القضاء والقدر…. والمرفأ
كتب عوني الكعكي:
دخلنا في السنة الثالثة من تاريخ تفجير المرفأ في 4 آب عام 2020.. ولا نزال حتى هذه اللحظة «نلف وندور» وأهل الشهداء الذين يبلغ عددهم 224 شهيداً غير الذين أصيبوا بجروح وكسور وخلافه، مع 300 ألف لبناني هجروا من بيوتهم، وعدد كبير منهم هاجروا من لبنان الى أوروبا وإلى بلاد العالم الواسعة.
أهالي تلك المنطقة المنكوبة ومنذ لحظة التفجير يعانون الأمرين لفقدان أحبّة لهم وأقرباء وأهل وهجّروا من منازلهم وهم يصرخون بأعلى أصواتهم يطلبون العدالة من المسؤولين ولكن لا حياة لمن تنادي…
فلا يمر يوم إلاّ والأهالي يتابعون هذه القضية بشتى الوسائل.. ولكن للأسف من دون أي نتيجة.
وعود واتهامات وتبادل تهم وبعض المسؤولين في السجون عن حق أو من دون وجه حق، والنتيجة واحدة إذ لم يتوصّل المسؤولون الى شيء يشفي قلوب ذوي الشهداء والجرحى والمهجّرين.
بكل صراحة حتى هذه اللحظة لا نسمع إلاّ كلاماً غير مفهوم، والأهم هو السؤال: مَن فجّر المرفأ؟
هل صحيح ان الطائرات الاسرائيلية هي التي فجّرت المرفأ؟ وهل صحيح ان هناك تصريحاً لرئيس الأركان الاسرائيلي قبل التفجير بأيام، يهدّد فيه لبنان ويحذر من أنّ «الحزب» يستورد أسلحة ومتفجرات عن طريق مرفأ بيروت… وأنّ المرفأ أصبح هدفاً عسكرياً للطائرات الاسرائيلية يجب تدميره؟
وهل صحيح أيضاً ما قالته جريدة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية إنّ الطائرات الاسرائيلية قامت بغارة على مرفأ بيروت دمّرت خلالها مخازن أسلحة لـ»الحزب»؟
والسؤال الأكبر ينحصر في قبرص حيث توجد أهم قاعدة لبريطانيا في المنطقة.. والرادارات ترصد الكثير من تحركات أي طائرة أو خلافه في الجو كله، فالجوّ مراقب ومستحيل أن يخفى شيء عن القاعدة العسكرية التي تمتلك أهم الرادارات في العالم.
هناك أيضاً رادارات في سوريا تابعة لأميركا حيث توجد قاعدة من أهم القواعد لها في منطقة الشرق الأوسط.
وماذا عن الروس الذين جاؤوا الى سوريا ومعهم قسم كبير من الاسلحة المتطوّرة وخاصة منظومة «S-300» التي تعتبر من أهم قواعد الصواريخ التي تعتبرها روسيا أهم إنجاز عسكري في عالم الصواريخ وتلك الرادارات تستطيع أن تكشف وتسجّل حتى الطيور التي تطير في الجو؟
كل هذه الحقائق واضحة، والغريب العجيب ان أحداً لم يعطِ السلطات اللبنانية أي معلومات عمّا حدث في المرفأ.
المصيبة ان السلطات اللبنانية ذهبت الى القضاء…
والقضاء كما نعلم بالرغم من وجود عدد كبير من القضاة غير المسيّسين، لكن ليس لديهم أي معلومات وغير مسموح لهم بالوصول الى الحقيقة.
أكثر من قاضٍ دخل الى هذا الملف ولكن يبدو ان هناك حائطاً مسدوداً يمنع الوصول الى المعلومات.
وبدل أن نحصل على حقيقة ما جرى جعلونا نتلهّى بقضية جديدة وهي: طالما يوجد محقق عدلي فلماذا البحث عن تعيين قاضٍ ثانٍ «رديف» كي يتابع البحث في القضية؟ والمصيبة ان المحقق العدلي لم يقدّم حتى الآن أي تقرير..
هناك ولا شك… أهل يريدون معرفة ما حدث ولماذا قتل أبناؤهم ومَن الذي تسبّب بقتل هؤلاء؟ وهذا حق من حقوقهم، ولكن هناك عدد كبير من الموقوفين لا يزالون في السجن منذ الحادث ولا أحد يتجرّأ أن يتهمهم أو أن يبرئهم.
كذلك فإنّ هناك عدداً من الجرائم ارتكبت بعد حادثة التفجير وهي:
1- المصوّر الصحافي جوزيف بجاني الذي قتل وهو خارج من منزله في الساعة 6 صباحاً في بلدته الكحالة.
2- مقتل العقيد في الجمارك منير أبو رجيلي حين عثر عليه مصاباً بضربة في الرأس قرب منزله في منطقة قرطبا.
3- مقتل العقيد جوزيف سكاف وقيل إنه لم يمت ميتة طبيعية بل رُمي به عن ارتفاع ثلاثة أمتار.
كل هؤلاء يجمعهم شيء واحد هو علاقتهم بجريمة المرفأ بشكل أو بآخر.
في النهاية، هذه القضية لن تكون لها خاتمة، لأنّ الحقيقة إذا ظهرت فإنها ستقلب الدنيا رأساً على عقب.
إنّ الذي فعلها لا يتجرّأ على الاعتراف لأنها جريمة ضد الانسانية يعاقب عليها المجتمع الدولي، وإنّ الذي تسبّب بها لا يتجرّأ أيضاً على الاعتراف، لأنّ الثمن سيكون أكبر من أن يتحمّل نتائجه…