“الجمهورية الثالثة” وجبهة لمواجهة السلطة.. الجميّل: حزب الله مهّد للتطبيع وباسيل كان همه الغاز والنفط

“الجمهورية الثالثة” وجبهة لمواجهة السلطة.. الجميّل: حزب الله مهّد للتطبيع وباسيل كان همه الغاز والنفط

النائب المستقيل ورئيس حزب الكتائب، سامي الجميّل، يكشف جملة من معلومات جديدة تتعلق بتشكيل الحكومة وزيارته إلى موسكو مؤخّرًا، ويهاجم بقوة السلطة الحاكمة الحالية وعلى رأسها رئيس الجمهورية، ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، بالإضافة إلى حزب الله.

في مقابلة حصرية مع “عربي بوست”، تحدّث الجميّل عن الأوضاع الراهنة التي يمرّ بها لبنان وعن موقفه، وموقف الحزب، عن التغيّرات المتسرّعة التي تشهدها السّاحة اللبنانية.

أزمة الجيش اللبناني

شدّد الجميّل على أهمية الجيش اللبناني، إستنادًا إلى خطاب قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، الذي هاجم فيه السلطة السياسيّة وحمّلها مسؤولية تجويع الناس وإيصال البلد إلى هذه الحال السيئة. وأكّد أنّ المؤسّسة العسكرية هي الوحيدة، اليوم، التي تحمي الشعب اللبناني وتحافظ على وحدة لبنان، وقائد الجيش متخوّف على وحدة المؤسّسة الوطنية الأخيرة المتماسكة.

التحركات الأخيرة تستغلها قوى سياسية

وفيما يخصّ التحرّكات الأخيرة والتظاهرات في عدّة مناطق لبنانية، خصوصًا الأسبوع الأخير، أوضح الجميّل أنه منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول، شارك الحزب في هذه التظاهرات إلى جانب الشعب المنتفض على السلطة السياسية، مطالبًا بالتغيير وإسقاط المنظومة السياسية الحالية.

وأضاف أنّه، في التحرّكات الأخيرة، هناك جهات سياسية إخترقت هذه التحرّكات نسبة إلى الشعارات التي رُفعت، وهي مختلفة عن شعارات 17 تشرين، لذا تحفَّظ حزبه عن النزول إلى الشارع؛ “منعًا لتنفيذ أجندة سياسية معينة”، على حد قوله.

وحول التوقّعات بإحتمالية إنفجار الشارع اللبناني، وإحداث هزّة أمنية بالتزامن مع الإتفاق الإيراني-الأمريكي الجديد، قال أنّ هذا السيناريو بعيد في هذه المرحلة، لأنّ ما شهده لبنان من إحتجاجات كان عبارة عن “400 عنصر حزبي، في مختلف المناطق اللبنانية، وهذا ليس جوّ الشارع اللبناني المنتفض”. وتابع بالقول أن الشارع اللبناني عبّر بطريقة حضارية وسلمية معاكسة للأحداث الأخيرة.

وأكّد أنّ “الشعب اللبناني موجوع، ومن حقّه أن يعبّر عن هذا الشعور”، متوقّعًا عودة الشعب اللبناني إلى الشارع للمطالبة بالتغيير بمعزل عن التدخّلات الدولية والإقليمية، وأنّ محاولة إشعال الشارع من قِبل السطلة السياسية، في الأسبوع الأخير، باءت بالفشل.

“نحن في المعارضة”

وعن الإتّهامات التي تُوَجّه لهم بكونهم شاركوا في السلطة منذ عقود، وهُم جزء من المنظومة، يوضّح الجميّل أنّهم في المعارضة منذ عام 2015، عندما إستقالوا من الحكومة بعد تظاهرات “طلعت ريحتكم”، حين إنتفض الشعب اللبناني على الحكومة بسبب أزمة النفايات.

التدويل لا يعني وصاية دولية

وعلَّق الجميّل على خطاب البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، عالي النبرة واللجوء إلى التدويل، قائلًا أنّ للتدويل معاني كثيرة؛ فهو، من فريق معيَّن، يُستخدم للتخوين، ومن فريق آخر يُستخدم للمزايدة على الآخرين.

وأوضح أنّ من الضروري تحديد المقصود من التدويل، متسائلًا بإستنكار: “هل مؤتمر سيدر يُعتبر تدويلًا أم لا؟ ماذا عن مؤتمر دعم لبنان الذي دعا إليه (الرئيس الفرنسي) ماكرون عقب إنفجار المرفأ؟ ماذا نعني بكلمة تدويل؟”

وأضاف: “إذا كان التدويل يعني وصاية دولية توقف عمل المؤسسات وتعمل مبدأ الإنتداب، فهذا أمر لم تشهده أي دولة، في العالم، بعد. أما إذا كان التدويل معناه أخذ هذه المنظومة السياسية برعاية دولية، وتجتمع لعقد تسوية جديدة على حساب الشعب اللبناني، فنحن نرفض ذلك، لأنهم لا يأتمنون هذه السلطة السياسية بتأمين مستقبل الشباب والبلد”.

ما هو الحل في لبنان؟

وفي رأي الجميّل، لبنان بحاجة إلى أمرين:

  • الأوّل، هو أن يكون هناك قرار دولي بتنفيذ القرارَين الصادرَين عن مجلس الأمن الدولي المتعلّقَين بلبنان، وهما 1595 و1701، واللذين يطالبان بحصر السلاح بيد الدولة، ومنع أي دولة من التدخّل بشؤون لبنان، ومنع إيران من إرسال المال والسلاح إلى الداخل اللبناني، ومنع أيّ طرف آخر، غير إيران، أيضًا. وكذلك حماية لبنان وسيادته وإستقلاله وحدوده.
  • أمّا الأمر الثاني، فهو أنّه على الشعب اللبناني أن يتحمّل مسؤوليته أيضًا، وعدم الإتّكال على الآخرين، وإستكمال الإنتفاضة الشعبية السياسية الإنتخابية، ومنع أيّ محاولة لخطف لبنان مجدّدًا، عبر إلغاء الإنتخابات النيابية التي تسمح للشعب اللبناني بالتغيير السلمي.
تأجيل الانتخابات

وأشار إلى أن لديه معلومات تؤكّد أنّ هناك تخطيطًا جدّيًا لتأجيل الإنتخابات النيابية لمنع الشعب اللبناني من إعطاء كلمته بهذه المنظومة المترابطة المتحالفة على قاعدة “الميليشيا والمافيا”. الميليشيا –في رأيه– هي حزب الله، والمافيا هي المنظومة السياسية المتعاونة معه والمستسلمة له، والتي إنتخبت له رئيسًا للجمهورية، هو ميشال عون، على حد قوله.

وشدّد على أنّ كل هذه المنظومة مترابطة بعضها مع بعض، وبحسب الجميّل فإنّ الأحزاب، المتخاصمة فيما بينها، إلتقت بعيدًا عن الإعلام في محاولة للبحث عن آليات عملية وحجج دستورية لإلغاء الإنتخابات، لأنّها باتت تدرك أنّ اللبنانيين سيحاسبونها في صناديق الإقتراع في أوّل فرصة.

مَن المسؤول عن إنفجار بيروت؟

وحول ملف إنفجار مرفأ بيروت، يحمّل الجميّل، من خلال حزب الكتائب، السلطة مجتمعةً مسؤولية هذه الكارثة التي دمّرت أهمّ عواصم المنطقة، حسب تعبيره.

ويؤكد أنّ الجميع يعرف من يملك هذه المواد التي انفجرت، مشيرًا إلى أنّ حزبه جزء من الدعوى المقامة ضدّ الدولة اللبنانية التي تتصرّف دون خجل في هذا الملف، والتي عزلت القاضي صوّان عن متابعة القضية.

ويرى أنّ وسائل الإعلام بذلت جهدًا إستقصائيًّا كبيرًا يُثبت لمن ترجع هذه المواد التي إستُجلبت إلى لبنان، ويجب الإنطلاق من هذه التحقيقات الإعلامية والصحفية لمتابعة سير التحقيق.

مستقبل المبادرة الفرنسية

وقال الجميّل أنّ الطبقة السياسية الحاكمة تمكّنت من إدخال الإدارة الفرنسية فيما سمّاه: “وحل السياسة اللبنانية” القائمة على التحاصص.

ويرى أنّ فرنسا هي الدولة الوحيدة المهتمة بلبنان، وأنّ المجتمع الدولي والدول العربية لم يعد لبنان مهمًّا لها، بسبب فساد الطبقة السياسية. لذا، فإنّ ما يجري هو في إطار إعادة تعويم المجموعة الحاكمة على حساب الناس، على حد قوله.

ويؤكد أنّ الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، لن يعود للبنان قبل أن يلمس تغييرات في تعاطي الأطراف السياسية التي خذلته ولم تفِ بوعودها، مشيرًا إلى أنّ هناك إرادة جدّية تقضي بالسماح بتحمُّل لبنان، لأهداف خارجية.

الجمهورية الثالثة

وحول خطاب حقوق المسيحيين، يجيب الجميّل بأنّ معاناة المسيحيين في لبنان هي معاناة المسلمين نفسها، وإستخدام خطاب حقوق المسيحيين هدفه التهرّب من فشل الأحزاب المسيحية، لأنّ خطابهم لم يعد يقنع قواعدهم الحزبية. لذا، يلجأون إلى الخطاب الطائفي.

وحول تهرُّب الأحزاب المسيحية من مطالبة رئيس الجمهورية، ميشال عون، بالإستقالة، يؤكد الجميّل أنّه مع إستقالة عون ومع إستقالة مجلس النواب، وذلك لتغيير وتعديل النظام السياسي على قاعدة جمهورية ثالثة، وفق قواعد تذهب بلبنان إلى نموذج الدولة المدنية، وتبدأ من إلغاء الأحوال الشخصية الطائفية، والعمل على إقرار قانون أحوال شخصية مدني.

وحول طرح البطريرك الراعي بضرورة الحفاظ على إتفاق الطائف، يؤكّد الجميّل أنّ “الكتائب” لا يتفق مع هذا الطرح، “لأنّنا بحاجة لدولة قوية وقادرة وفق طرح جديد”.

ترسيم الحدود وإسرائيل

وفي ملف ترسيم الحدود يجيب الجميّل بأنّ حزب الله هو من فتح الباب للتطبيع مع إسرائيل منذ سنوات عبر وسطاء ألمان.

وبحسب الجميّل، فإن رئيس البرلمان، نبيه بِرّي، بتكليف وغطاء من الحزب، أجرى تواصلًا مع واشنطن لإستكمال ملف ترسيم الحدود وتأمين الحوار مع إسرائيل منذ عام 2007، وحزب الله يزايد على اللبنانيين بالمقاومة، فيما هو يخدم مشروعًا خارجيًّا لا يعنيه لا فلسطين ولا لبنان، وسيستخدم سلاحه ورقة في التفاوض بين واشنطن وطهران.

وحول ملف التطبيع مع إسرائيل في ظلّ موجات التطبيع العربية، يرى الجميّل أنّ لديهم مشاكل عديدة مع إسرائيل، أهمّها اللاجئون الفلسطينيون والحدود، ويجب إجراء تفاوض حقيقي لتحقيق مصالح اللبنانيين التي تبدأ بترسيم الحدود البحرية لضمان الثروة اللبنانية، والثانية حول عودة اللاجئين الفلسطينيين ومنع توطينهم.

الأصل –بحسب الجميّل– وقف الحرب، فالعالم متّجه للسلام و”لماذا علينا البقاء رهينة حروب حزب الله وإيران في المنطقة؟!”

وحول صفقة القرن، يجيب الجميّل بأنّ هناك مبادرةً إسمها المبادرة العربية، أجمع العرب عليها في بيروت عام 2002، و”نحن معها، بما يحفظ حقوقنا جميعًا”.

اللاجئون السوريون

وفي الملف السوري وقضية النازحين وإستخدامها في خطاب العنصرية المتزايد، يجيب الجميّل بأنّه ضد هذا الخطاب الذي يُستخدم للتحشيد المذهبي والطائفي، بسبب الخسائر التي تعيشها الأحزاب. لذا، يجب تأمين عودة آمنة للنازحين والسوريين.

وكشف الجميّل أنّه زار موسكو وإلتقى مبعوث الرئاسة، ميخائيل بوغدانوف، وتناقش معه حول ملف النازحين، وعبَّر له عن ضرورة أن تقوم موسكو مع المجتمع الدولي بتأمين عودة آمنة للنازحين، لكون روسيا هي القائمة على نظام الأسد.

ووفق الجميّل، فإنّ هذا الملف مرتبط بوزارة الخارجية التي تحوّلت، في هذا العهد، لوزارة أشباح لا تمتلك أيّ قدرة دبلوماسية لمعالجة أيّ ملف، وإنّ خسائر لبنان الدبلوماسية باتت لا تعدّ ولا تحصى، على حد تعبيره.

جبهة جديدة للمعارضة

ويرى الجميّل أن الوزير جبران باسيل كان همُّه الوحيد في ظلّ توليه وزارة الخارجية، التفاوض على ملف الغاز والنفط.

ويكشف أنّه ومعظم مجموعات الثورة، التي خرجت من رحم ثورة 17 تشرين، يحضّرون لجبهة سيُعلن عنها بداية الشهر القادم، بهدف مواجهة السلطة والتحضير للإستحقاقات الإنتخابية القادمة في كل المناطق اللبنانية. وأوضح أنّ الجبهة الجديدة تضمّ شخصيات وطنية معارضة وموثوقة، وستحقّق رقمًا في المشهد اللبناني.

ويرفض الجميّل شيطنة حزبه، ويجيب بأنّ “جزءًا كبيرًا من اللبنانيين، يصل لـ90%، كان ينتمي إلى أحزاب سياسية، ونحن اليوم على تماس مع 90% من المعارضة الحقيقية لهذه المنظومة الحاكمة”.


Spread the love

MSK

اترك تعليقاً