية في إدارة شؤون الدولة. نريدها حكومة تتفرغ لمشروع الإصلاحات، وللإستحواذ على المساعدات الدولية المقررة والموعودة. نريدها حكومة تضع في أولوياتها إعادة بناء المرفأ واستعادة حركته وضبط إدارته ومداخيله وجمركه، وإعادة إعمار بيروت المهدمة.
وكما يعنينا تشكيل حكومة في أسرع ما يمكن للأسباب المذكورة، كذلك يعنينا إستمرار التحقيق العدلي بشأن تفجير مرفأ بيروت. إن الناس لا يهمهم الاجتهادات القانونية المتنازع بشأنها. ما يهمها هو معرفة من قتل أبناءها وفجر المرفأ وهدم العاصمة. يهمها معرفة من أتى بالمواد المتفجرة، ومن يملكها، ومن سمح بتخزينها، ومن سحب منها كميات بشكل دوري وكيف، ومن غطى هذه العنابر طوال سبع سنوات، ومن أهمل واجباته من السلطات السياسية والقضائية والأمنية، ومن فجرها في 4 آب 2020. وإذا كان البعض يفضل إحالة الملف إلى المجلس النيابي، ونحن نكن الاحترام لهذا المجلس، فإننا نخشى أن يموت التحقيق ويسيس بين الكتل النيابية. وأي مماطلة إضافية في التحقيق ستؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. واجباتنا دعم القضاء، هذا الصرح الدستوري الذي لم يسقط بعد، ونرجو ألا يسقط، وإلا، لا سمح الله، سقط هيكل الدولة كله!