الملف الرئاسي: مشاورات ولا اختراقات .. واشنطن تستعجل الرئيس والاصلاحات
لم يحد المشهد الرئاسي القائم، قيد انملة عن حقل التعقيدات العالق فيه، ولا تشي الاجواء المرتبطة به الى اختراقات ممكنة في جدار التعطيل، ما يبقي الجلسة الانتخابية المقبلة معلقة على حبل الفشل. بما يؤكد ان مجلس النواب امام اخفاق ثامن في انتخاب الرئيس، يتنافس فيه النائب ميشال معوض مع الاوراق البيضاء.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سبق له ان حذر من تحول الجلسات الانتخابية في مجلس النواب الى مسرحية وهو ما اكده مسلسل الجلسات الفاشلة. واجواؤه ربطا بمجريات تلك الجلسات تعكس ضيقا من المراوحة في جلسات انتخابية مملة وغير منتجة وتكرر الفشل وتضيع الوقت من دون اي طائل. وهذا ما قد يدفع برئيس المجلس الى وقف هذا المسلسل، والاستعاضة عنه بعقد جلسات انتخابية متباعدة، لعل ذلك يفسح في المجال لاجراء اتصالات ومشاورات،
واكدت مصادر سياسية موثوقة لـ”الجمهورية” ان الاتصالات الداخلية شبه مجمّدة، حيث لم تبد مكونات الانقسام الداخلي ايّ رغبة في فتح قنوات التواصل، بل هي مقيّدة نفسها في منحى التصعيد والتوتير السياسي، ربما في انتظار بروز معطيات ورياح خارجية تهب على الملف الرئاسي.
ولفتت الى ان الرئيس بري وعلى الرغم من تعليقه لمبادرته الحوارية، اكد انه لن يبقى مكتوف اليدين حيال الازمة الرئاسية، ومن هنا جاءت فكرة المشاورات الثنائية، الا ان المسعى المنتظر من قبل الرئيس بري لم يتبلور بصورته النهائية بعد، فالهدف الاساس لأي خطوة يقوم بها هو تعبيد الطريق الى انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق فللرئيس بري مقولة دائمة مفادها ان يدا واحدة لا تصفق. وهو تبعا لذلك لن يقدم على أي خطوة يكون مصيرها الدوران في الحلقة المفرغة، بل ان ما سيبادر اليه سيخبّر عن نفسه بنفسه، حيث تحدّد اوانه الظروف الملائمة له، وهي لا تبدو متوفرة حتى الآن.
وبحسب متابعين للمشهد الرئاسي، فإنّ صورة المواقف الداخلية تعكس انسدادا كاملا، حيث ان المصنفين في خانة المعارضة، لم يتمكنوا من تجميع صفوفهم والالتفاف حول من يسمونه مرشّحا سياديا، والجبهة الداعمة لترشيح النائب ميشال معوض تعاني التصدّع، وهو الامر الذي يبقي النسبة التي ينالها في حدود الاربعين صوتا، ويهدد بانخفاضها اكثر، والواضح في هذا السياق الافتراق الكامل بين القوات اللبنانية وغالبية النواب التغييريين.
واما في الجهة المقابلة، فإن ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله”، لم يتمكنا بعد من حشد الدعم لمرشحهما، وفي هذا الاطار، اكدت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” ان مشاورات “حزب الله” مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل دارت في حلقة مفرغة نتيجة التصلب الذي يبديه باسيل حيال المرشح المدعوم من الحزب، ورغم ذلك فإنّ الحزب لم يغلق باب التواصل والتشاور مع باسيل، فالتواصل مستمر بعيدا عن الضوء، علما ان الحزب يقرّ بوجود صعوبات جدية في هذه المهمة، إلا انّه لا يرى ان الباب مقفل على امكان حدوث اختراق في اي وقت.
الى ذلك، وفيما أكد مرجع مسؤول لـ”الجمهورية” أنّه ما يزال على تفاؤله في امكان حسم الملف الرئاسي في المدى القريب، مشيرا الى ما سماها “اتصالات جدية جدا” تجري على مستوى الداخل، متواكبة مع قنوات ديبلوماسية مفتوحة في اكثر من اتجاه خارجي، والفرنسيون متحمّسون لانضاج انتخابات رئاسية توافقية، وخلافا لما يتردد داخليا، لا “فيتو” على أي من المرشحين.
الى ذلك، عكست زيارة وفد الكونغرس الاميركي الى بيروت، تأكيدا متجددا من الولايات المتحدة الاميركية على وجوب اتمام لبنان لاستحقاقاته الدستورية وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية.
وبحسب معلومات “الجمهورية” فإن الوفد اكد خلال لقاءاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين، الموقف الاميركي لناحية الحرص على استقرار لبنان، والدعم لمؤسساته الامنية وفي مقدمها الجيش اللبناني. ونظر بايجابية بالغة الى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسارائيل.
وتضيف المعلومات، لا يوافق المرجع على ما قيل عن ان شهر كانون الاول المقبل، هو شهر ميّت رئاسيا، ربطا بعطلتي الميلاد ورأس السنة، ويقول: لا توجد أيّ عطلة، حيث ان كل الاحتمالات ممكنة، والتسوية الرئاسية واردة في اي لحظة، ولبنان بلد المفاجآت ومن ضمنها اننا قد ننام على سلبيات، ونستيقظ على انتخاب رئيس.
ان الوفد الاميركي اعرب عن التضامن مع الشعب اللبناني، مشددا على اهمية تعجيل اللبنانيين في انتخاب رئيس للجمهورية يحقق تطلعات اللبنانيين، مشددا على النواب انجاز هذا الامر في اسرع وقت ممكن”.
كما اكد على تأليف حكومة جديدة، تبادر سريعا في اتخاذ الخطوات الانقاذية والاصلاحية، وانفاذ متطلبات صندوق النقد الدولي، باعتبارها السبيل الى اخراج لبنان من ازمته.لافتا الى ان هناك تحديات كثيرة سيشهدها العام 2023 عالميا ومنها ما يتعلق بالأمن الغذائي وتأمين المساعدات من الولايات المتحدة للدول الصديقة، لذا يتوجب على المشرعين والسياسيين اللبنانيين بذل جهود كثيرة لوضع لبنان على سكة التعافي التي لا تتم من دون محاربة الفساد واقرار القوانين المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي”.
من جهة اخرى، أشار النائب السابق في حزب القوات اللبنانية جوزف اسحق في حديث مع جريدة الأنباء الالكترونية، الى أن لا جديد في هذا الملف لأن الفريق الآخر لا يتعاطى مع هذا الاستحقاق بجدية، فكل واحد منهم يتلهّى بنفسه وهذا أمر مخيف وحزين في الوقت نفسه.
وتوقّع الإبقاء على حال المراوحة تلك الى أن يلهم الله الفريق المعطّل لتغيير موقفه والذهاب لانتخاب الرئيس فوراً بدل انتظار المؤامرات الخارجية على لبنان ليتقاضوا ثمناً معيناً من إيران، لافتا الى المساعي التي يبذلها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في هذا الصدد والضغط في كل الاتجاهات لإنجاز هذا الاستحقاق لأنه يرى أن عدم انتخاب رئيس جمهورية وعدم انتظام عمل المؤسسات سيبقي لبنان ضمن دائرة الخطر.
وأكد اسحق أن تكتل الجمهورية القوية مستمر بدعم النائب ميشال معوض لانه الشخص المهيّأ لإخراج لبنان من عزلته وانفتاحه على كافة دول العالم بالاضافة الى التزامه بالملفين الاقتصادي والاصلاحي، وأن التكتل في الوقت نفسه مع أي شخص آخر يحمل نفس المواصفات.
واستبعد اسحق قيام أي تحالف جديد بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، معتبراً أنه لا يمكن تكرار ما حصل في العام ٢٠١٦. وعن ارتفاع أسهم الوزير السابق سليمان فرنجية، قال: “لغاية الآن لم يتبن أي فريق ترشيحه وما يزال هذا الفريق يعتمد الورقة البيضاء أما نحن كقوات لبنانية لن نؤيده لأنه متحالف مع حزب الله وبالمقابل فان ما يصدر من كلام بموضوع قائد الجيش العماد جوزاف عون يبقى من نسج الخيال، فهو غير مرشح وكل كلام عن ترشيحه لا يزال مجرد كلام”.