بين موقوفي طرابلس وصلاحيات “العسكرية”.. ريفي: إحتقان وغليان وقبضة “حزب الله” على عنق “المحكمة” يستخدمها كأداة
كأنّ قلب أم القاصر علاء كمون ( 15 عاما) كان ينذرها بأن إنتظارها سيطول أمام المحكمة العسكرية حيث تمّ توقيف إبنها مع 24 متّهَمًا على خلفية أحداث طرابلس. فبعد إدّعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، على 35 موقوفًا، وغيرهم، بتهمتَي “السرقة والإرهاب”، دخلت قضية موقوفي طرابلس مسارًا جديدًا.
“القرار الظني صادم، لكنه يثبت قناعاتنا بأن المحكمة العسكرية غير عادلة، عدا عن المخالفات القانونية، إذ أن الموقوفين تعرّضوا للضغوطات والتعنيف الجسدي، ما يفتح الباب على الشك بأن تكون إعترافاتهم المسجّلة حصلت تحت الضغط والتعذيب”.. بهذه المطالعة القانونية، يبدأ وزير العدل السابق، أشرف ريفي، تعليقه لـ”المركزية” في مسألة الإدعاء على موقوفي أحداث طرابلس بتهمتَي الإرهاب والسرقة.
وإستغرب ريفي توقيف قاصر وتحميله صفة “إرهابي” بحسب الإدعاء، وقال: “هل يجوز توقيف قاصر مع آخرين بالغين، وإعتبار أفعال جميع الموقوفين متساوية ومشمولة بأوصاف الإرهاب والسرقة؟ ولماذا يُحرَم الموقوفون من حق توكيل محام لملازمتهم أثناء التحقيق معهم، وفقًا للمادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية، ولا يتم توثيق التحقيقات بالصوت والصورة، ويصدر إدّعاء بتهمتَي الإرهاب والسرقة على رغم المخالفة القانونية التي أظهرها القاضي؟”
ما حصل من مواجهات عنيفة بين المحتجّين والقوى الأمنية والجيش، نهاية كانون الثاني الماضي، في طرابلس، وإنتهى بإحراق مبنى البلدية مدانٌ بكلّ أشكاله، لكن لماذا تتحوّل أعمال الشغب في الشمال إلى أعمال “إرهابية” والمحتجون “مشاريع إرهاب”؟ وهل تجوز محاكمة مدنيّين أمام قوس عدالة المحكمة العسكرية؟
“اللافت أنّ في كل مرة تحصل أعمال شغب أو تظاهرات في طرابلس، ويتم توقيف مجموعات من مثيري أعمال الشغب، يتحول الملف إلى «مشروع إرهاب» و«دعشنة» المدينة. المسألة باتت واضحة. فالمحاكمات تتم على خلفية سياسية، وليس قضائية، بعدما شكَّل أبناء الشمال جبهة معارضة خلال الحقبة السورية في وجه المحتل ونظام بشار الأسد وحلفائه. واليوم، يقفون سدًّا منيعًا في وجه الإحتلال الإيراني. ثمة من يريد تطويعهم، وهذا لن يتحقق على رغم إعتماد سياسة صيف وشتاء تحت سقف واحد. وما حصل ليس إلّا محاولة للضغط والترهيب للحؤول دون قيام أبناء المدينة بأية تحركات مطلبية مستقبلًا”.
المغالطات القانونية تبدأ من محاكمة مدنيّين أمام المحكمة العسكرية، يقول ريفي مذكّرًا بمشروع القانون الذي تقدّم به عندما كان وزيرًا للعدل، وتضمّن الطلب إلغاء المحكمة العسكرية أو تحويلها إلى محكمة متخصّصة، كما الحال في كل دول العالم، لكن أحدًا لم يأخذ به “لأن قبضة حزب الله تلتف على عنق المحكمة، ويستخدمها كأداة قضائية لمحاكمة أخصامه ولو كانوا أبرياء، وتبرئة حلفائه ولو كانوا متورّطين”.
ريفي أكّد أن حال الإحتقان والغليان الشعبي يسريان كالهشيم في طرابلس بعد صدور القرار الظني “خصوصًا أن الاهالي لمسوا أن هناك سياسة صيف وشتاء تحت ىسقف المحاكم “.
وعن الخطوات المستجدّة، أكّد أن هناك مسارًا قضائيًّا يتولّاه محامون في طرابلس وبيروت، لكن حراك شباب الثورة سيكمل لأن لا أحد مقتنع بفزّاعة “داعش” التي يلوّحون بها عند كل مفصل أمني بهدف “هزّ العصا وترهيب الناس”.
أضاف: “داعش هو الوجه الآخر للحرس الثوري الإيراني، وقد رأينا كيف كانت المجموعات المحسوبة على إيران تنقل عناصر «داعش» في العراق من جهة إلى أخرى، وكيف تم نقل عناصر داعش وعائلاتهم من جرود عرسال إلى العمق السوري بباصات مكيَّفة. كفى تهويلًا مرة بـ«داعش»، وأخرى بالحرب الأهلية، والتهويل على الأحرار. داعش هم مَن في يدهم السلاح والصواريخ، ولا يمكن لأيّ طرف أن يشعل حربًا أهلية إذا لم يملك السلاح”.
وختم ريفي: “اليوم، يتأكّد لنا، أكثر فأكثر، أن لا ثقة بالمحكمة العسكرية. فإمّا أن يصار إلى إلغائها أو تحويلها إلى محكمة متخصّصة، وإلّا فإن المعركة النضالية مستمرة على مستوى الحراك الميداني أو القضاء”.
بيان 17 تشرين
وفي سياق متّصل، صدر عن ثوار 17 تشرين، طرابلس الفيحاء – ساحة النور، بيانًا دعوا فيه للتجمّع غدًا، الساعة التاسعة ونصف صباحًا، في ساحة النور للإنطلاق إلى المحكمة العسكرية للمطالبة بإخلاء سبيل جميع ثوّار 17 تشرين، وإستنكارا للقرار الذي صنّف ملف الثوار بالإرهاب.
المركزية