ستريدا جعجع: بإنتظار موقف تاريخي من الرئيس عون بإستقالته شخصيًّا وليس عبر الشارع والعلاقة مع الحريري منوطة به
إعتبرت النائبة في حزب “القوّات اللبنانية”، ستريدا جعجع، أن إسقاط رئيس الجمهورية، ميشال عون، في الشارع “خطوة غير دستورية”، لكنّها قالت “نحن بإنتظار أن يقوم الرئيس، شخصيًّا، بإتخاذ موقف تاريخي بالإستقالة”، ورأت أنّه “قبل البحث بأيِّ تغيير أو تعديل للنظام اللبناني يجب أن تبسط الدولة سلطتها على كامل أراضيها، بحيث لا يعود هناك سلاح غير شرعي خارج سلاح المؤسَّسات الأمنية الشرعية، على رأسها الجيش اللبناني، كما يجب أن تستعيد الدولة قرارها الإستراتيجي بالسلم والحرب”.
وعن علاقة “القوّات” برئيس الحكومة المكلَّف، سعد الحريري، قالت جعجع أنّ “ترميمها منوط به وبمواقفه من ملفّات أساسية كطريقة إدارة الدولة والحَوكمة، محاربة الفساد، إقرار الإصلاحات، وغيرها”.
وتطرَّقت جعجع إلى علاقة حزب “القوّات” وتحالفاته مع الأحزاب الأخرى، وقالت أنَّ تموضع حزب “القوّات” السياسي لم يختلف يومًا، “فنحن، مهما إختلطت الأوراق وتغيَّرت المعادلات على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي، تموضعنا ينبع من ثوابت نناضل لترجمتها على مساحة الوطن، وذلك لأنّنا حزب مبدئيّ يعمل للمصلحة العامة، أهمّها قيام الدولة العادلة، القوية، القادرة، الباسطة سلطتها على كامل أراضيها. وبالتالي، حليفنا الدائم الناس”.
أمّا بالنسبة لخريطة التحالفات في البلاد، “فنحن، في موقعنا، موجودون دائمًا بغضِّ النظر عمَّن يقترب منّا أو يبتعد، المهم بالنسبة لنا، فقط، هو العمل لتأمين مصالح الناس، وإحقاق المصلحة الوطنية العليا، بغضِّ النظر عن أيّ إعتبارات. ومهما إشتدَّت الظروف، نحن مستمرّون في نضالنا بما يُرضي ضميرنا الوطني من أجل الوصول إلى هذه الأهداف، ولنا في تاريخنا أمثلة كثيرة تُظهر مدى إلتزامنا بقضية لبنان (الجمهورية القوية)، وإصرارنا على الكفاح من أجل تحقيقها”.
وما إذا كانت تعتبر أن “القوّات”، اليوم، هو الحزب الأقوى بين الأحزاب المسيحية، ولماذا؟ وهل سيشارك في الإنتخابات الفرعية إذا حصلت؟
قالت: “المرجع الصالح لتحديد من هو الحزب المسيحي الأقوى هو الناس، مع التأكيد أنّ مسعانا وعملنا السياسي كان هدفه، وسيبقى، حرِّيّة وسيادة وإستقلال لبنان. لذا، نتَّخذ مواقفنا وقرارتنا السياسية في (القوّات) بحسب ما يمليه علينا ضميرنا، وما تقتضيه المصلحة الوطنية بعيدًا عن الحسابات الشعبوية، ونسعى دائمًا لإيجاد قواسم مشتركة مع الأحزاب السيادية الأخرى من أجل إنقاذ لبنان من القعر الذي هو فيه اليوم.
أمّا بالنسبة لمشاركتنا في الإنتخابات الفرعية، فهذا بالنسبة لنا واجب وطني، وسنشارك في حال أُجريت، إلّا أنّ مسألة كيفية مشاركتنا فنقرِّرها ونعلن عنها بعد التباحث في الهيئة التنفيذية في الحزب وفي تكتُّل “الجمهورية القوية”.
وعن موقف “القوّات” من “العهد” ورئيس الجمهورية، ولماذا لا يخطو الحزب بإتجاه رفع مطلب إسقاط عون، وإلى أيِّ حدٍّ يرتبط هذا الأمر بكونه الموقع المسيحي الأوّل؟
قالت جعجع: “نحن دستوريون وجمهوريون، ونؤمن بالمؤسَّسات ولسنا إنقلابيين. لذا، نتَّخذ قراراتنا بحسب ما يمليه الدستور وما تنصُّ عليه القوانين، كما أنّه عندما كان يجب أن نستقيل من الحكومة أقدمنا على ذلك، وعندما كان يجب ألّا نستقيل من مجلس النواب قمنا بذلك أيضًا. إنَّ إسقاط رئيس الجمهورية في الشارع خطوة غير دستورية وغير قانونية. وفي هذا الإطار، نحن بإنتظار أن يقوم الرئيس، شخصيَّا، بإتِّخاذ موقف تاريخي بالإستقالة والدعوة لإنتخابات نيابية مبكِّرة. أمّا بالنسبة للكلام عن أنَّ ذلك مردّه لأنّ رئاسة الجمهورية هو الموقع المسيحي الأوّل، فنؤكِّد أنّ موقفنا ينطلي على جميع المواقع الأخرى، إن كان: رئاسة مجلس النواب، أو رئاسة الحكومة، أو أيّ موقع دستوري قانوني آخر”.
وتحدَّثت النائبة ستريدا جعجع عن طلب البطريرك الماروني بشارة الراعي، من الأحزاب، تقديم ورقة حول ملاحظاتها أو الثغرات التي تحتاج لتصحيح، في النظام اللبناني، لتقديمها للأمم المتحدة، وقالت: “هذه الخطوة مهمَّة وأساسية بالمرحلة المقبلة، إلّا أنّنا نَعتبر، كحزب سياسي، أنّه قبل البحث بأيِّ تغيير أو تعديل للنظام اللبناني يجب أن تبسط الدولة سلطتها على كامل أراضيها، وتكون حصرية إستعمال القوّة بيدها، بحيث لا يعود هناك سلاح غير شرعي خارج سلاح المؤسَّسات الأمنية الشرعية، على رأسها الجيش اللبناني، كما يجب أن تستعيد الدولة قرارها الإستراتيجي بالسلم والحرب. أمّا مردّ موقفنا هذا فهو أنّه، عند البحث بتغيير أو تعديل النظام، يجب أن يكون هناك تكافؤ ومساواة بين جميع الأفرقاء اللبنانيين، بإعتبار أنّه لا يمكن البحث بأمر مهم كهذا في ظل إستقواء فريق من اللبنانيين بسلاحه وبإحتكاره لقرار الدولة الإستراتيجي على الآخرين. وأغتنم الفرصة لأشدّ على يد البطريرك الراعي بكلّ مواقفه ومسعاه لتثبيت السيادة والحرية في هذه البلاد. ويجب أن يعلم الجميع أنّ بكركي لا تتحرَّك إلّا عندما يكون هناك خطر كبير يتربَّص بالبلاد، وهذا ما رأيناه، عبر العصور، مع البطاركة الموارنة، ويُكمل، اليوم، الراعي، على المدى البعيد، ما كان يناضل ويكافح ويقاوم ويستشهد في سبيله أسلافه عبر العصور، أمّا على المدى القصير، فيُكمل ما بدأه البطريرك الراحل، نصر الله صفير، الذي ناضل، طيلة حياته، لإستعادة الإستقلال والحرِّيّة والسيادة، بحيث لا يمكن أن ننسى البيان الشهير للمطارنة الموارنة، عام 2000، الذي أعلن بداية مسيرة الإستقلال الثاني، ونحن، كما كنّا دائمًا، مستمرّون بإلتزامنا التام بخطِّ بكركي ومساندة سيِّد الصرح”.
وسألنا جعجع: هل رئيس “القوّات”، الدكتور سمير جعجع، مرشَّح طبيعي للرئاسة، أم سيكتفي بالدور الذي قام به عند إنتخاب عون، وإعتبره البعض، حينها، أنّه بات من صانعي الرؤساء؟
فقالت: “نحن، كحزب سياسي، تتمحور إهتماماتنا، اليوم، حول كيفية إنقاذ الجمهورية، وأن نحصِّنها ونقوِّيها ونمكِّنها، لأنها، اليوم، في حالة إنهيار شبه تام، وعندما نصل، بعد نجاحنا بهذه المهمّة، إلى مسألة رئاسة الجمهورية عندها لكلِّ حادث حديث”.
وردّت على سؤال حول فشل الأحزاب المعارضة في تشكيل جبهة موحَّدة بعد سقوط فريق “١٤ آذار”، فقالت: “إحدى أهمّ المزايا التي نراها، ما بين القوى السيادية في لبنان، التعدُّدية والديمقراطية؛ أنّ لكلِّ فريق قراءته، ونظرته للواقع، ولسبل الحلّ والخروج من الأزمة. ونحن واجبنا، كحزب سياسي بفضل التمثيل الشعبي والنيابي الذي نتمتَّع به، أن نحاول تقريب وجهات النظر بين هذه الأفرقاء، ونعمل على إيجاد أرضية مشتركة بينها للعمل على توحيد صفوفها، وهذا ما نقوم به اليوم.
ومن هذا المنطلق، نجد أنّ الأرضية المشتركة الوحيدة التي يمكن إيجادها اليوم، بين هذه القوى، هي مطلب الإنتخابات النيابية المبكِّرة التي من شأنها الإتيان بالتغيير الحقيقي عبر فرزها لأكثرية تعبِّر عن آراء الناس وتطلّعاتهم، ما سيمكِّنها من إستعادة الثقة الشعبية بالدولة، والثقتَين العربية والدولية المفقودتَين اليوم، ما يتيح أمامها فرصة كبيرة للعمل على إنقاذ لبنان، بإعتبار أنّه من دون الثقة لا إمكانية لتغيير الأمر الراهن، المتردّي، من قِبَل أيّ قوة سياسية”.
وتحدّثت جعجع عن علاقة حزب “القوّات” بالرئيس سعد الحريري، وما إذا كانت قابلة للترميم في المرحلة المقبلة، فقالت أنّ ترميمها منوط بالحريري، وبمواقفه من ملفات أساسية: كطريقة إدارة الدولة والحَوكمة، ومحاربة الفساد، وإقرار الإصلاحات، وغيرها. “فنحن، كحزب سياسي، موجودون في موقعنا بشكل دائم، بغضّ النظر عن أيّ إعتبارات أخرى، ويدنا ممدودة لكلّ من تتوافق طروحاته، ومبادئه، وتطلّعاته، ومشروعه للدولة مع تطلّعاتنا، ورؤيتنا، ومرامينا، فكيف بالحري إن كان الرئيس الحريري”.
وعن مدى تعويل “القوّات” على مواقف البطريرك الراعي لإحداث تغيير في لبنان، لا سيّما حيال سلاح “حزب الله”، قالت: “غبطة البطريرك لم يذهب بإتِّجاه المرجعية الدولية، عبر الدعوة إلى مؤتمر دولي برعاية الأمم المتّحدة، إلّا بعدما إستنفد كلَّ الوسائل الممكنة من أجل إحداث إختراق في حائط الأزمة، ولم يفلح، كما أنّ إندفاعته السريعة والثابتة والصلبة هذه مردُّها إلى أمرَين ملحَّين: الأول، هو الجوع والعوز والفقر الذي يجتاح لبنان جرّاء الأزمة الاقتصادية- المالية- النقدية. وعلى هذا الصعيد، حاول البطريرك القيام بوساطة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلَّف لتسريع تأليف حكومة أخصّائيين مستقلّين لإخراج البلد من الأزمة، ولكنّه لم يُوفَّق في ذلك، ولا يزال التأليف معطَّلًا حتى اليوم.
أما الأمر الثاني، فهو الإنقلاب على الدولة بما تمثِّل من لبنان الكيان، والصيغة، والشراكة، وجسر العبور، والدولة المدنية الذي إستشعر به البطريرك، ونعيشه اليوم على كافّة محاور حياتنا الوطنية”.
وأضافت جعجع: “إنّ بكركي طالما كانت تطرح عبر التاريخ عناوين وطنية كبيرة، إلّا أنّه يجب ألّا نغفل الشقَّ الإنساني، اليوم، من طرح غبطته الذي يعتبر أنّه لا يمكن أن يكون سيِّد هذا الصرح الجامع ويقف موقف المتفرِّج إزاء تجويع الناس ودفعهم نحو الهجرة التي تتزايد نسبتها، خاصّة بعد إنفجار مرفأ بيروت، ولكن هناك حقيقة لا يمكن لأحد نكرانها، وهي أنّ الأكثرية الحاكمة، اليوم، هي من أوصلت البلاد إلى البؤس الذي نعيشه، ورغم كلّ ذلك مدّ البطريرك يده، إلّا أنّ مبادرته ومسعاه قوبلا بعدم التجاوب.
بكركي صوت لبنان، ولا يمكن لسيِّدها إلّا أن يأخذ ما يأخذه، اليوم، البطريرك الراعي من مواقف. فهو، اليوم، خير خلف لخير أسلاف، كانوا دائمًا صوت الجميع، وليس صوت فئة واحدة، وهذا ما ظهر، جليًّا، في التجمُّع الذي أُقيم في ساحة الصرح دعمًا لمواقف البطريرك، السبت الماضي، حيث شارك لبنانيون من كافة المناطق ومن كافة المشارب والمذاهب اللبنانية بشكل عفوي في هذا التجمّع”.
الشرق الأوسط