قيومجيان: العهد مختلف مع معظم اللبنانيين والعلاقة مع الرئيس بِرّي “ما تهزّو واقف عَ شوار”
أكّد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية”، ريشار قيومجيان، أنّ أيّ سلطة تفشل في إدارة بلادها عليها أن تستقيل، لكنّه أشار إلى أنّ الرئيس ميشال عون لن يستقيل، ويحمى نفسه من الإسقاط في الشارع، موضحًا: “لا يمكن تشبيه عون بالرئيس بشارة الخوري الذي سقط بالشارع، فيومها لم يكن هناك «حزب الله» وسلاحه الذي يحمي الرئيس كما هو قائم اليوم”.
في مقابلة عبر “لبنان الحر”، شدّد قيومجيان على أنّه لا يكفي أن يستقيل رئيس الجمهورية من دون وجود خارطة طريق. إذ حينها، يجتمع مجلس النواب وينتخب رئيساً آخر من الفريق نفسه، وهذا لن يجدي نفعًا، مضيفًا: “لذا، المطلوب إعادة إنتاج السلطة عبر إنتخابات نيابية مبكرة تفرز مجلسًا نيابيًّا جديدًا، وإنتخاب رئيس جديد، وتشكيل حكومة جديدة”.
تشريع من هنا وآخر من هناك لن يفي بالغرض
وعن عدم مشاركة تكتّل “الجمهورية القوية” في جلسة مجلس النواب الأخيرة، قال قيومجيان: “أردنا تسجيل موقف، ورسالتنا واضحة أنّه آن الأوان لمعالجة الأمور برؤية واضحة ومتكاملة، لا بتشريع من هنا وآخر من هناك، فالأمر لن يفي بالغرض. نحن مع تشريع الضرورة، لا مع طرح المشاريع على جدول الجلسات وفق مزاجيّتهم، مع التأكيد أننا مع قرض دعم الأسر الأكثر فقراً، وكنّا ندرك أنه سيمرّ”.
تابع: “المشكلة الكبرى هي الأزمة الوجودية، التي يعاني منها لبنان كما قال الحبر الأعظم الباب فرنسيس، والأزمة الحياتية. نحن نضمّد الجروح، ولا نعالج المرض القائم المتمثّل بغياب حكومة منتجة وسلطة فاعلة تحظى برضا شعبها وبثقة المجتمع الدولي والدول المانحة. السطلة القائمة بحاجة إلى هزّة ضمير، والحل لا يكون بالتشريع، إنّما بتشكيل حكومة إختصاصيّين مستقلّين وبإنتخابات نيابية مبكرة”.
وردًّا على سؤال أنّه طالما يريدون التغيّب عن الجلسة التشريعية، لماذا لم يستقيلوا من مجلس النواب؟ أجاب: “نحن، اليوم، في عملية مواجهة، ويحقّ لكلّ منّا أن يرى المواجهة على طريقته. نحن نتصرف وفق قناعاتنا، ونعتبر أنّ جزءًا من المواجهة يتمّ من مجلس النواب. لذلك، لا نجد أنّ هناك جدوى من الإستقالة في الوقت الحالي. نحن لدينا كتلة من 15 نائبًا، حصلوا على ثقة الناخبين عبر أصواتهم بصناديق الإقتراع، ولا يمكن أن نفرّط بها، أو أن نُقدِم على خطوة الإستقالة من دون وجود رؤية، ومن دون أن تحظى هذه الإستقالة بفعالية. لن نمنح هذه الورقة للسلطة القائمة”.
أضاف: “أذكّر أنّنا كنّا في مجلس النواب رأس حربة في مواجهة تمرير قانون إنتخاب جديد يقوم على لبنان دائرة إنتخابية واحدة، ويعطي الغلبة للعدد، ويسلّم البلاد لحزب الله. كما بادرنا في طرح قانون بشأن السرية المصرفية —فيما الحرب كانت على أشدّها بين وزيرة العدل وحاكم مصرف لبنان— من أجل تسهيل التدقيق المالي الجنائي. نحن نوقّت مشاركتنا في جلسات مجلس النواب أو مقاطعتنا”.
لن نرضى “الترقيع” والمسّ بالإحتياطي الإلزامي
وأكّد قيومجيان أنّ “القوّات” ليست، بالمبدأ، ضدّ سلفة للكهرباء، أو إعطاء زيادة للعسكر، ولكن مِن أين ستتأمّن هذه الأموال؟ أردف: “إن كان ممّا تبقّى من الإحتياطي في مصرف لبنان، فنحن، حكمًا، سنكون ضدّ. لن نرضى المسّ بالإحتياطي الإلزامي، أي بما تبقّى من ودائع اللبنانيين. هذه حلول وقتية، ربّما قد توفّر الكهرباء لشهر نيسان، ولكن ماذا بعد؟!”
تابع: “هذه حلول «ترقيعية». أين ترشيد الدعم الذي نطالب به منذ سنة ونصف السنة؟! أين إجراءات وقف التهريب؟! 80% من الدعم يذهب بالتهريب أو لجيوب التجّار لا للعائلات المحتاجة فعلًا!”
وردًّا على سؤال عن قول النائب، علي حسن خليل، أنّ القرض المرتبط بدعم الأسر الأكثر فقرًا أُقرّ مع البنك الدولي، رغم عدم وجود “داتا” بالمستفيدين، أجاب: “بالطبع، هناك «داتا»، للعائلات الأكثر فقرًا، موجودة في وزارة الشؤون الإجتماعية، لكنّها كانت تشمل نحو 43 ألف عائلة. فنسبة الفقر في لبنان كانت تقارب 25% قبل سنتين، أمّا اليوم فهي تخطّت 65%. هناك معايير لقياس الفقر، والنسبة إرتفعت وفقًا للظروف. لذا، العائلات الجديدة يجب أن تُضاف بعد خضوعها للتقييم والتدقيق بها، والأمر يخضع لمراقبة شديدة من البنك الدولي ومنظّمة الغذاء العالمي”.
جوهر المشكلة وجود سلطة سيئة تدير البلاد
قيومجيان، الذي أشار إلى أنّنا نعيش الإنهيار على كل المستويات، أكانت: إقتصادية أو صحية أو إجتماعية أو مالية، أكّد أنّ جوهر المشكلة وجود سلطة سيئة، على عاتقها إدارة الشأن العام للبلد، مذكّرًا: “إنّنا، كقّوات لبنانية، أعلنّا —خلال مشاركة الدكتور سمير جعجع في المؤتمر الإقتصادي الذي عُقد في بعبدا في 2 أيلول 2019— أنّ إنقاذ البلاد لا يمكن أن يتمَّ في ظلّ السلطة القائمة، أي الثنائي «حزب الله- أمل والتيار الوطني الحر» المتحكّم بالبلاد، وحلفائهم. كنّا سبّاقين بالدعوة، منذ ذلك التاريخ، لتشكيل حكومة إختصاصيّين مستقلّين، وقد تبنّى هذا الطرح، في ما بعد، حراك 17 تشرين والمبادرة الفرنسية”.
تابع: “مع رفضهم هذا الحل، أي تشكيل هكذا حكومة، طرحنا حلًّا آخر يقوم على إعادة إنتاج السلطة عبر إجراء إنتخابات نيابية مبكرة. هذا الطرح يعرقلونه أيضًا. في الخلاصة، هذا العهد مختلف مع معظم اللبنانيين من «القوّات اللبنانية»؛ والرئيس سعد الحريري؛ ورئيس اللقاء الديمقراطي، وليد جنبلاط؛ ومع «المردة»؛ علاقتهم مع الرئيس، نبيه بِرّي، «ما تهزّو، واقف عَ شوار». أبعد من ذلك، أصبح الفرنسيون يسمّون الرئيس عون وصهره بالإسم، حتى روسيا تقول لهم لا للثلث المعطِّل. فأين يعيش هذا العهد؟!”
وردًّا على سؤال عن إنتقاد بعضهم دعوة البطريرك الراعي لمؤتمر دولي برعاية الأمم المتّحدة لدعم لبنان، قال: “عندما يذهبون إلى إجتماعات الناقورة، برعاية الولايات المتّحدة ويتفاوضون مع إسرائيل، ليس الأمر تدويلًا؟ مؤتمر الدوحة، وقبله مؤتمر الطائف، ليس تدويلًا؟ البطريرك الراعي يئس، وفقًا للواقع القائم، من إمكان تشكيلهم حكومة إنقاذ ومن سيرهم، جديًّا، بالمبادرة الفرنسية، وأعلن، بصرخته، أنّه لم يبق أمام اللبنانيين إلّا طلب النجدة من المجتمع الدولي”.
أردف: “بين إيران وحزب الله والرئيس عون وصهره، «من هالك إلى مالك إلى قبّاض الرواح»، يواصلون التعطيل على حساب وجع الناس الجائعة والمنهكة. المشكلة بحسابات ما بعد عهد عون وبمساعي جبران باسيل الرئاسية بأيّ ثمن، بينما الناس في «غير محلّ» وكل ما يهمّها هو أمورها الحياتية”.
رغم ذلك، إعتبر قيومجيان أنّه ما زال حلّ الأمور بيدنا، إذ يستطيع رئيس الجمهورية المبادرة مع الرئيس المكلَّف لتشكيل حكومة، مضيفًا: “هناك رغبة بتأليف الحكومة لدى الرئيس سعد الحريري وفق روحية المبادرة الفرنسية، وإلّا لِما بادر وطرح نفسه مرشّحًا. نحن بحاجة لنموذج آخر مختلف عن حكومات محاصصة التي إعتدنا عليها، بحاجة إلى حكومة تتكوّن، بالجوهر، من إختصاصيين مستقلّين. فأي تسوية سياسية تنتج حكومة محاصصة ستوصلنا إلى إنهيار أكبر من الذي نعيشه. عندما تختلط الأمور في أذهان البشر، عليهم أن يعودوا إلى أرض الواقع وإلى المبادئ، المخرج من المشكلة يبدأ بتشكيل حكومة إنقاذ فعلية بعيدة عن الألاعيب السياسية، وهذا هو طرحنا، وهذا هو المدخل للخلاص”.