دعوة بكركي لمؤتمر دولي يُنقذ لبنان… قزّي: عربيًّا ودوليًّا ردود فعل إيجابية وداخليًّا تأييد متزايد
لا يختلف إثنان على أنّ الصرح البطريركي الماروني بات البوصلة التي توجِّه دفَّة السفينة للإبحار بوطن الأرز المتهاوي نحو برّ الأمان قبل غرقه.
تسعى بكركي جاهدة لإستعادة السيادة والحرِّية والإستقلال، والتاريخ شاهد على مواقفها الوطنية. ليست غريبة عنها الوفود الرسمية والشعبية التي تحجُّ يوميًّا للقاء البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي رفع الصوت عاليًا، وطالب بحياد لبنان الإيجابي، ثم، وبعدما فقد الأمل بتجاوب الداخل، دعا إلى عقد مؤتمر دولي ينقذ لبنان من أزماته المستفحلة التي يرفض السياسيون حلَّها.
فهل التاريخ يعيد نفسه مع البطاركة بدءًا من البطريرك الياس الحويك مرورًا بمار نصر الله بطرس صفير وصولًا إلى الراعي، فيتمكَّن، مرَّةً جديدة، مِن فرض الإنقاذ؟
الوزير السابق سجعان قزّي أكَّد لـ”المركزية” أنّ “الصرح البطريركي يختلف عن مقارّ الأحزاب، لأنّ الأحزاب والقيادات السياسية يختارون من يستقبلون ومن يعتذرون منه، في حين أنّ الصرح البطريركي، تاريخيًّا وتقليديًّا، مفتوح للجميع، لأنّ بكركي صرح ديني لا يستطيع أن يغلق أبوابه أمام أحد. وبالتالي، حين يستقبل البطريرك وفودًا مختلفة الإنتماءات السياسية والعقائدية، لا يعني أنّه يتبنّى كلَّ المواقف التي تُعلن من على منبره”.
أضاف: “البطريرك مسؤول، فقط، عمَّا يعلنه هو شخصيًّا، أو عبر بيانات رسمية تصدر عن الصرح البطريركي. وهو غير معنيٍّ بمواقف الأطراف التي تزوره، ولا بما يُدعى، عادةً، بمصادر قريبة أو مقرَّبة أو متابِعة. وبالتالي، يجب أن نفصل بين موقف بكركي وموقف زائري بكركي، كائنًا من يكونون. وبالنتيجة، بكركي لا تستطيع أن تمنع أحدًا من تأييدها، لا بل تشكر كلَّ المؤيِّدين، وتتمنّى أن تحظى مواقفها بتأييد شامل لأنّها موجَّهة لكلِّ اللبنانيين وليس فقط للموارنة والمسيحيّين”.
وعن تشبيه ما يحصل اليوم بعام 2000 ونداء المطارنة، أجاب قزّي: “لا أريد أن أدخل في مقارنات، فالبطريرك صفير هو البطريرك صفير، وقد لعب دوره في المرحلة التي كان فيها بطريركًا، والبطريرك بشارة الراعي هو البطريرك الراعي، ويقوم بدور رائد إستثنائيّ في هذه المرحلة لإنقاذ لبنان. أنا لا أحبِّذ التشابيه والمقارنات، فلكلِّ مرحلة ملائكتها”.
وفيما يخص المؤتمر الدولي، أوضح: “يجب أن نتنبَّه إلى أنّ إنعقاد مؤتمر دولي لا يحصل بكبسة زرّ، إنّما هو مسار طويل كمسار كلِّ المؤتمرات الدولية التي إنعقدت لإنقاذ دولة في خطر الوجود، وغبطة البطريرك يواصل إتّصالاته في هذا الإطار. والأمر الإيجابي هو أنّ ردود الفعل على طرحه في المحافل العربية والدولية إيجابية من ناحية تفهُّم الطرح، يبقى أن تتواصل الجهود لتحويل هذه الفكرة إلى مشروع محقَّق. أمّا على الصعيد الداخلي، فواضح أنّ كتلة التأييد تتزايد، وهناك، طبعًا، طرف لديه تحفُّظ على هذا الموضوع، هو حزب الله، ونتفهَّم هذا الموقف. ومعارضة موقف بكركي لا تعني مواجهة، إنّما هذه اللعبة الديمقراطية وأصول الحوار بين اللبنانيين. المهمُّ أنّ المعارضة تبقى في الإطار السياسي والحضاري والفكري.
هل يشبه المؤتمر الدولي المؤتمرات السابقة، قال: “هذا المؤتمر يشبه المؤتمرات التي عُقدت وأُعلن خلالها حياد النمسا وسويسرا، وليس مؤتمرًا دوليًّا كالمؤتمرات التي تُعقد لحلِّ الأزمة السورية أو الليبية. كما أنّه لا يشبه، مثلًا، مؤتمر «سان كلو» الذي دعت إليه وزارة الخارجية الفرنسية، وشارك فيه ممثِّلون عن الأحزاب، آنذاك، وليس رؤساء الأحزاب، وكان مؤتمرًا لبنانيًّا فرنسيًّا، ولم يصدر أيُّ شيء عنه، أو المؤتمر الذي حاولت سويسرا، عام 2009، أن تعقده ولم ينجح أيضًا. في حين أنّ غبطة البطريرك يدعو إلى مؤتمر دوليٍّ برعاية الأمم المتحدة، بما أنّها ليست فريقًا بين اليمين واليسار، أو بين الشرق والغرب، بين روسيا والولايات المتحدة، أو إيران والخليج، بل هي منظَّمة جامعة وشاملة، ويمكنها، من خلال موقعها المحايد، أن تنجح في معالجة الوضع اللبناني، بالتعاون مع الدول التي تريد الخير للبنان”.