من بكركي العريضي: هل تحدّث البطريرك عن فصل سابع أو جيوش أجنبية؟ رئيس الجمهورية لا يريد الحريري والبقيّة تفاصيل
إستقبل البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، اليوم (الأربعاء 24 شباط/ فبراير 2021)، في بكركي، الوزير السابق، غازي العريضي، الذي قال بعد اللقاء:
إلتقيت البطريرك، ونقلت إليه تحيَّات الزعيم الوطني، وليد جنبلاط، ورسالة تقديريّة منه لمواقفه الوطنية والمسؤولة والحكيمة والحريصة على الشراكة في البلد، لأنّ غبطته لم ينقطع، يومًا، عن الحديث عن هذه الشراكة.
هذا هو لبنان، وميزته بهذا التنوُّع الذي لا نزال نأمل أن يتحوَّل دائمًا، أو يترسَّخ، نموذجًا لهذا التنوِّع في إطار وحدة وطنية حقيقة. ولا نعتقد أنّ غبطة البطريرك قد خرج، يومًا، عن هذا الأمر، بالعكس، هذا كان هدفه الإساسيُّ في كلِّ ما يَطرح.
تحدَّثت، في الزيارة الأخيرة لبكركي، عن المئوية الأولى، وما آل إليه وضع لبنان في بداية المئوية الثانية. وقلت إذا كنّا قد وصلنا إلى هنا في المئوية الأولى، فهل يبقى لبنان الكبير في المئوية الثانية مع إستمرار الحال على ما نحن عليه؟
للأسف، الأجوبة، بالوقائع اليوميَّة، لا تبشِّر بخير، لكنَّنا نحن الذين يعني لنا لبنان الكثير، هذا البلد ذو النكهة الممَّيزة الفريدة في هذه المنطقة، سنسعى ونعمل ونجاهد دائمًا مع كل الذين يعبّرون عن إقتناعاتهم بهذا اللبنان وحرصهم عليه، لأنّه يواجه تحدِّيات كثيرة وخطيرة تُنذر بتغيّرات لا تجعلنا، وأولادنا والأجيال المقبلة، أمام لبنان الذي عرفناه.
تحدثنا، أيضًا، عن الواقع الإقتصادي، الإجتماعي، المالي الكارثي الخطير على كل المستويات. واليوم، كلُّ نشرات الأخبار تناولت أسعار المحروقات، والحديث يدور، منذ أشهر، عن رفع الدعم. وكنّا أوَّل فريق سياسي تقدَّم بمشروع إلى مجلس النواب لترشيد الدعم ضمن خطَّة متكاملة، بخطوات عمليّة، تحمي البلد من التهريب وهدر المال العام، وخصوصًا أنّ هناك مبالغ، بالميارات، تُهدَر سنويًّا تحت عنوان الدعم، مع الأخذ في الإعتبار الخطَّة الكاملة لحماية الأسر الأكثر فقرًا على كلِّ المستويات، سواء أكان في الدواء، أم المحروقات، أم الخبز والمواد الغذائية.
وعلى رغم النقاش السياسي والأخطار الكبرى، هذا أمر يهدِّد كلَّ اللبنانيين، وبالتالي، يجب أن يكون محطَّ إهتمام وطنيٍّ شامل. للأسف! لا نرى هذا الإهتمام، وهناك خطر على خطر، وهذا ما يهدِّدنا.
أسئلة واجوبة
سُئل عن موقفه حول المؤتمر الدولي الذي طرحه البطريرك الراعي، فأجاب: “المشكلة أنّنا، في لبنان، نذهب في مواقفنا وتصريحاتنا أحيانًا في محاكمة نيًّات، أو قراءة غلط، أو عدم قراءة. وكلُّ هذه الحالات موجودة في الحياة السياسية اللبنانية. هل سمع أحد، في لبنان، البطريرك يتحدَّث عن فصل سابع، أو عن جيوش أجنبية تأتي إلى لبنان؟ هل سمع أحد كلمة أو إشارة من البطريرك إلى هذا الأمر؟
تحدَّث عن مؤتمر دوليٍّ، وتلاقي دول مع دول أخرى معنيَّة بلبنان، تعمل لأهداف وأسباب وخلفيّات مختلفة، تلاقي كلِّ العالم، في ذاته، تدويل من دون أن يكون هناك تلاق على فكرة مؤتمر دولي، كانت في الطائف، وفي “سان كلو”، في الدوحة، وفي باريس 1-2-3، و”سيدر”، وهي قائمة على مستوى الإتّصالات الدولية، وفق ما أشرت إليه من إهتمام دولي بالوضع اللبناني”.
وسأل: “لماذا يقول البطريرك هذا الأمر؟ لأنّه قام بمحاولات حثيثة لجمع الرئيسَين. وهذا الأمر لم يكن في حاجة إلى تدخِّل أحد. إذا إلتزمنا الدستور وذهبنا إلى صيغة الوفاق الوطني والحس بالمسؤولية الوطنية، فما بالنا أن يتدخَّل رمز الكنيسة الأوّل، ويناشد عقد لقاء بين الرئيسَين من أجل الوصول إلى حكومة لإدارة شؤون البلد ومحاولة إنقاذه. كلُّ العالم، اليوم، يقول لا مساعدة للبنان ألّا إذا ألَّفتم حكومة، في وقت نقول للناس: لا نريد تأليف حكومة. إذًا، أين هي الأمانة الوطنية؟ أين هي أمانة المسؤولية الوطنية؟ لذلك، فإن طرح البطريرك فكرة المؤتمر الدولي هو محاولة لإعادة جمع اللبنانيين عبر تأثير هذه الدول، سواء بالعلاقات المباشرة، أو على مستوى القرارات الكبيرة التي يمكن أن تساعد لبنان عند تأليف حكومة. وإذا سارت الأمور وفق ما إتفقنا عليه، وخصوصًا في المبادرة الفرنسية، فلا أحد يتحدَّث عن الخروج عن وثيقة الوفاق الوطني، وعلى رأسهم غبطة البطريرك الراعي. وبالتالي، لسنا في حاجة إلى السجال أمام هذا الموقف الثابت المخلص للبطريرك. أمّا ألّا نذهب كلبنانيين إلى تفاهم، ونعطِّل كلَّ محاولات التفاهم والوصول إلى حكومة بسبب تعنُّت، وثمة من لا يريد سعد الحريري رئيسًا للحكومة، والبقية كلها تفاصيل.
رئيس الجمهورية لا يريد سعد الحريري رئيسًا للحكومة، وأنا واثق من ذلك، وعشيَّة التكليف، قيل الكلام الواضح عندما كانت الأمور سائرة في إتجاه تكليف الحريري، رسالة تحذير، أو تنبيه، أو تحميل مسؤولية لمن سيختار سعد الحريري في اليوم التالي”.
وعن سبب تكليف (الرئيس الحريري) إذا كان رئيس الجمهورية لا يريده، أجاب: “الكتل النيابية لا تعمل لدى رئيس الجمهورية. ومَن إختار سعد الحريري ليس موظَّفًا هنا أو هناك، إنّما مارس حقَّه الدستوري، والكتل التي سمَّت الحريري مارست حقَّها الدستوري، وعلى الجميع أن يخضع للدستور. وهذا حقٌّ دستوريٌّ كُلِّف بنتيجته الحريري، وبالتالي نذهب إلى التأليف.
أكثريّة نيابيّة منبثقة من إنتخابات نيابيّة سمَّت الرئيس الحريري، إنّما نحترم هذا الأمر، أو لا!
كمال جنبلاط كان يقول أنّ «حب الحقيقة علَّمني جمال التسوية»، ألا نستحقُّ، الآن، الوصول إلى تسوية في لبنان على قاعدة الدستور، وإنطلاقًا من وثيقة الوفاق في محاولة لإنقاذ البلد؟”
وعن كلام (رئيس “التيار الوطني الحر” النائب) جبران باسيل، عن شعوره بحلف إسلامي- مسيحي في وجه فريق العهد ورئيس الجمهورية، وطرح توسيع الحكومة إلى 20، ردّ العريضي: “المحاولة وُلدت ميتة. وأين المشكلة المسيحية- الإسلامية في البلد؟ هل هي في موقف «القوّات اللبنانية» من الحكم، أو الكتائب، أو رئيس “تيّار المرده” سليمان (فرنجيّه)، أو في عدد من النواب الذين إستقالوا، أو لم يستقيلوا ولكن لديهم ملاحظات عالية النبرة، وهم من المسيحيين؟ هل المشكلة الإسلامية- المسيحية تتجسّد في موقف المطران (الياس) عوده، أو في عظة المطران (بولس) عبد الساتر، أو في دعوة بكركي إلى الوفاق والتلاقي من أجل إنتاج حكومة. إنتهينا من اللعب على هذا الوتر في محاولة لشدِّ عصب. المشكلة بمعناها الإقتصادي، الإجتماعي، المالي، السياسي، لبنان الكبير يواجه مشكلة وطنية يجب أن نتصدّى لها إنطلاقًا من هذه النقطة”.
في الشهر الأوَّل للتكليف، كانت الإندفاعة قويَّة لتأليف حكومة، وكان الإصرار حاسمًا جازمًا على 18 وزيرًا، ولو وصلنا إلى إصدار مرسوم التأليف، والإصرار كان على الـ18، هل كانوا يثيرون هذه القطبة المخفيَّة وهذا، اللهم، في آخر لحظة، أو أنّ الحكومة كانت ستمرّ؟ أين إلتزام المعيار الواحد؟.
لن يكون هناك ثلث معطِّل لأحد. هذا كلام واضح، وأوَّل شخص أعلن رفضه للثلث المعطِّل، وبرسالة واضحة وبيان واضح، الرئيس نبيه بِرِّي الذي قال: «حتّى لو جئتم بثلث معطِّل لي فلن أقبل، وعندما نصل إليها نتحدث عنها». وآمل تأليف حكومة بهدوء ومسؤولية وطنية لمعالجة المشاكل”.