مواقف البابا ودعوة البطريرك لمؤتمر دولي.. حرب: السياسيون في لبنان فقدوا ما يُسمّى بالحياء
موقفان بارزان طبعَا الساحة المحلية هذا الأسبوع. الأول، طرح البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، فكرة عقد مؤتمر دولي لحل أزمة لبنان، مشيراً الى “ان المسؤولين يتنافسون في تعطيل الحلول ما يدفعنا الى التطلع الى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر خاص لإنقاذ لبنان من السقوط”. والثاني، كلمة البابا فرنسيس أمام السلك الدبلوماسي في الفاتيكان حيث تمنى ان “يشهد لبنان التزاما سياسيا، وطنيا ودوليا، يساهم في تعزيز الإستقرار في بلد يواجه خطر فقدان هويته الوطنية والانغماس داخل التجاذبات والتوترات الإقليمية”، مشدداً على “ضرورة أن تحافظ بلاد الأرز على هويتها الفريدة من أجل ضمان شرق أوسط تعددي متسامح ومتنوع، يقدّم فيه الحضور المسيحي إسهامه ولا يقتصر على كونه أقلية فحسب”، مؤكداً أن “إضعاف المكوّن المسيحي في لبنان يهدد بالقضاء على التوازن الداخلي”. فهل تلقى مبادرة الراعي وكلمات البابا آذاناً صاغية؟
الوزير والنائب السابق بطرس حرب قرأ عبر “المركزية” في الموقفين، فقال: “كلام البطريرك صادر عن يأسه وفقدان أمله في رغبة أو إمكانية السياسيين اللبنانيين على معالجة الأزمة. ويعتبر، في موقفه هذا، انه لا بد من العودة الى نوع من انتداب دولي للبنان من قبل الامم المتحدة، كي تفرض دولياً على المسؤولين وعلى الشعب اللبناني حلولا لم يتمكن لبنان من التوصل اليها. ولا يُعتبَر هذا الأمر فريدا في العلاقات الدولية، إذ ان شعوباً أخرى مرت بهذه التجربة، كانت في وضع أقل مأساوية حتى من لبنان، وتدخّلت الامم المتحدة لإيجاد الحلول لمشكلاتهم الوطنية. وبالتالي، تدخّلَ المجتمع الدولي من اجل وضع حلول عجز اهل البلد عن ايجادها او الإتفاق عليها. لهذا أعتبر ان طرح الراعي مبادرة صادرة عن وجع وفقدان امل بكل المسؤولين السياسيين الذين يتولون الحكم في لبنان”.
ولفت حرب الى أنه يؤيّد هذه الدعوة، متمنياً “ايجاد صيغة عملية تتمكن من تحويل هذا الطرح من إعلامي الى عملي، وأن تتبنّاه الدول الصديقة للبنان، العربية والغربية منها، وكل دول العالم، لكي تأخذ الامم المتحدة مبادرة بفرض حلول على الشعب اللبناني خلافا لرأي حاكميه وتكريسا لعجزهم”.
وتعليقاً على كلام البابا أمام السلك الدبلوماسي، قال: “الغريب في الأمر ان المسؤولين السياسيين في لبنان فقدوا ما يسمى بالحياء، بمعنى انه اذا قيل لهم انتم فاشلون وأنانيون وسارقون وفاسدون، فهذا الأمر لا يعنيهم بشيء ولا يؤثر بهم. كل الدول بادرت الى مساعدة لبنان، بدءاً بالفرنسيين، الذين أنّبوا الساسة والمسؤولين السياسيين على مواقفهم غير المبالية بمصير شعبهم، وطلبوا منهم ان يأخذوا المبادرة كي يتمكنوا من مساعدتنا. المجتمع الدولي بأكمله يقول «اتخذوا التدابير اللازمة كي اساعدكم»، لكن يبدو ان المسؤولين اللبنانيين لا تهمّهم مساعدة الشعب، بل كيفية المحافظة على مواقعهم ونفوذهم في السلطة، كي يستمروا في فسادهم والهيمنة على القرار اللبناني”.
أضاف: “من هنا، فإن موقف البابا، المتعدد الجوانب والعميق، اعاد تأكيد معنى الوجود المسيحي في لبنان المميَّز عن الوجود المسيحي في اي مكان آخر من العالم، وأكد ان الفاتيكان يرفض نظرية اتحاد الأقليات، لأنها تثير الحساسيات وتستفزّ الاكثريات، ونحن في لبنان نحتاج الى العيش معهم، برجاء وشجاعة وأمل، وليس الى استفزازهم. وجاء خطاب البابا وكأنه يعبر عن اقتناع بما يجب ان يكون عليه المسيحيون”.
وختم حرب: “على المسؤولين اللبنانيين ان يترفّعوا عن أنانيّاتهم ويفتشوا عن مصالح شعبهم. ومن هذا المنطلق، اعتبر ايضا ان موقف البابا يعيد للوجود المسيحي معناه الإنساني الأصيل، كي يبقى رسالة ،كما قال البابا يوحنا بولس الثاني، وإلا تسقط هذه الرسالة، ويفقد عندها المسيحيون علة وجودهم ودورهم وميزتهم في الشرق”.
المركزية